طرح معرض الشارقة الدولي للكتاب 2025 سؤالاً جوهرياً: من يملك الإبداع في زمن الذكاء الاصطناعي؟ خلال ورشة قدمها الدكتور محمد الكمالي، تم استعراض التحديات القانونية والأخلاقية للأعمال المنتجة آلياً، مع التأكيد على الحاجة إلى أطر حديثة تحمي حقوق المؤلفين وتواكب التطور التقني.
الشارقة 24:
في ظل التحولات المتسارعة التي يشهدها العالم الرقمي، طرح معرض الشارقة الدولي للكتاب 2025 تساؤلاً جوهرية حول مستقبل الإبداع وحقوق الملكية الفكرية في زمن الذكاء الاصطناعي، خلال ورشة عمل متخصصة بعنوان "حقوق المؤلف في عصر الذكاء الاصطناعي"، قدّمها الدكتور محمد محمود الكمالي، عضو مجلس إدارة جمعية الإمارات لإدارة حقوق النسخ.
الورشة جمعت عدداً من الكتّاب والناشرين والمبدعين، وقدمت قراءة شاملة للتحديات القانونية والأخلاقية التي تواجه صناعة المحتوى في زمن تتداخل فيه خوارزميات التقنية مع إبداع الإنسان.
من يملك الإبداع؟
استهل الدكتور الكمالي الورشة بسؤال محوري شغل عقول الحاضرين: "من يملك الحق في العمل المولّد بالذكاء الاصطناعي؟"، موضحاً أن الملكية الفكرية لا تُمنح إلا للإبداع الإنساني، إذ لا يمكن اعتبار الإنتاج الآلي عملاً أصيلاً بالمعنى القانوني، ما يخلق فجوة بين حرية الابتكار وحماية حقوق المؤلفين.
وأكد الدكتور محمد الكمالي: "الابتكار الناتج عن الآلة يثير إشكالية معقّدة، فالنظام يستقي معرفته من أعمال بشرية أصلية محمية بحقوق النسخ، ما يجعل أي محتوى جديد يولّده محاطاً بتساؤلات أخلاقية وقانونية حول نسبته ومصدره".
الذكاء الاصطناعي بين الإبداع والاقتباس
وتطرق الكمالي إلى التطور التاريخي للذكاء الاصطناعي، وخاصة القائم على التعلم العميق، مشيراً إلى أن هذه الأنظمة تتغذى على ملايين النصوص والصور، وتعيد إنتاج أنماط فنية وأدبية جديدة، كما حدث في لوحة الفضاء "Théâtre D’opéra Spatial" التي فازت بمسابقة فنية.
وأوضح أن هذه الحالة تسلط الضوء على هشاشة الحدود بين الإبداع البشري والإبداع الآلي، مؤكداً أن الحفاظ على الأصالة بات التحدي الأكبر في زمن التقنية المفتوحة.
التحديات القانونية والحقوق الفكرية
أكد الكمالي أن القوانين التقليدية مثل قانون حقوق المؤلف الإماراتي رقم 38 لسنة 2021 واتفاقية برن الدولية، لا تزال تشترط أن يكون المؤلف شخصاً طبيعياً، مما يترك الأعمال المنتجة آلياً خارج نطاق الحماية القانونية، وأضاف: "معيار الأصالة والتدخل البشري عنصر جوهري في منح الحقوق، لذلك يتجه العالم نحو تطوير تعريفات جديدة للمؤلف والمصنف الفني".
الحاجة إلى أطر جديدة
وأشار الكمالي إلى ضرورة إيجاد توازن بين تشجيع الابتكار التقني وصون حقوق المبدعين، مؤكداً أن المستقبل يتطلب تحديث القوانين بما يتناسب مع التطورات الرقمية، مع وضع ضوابط واضحة تضمن أن يستفيد المؤلفون من أعمالهم، دون أن تُقيّد حرية التطور التكنولوجي.
كما لفت إلى أن التحديات تمتد إلى المسؤولية القانونية والجنائية، مستشهداً بدعاوى قضائية في الولايات المتحدة ضد شركات ذكاء اصطناعي على خلفية الأضرار الناتجة عن الاستخدام الخاطئ لتقنياتها.
حلول قانونية وتقنية لحماية المبدعين
وشدد الكمالي على أهمية الحلول التقنية في حماية الملكية الفكرية، مثل البصمة الرقمية لتتبع النسخ، واستخدام أدوات الكشف عن الانتحال مثل Plagscan وTurnitin، إضافة إلى أنظمة إدارة الحقوق الرقمية (DRM) التي تمنع التعديل أو النسخ أو النشر دون إذن.
كما أكد على الدور المحوري الذي تؤديه جمعية الإمارات لإدارة حقوق النسخ (ERRA) في تمثيل المؤلفين، وتحصيل العوائد نيابة عنهم، وتنظيم التراخيص للمؤسسات المستخدمة للمحتوى.
واختتم الكمالي الورشة بالتأكيد على أن الذكاء الاصطناعي لا يلغي الإبداع البشري، بل يضاعف الحاجة إلى حمايته، مشيراً إلى أن التحدي الحقيقي اليوم ليس في مواجهة التقنية، بل في صياغة منظومة قانونية وأخلاقية تواكب تطورها، وتضمن استدامة الإبداع الإنساني.