في جلسة حوارية بعنوان "إشكاليات الترجمة عبر لغات وسيطة"، نُظمت ضمن فعاليات الدورة الـ 44 من معرض الشارقة الدولي للكتاب، أوضح عدد من المترجمين المشاركين في النقاش، أن الترجمة لا تقتصر على نقل النصوص بين اللغات، بل تمثل فعلاً ثقافياً مركّباً يجمع بين العلم والفن، ويجسّد تفاعل الحضارات وتطور الفكر الإنساني عبر العصور.
الشارقة 24:
أجمع عدد من المترجمين المشاركين في جلسة حوارية بعنوان "إشكاليات الترجمة عبر لغات وسيطة"، ضمن فعاليات الدورة الـ 44 من معرض الشارقة الدولي للكتاب، أن الترجمة لا تقتصر على نقل النصوص بين اللغات، بل تمثل فعلاً ثقافياً مركّباً يجمع بين العلم والفن، ويجسّد تفاعل الحضارات وتطور الفكر الإنساني عبر العصور.
استهلت الجلسة الكاتبة والمترجمة ساركا هاكينوفا، من دار النشر التشيكية «أكاديميا» في براغ، والفائزة بـ جائزة ترجمان 2025، بالتأكيد على أهمية الترجمة في بناء الجسور بين الثقافات، مشيرة إلى أن الدار، التي تأسست في خمسينيات القرن الماضي، ستواصل توسيع مشاريعها وتنويع أعمالها بعد الفوز بالجائزة، قائلة: «نسعى إلى الوصول إلى قرّاء جدد من خلال الكتب الصوتية والمبادرات الرقمية، مع التركيز على الأدب العربي المعاصر الذي يفتح آفاقاً جديدة للحوار بين الثقافات».
ومن جانبها، تناولت إيزابيلا كاميرا دافليتو، عميدة المترجمين في إيطاليا، الإشكاليات المرتبطة بالترجمة غير المباشرة عبر لغة وسيطة، موضحة أن هذا الأسلوب كثيراً ما يؤدي إلى فقدان الدقة وانحراف المعنى الأصلي، قائلة: «حين يُعاد نقل النص عن ترجمة سابقة، غالباً ما تتكرر الأخطاء وتُفقد روح العمل». وأضافت أن بعض دور النشر لا تزال ترتكب أخطاء في ترجمة العناوين من العربية، مؤكدة أن «الترجمة من النص الأصلي هي الضمانة الحقيقية للحفاظ على جوهر الإبداع».
أما البروفيسور لويس ميغيل كانيادا، أستاذ مدرسة طليطلة للمترجمين في إسبانيا، فأوضح أن الترجمة عبر لغة وسيطة شائعة في الأوساط الأكاديمية، وإن كانت أقل حضوراً في البحوث العلمية، مشيراً إلى أنها «قد تكون مفيدة أحياناً للتقريب بين الثقافات، رغم ما قد تسببه من انحرافات دلالية أو أسلوبية طفيفة». وأضاف: «في الشعر تحديداً، يظهر الفارق جلياً، لأن اللغة الوسيطة تفقد النص شيئاً من نغمته الأصلية وروحه الثقافية».
من جهته، أكد البروفيسور صبحي البستاني، الأستاذ في معهد اللغات الشرقية بباريس، أن الترجمة «عملية تواصل بين ثقافتين تتطلب وعياً لغوياً ومعرفياً»، مشدداً على أن النصوص الأدبية تحتاج إلى نقل يحافظ على أصالتها الفنية، بينما تُعنى الترجمات العلمية بنقل المعلومة بدقة ووضوح. وقال: «الترجمة ليست نقلاً آلياً، بل فعل إبداعي يسهم في تطور اللغة والفكر، وهي من أبرز أدوات التلاقح الحضاري».
واختتم البستاني بالتأكيد على أن جائزة ترجمان تمثل نموذجاً رائداً لدعم الترجمة الرصينة وتشجيع المترجمين على الالتزام بالمعايير الأكاديمية والجمالية، معتبراً أن الحفاظ على أصالة النص هو المعيار الحقيقي لنجاح أي عمل مترجم.