جار التحميل...

mosque
partly-cloudy
°C,
الكتاب لا يُغلق أبداً

قرّاء مهرجان الشارقة الدولي للكتاب يروون مصير كتبهم بعد القراءة

12 نوفمبر 2025 / 7:26 PM
قرّاء مهرجان الشارقة الدولي للكتاب يروون مصير كتبهم بعد القراءة
download-img
أجاب قرّاء مهرجان الشارقة الدولي للكتاب؛ على تساؤل عميق طرحه عليهم المهرجان حول مصير الكتاب بعد أن يُقرأ، مؤكدين أن الكتاب لا ينتهي دوره عند إغلاق غلافه الأخير، بل تبدأ رحلة جديدة في ذاكرة قارئه أو على رف ينتظر من يفتحه من جديد، وكشفت الإجابات عن علاقةٍ حيّة تربط الإنسان بالكتاب، وتؤكد أن الورق لا يشيخ ما دام في يدٍ تعرف قيمته.
الشارقة 24:
 
في فضاء تغمره رائحة الورق وصوت الصفحات وهي تقلب، يطرح معرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته الرابعة والأربعين، التي تقام تحت شعار "بينك وبين الكتاب"، تساؤلاً عميقاً حول مصير الكتاب بعد أن يُقرأ، فالكتاب لا ينتهي دوره عند إغلاق غلافه الأخير، بل تبدأ رحلة جديدة في ذاكرة قارئه أو على رف ينتظر من يفتحه من جديد، وفي أروقة المعرض، حيث تتقاطع الحكايات وتتشابك التجارب، تنوعت الإجابات كما تتنوع الأغلفة، لتكشف عن علاقةٍ حيّة تربط الإنسان بالكتاب، وتؤكد أن الورق لا يشيخ ما دام في يدٍ تعرف قيمته.
 
ومن بين من التقيناهم الدكتور محمد الأمين الذي يرى أن علاقة القارئ بالكتاب أعمق من فعل القراءة ذاته، إذ يقول:"علاقتي بالكتاب ليست علاقة قارئ بمصدر معرفة، بل علاقة إنسانٍ بامتداد روحه في الورق، حين أنتهي من القراءة لا أشعر أن الرحلة اكتملت، بل تبدأ مرحلة أخرى من التأمل والمراجعة واستحضار الأسئلة التي تركها النص في داخلي، الكتاب عندي ليس سلعة تشترى وتستهلك، بل كائنٌ يرافقني ويفتح لي نوافذ جديدة على ذاتي والعالم، لذلك أحتفظ بكل كتاب أقتنيه، لأن كل واحد منها جزء من ذاكرتي الفكرية والعاطفية، بعض الكتب أعود إليها كما أعود إلى الأصدقاء القدامى؛ أفتح صفحاتها لأطمئن أن في داخلي ما يزال شيء من الدهشة الأولى، أما الكتب الأدبية فهي ملاذي الدائم، أقرأها كلما احتجت إلى دفء اللغة ونقاء المعنى، أؤمن أن الكتاب لا يُقرأ مرة واحدة، بل يعيش معنا، ويكبر كلما ازددنا نضجا وفهما للحياة".
 
أما الباحثة أحلام الحوسني فترى أن الكتاب بالنسبة لها ليس غرضاً مؤقتاً، بل صديقاً يرافقها في لحظات التأمل والاختيار، وتقول:"الكتاب عندي مثل نافذة تُطل على مراحل حياتي، أحتفظ به لأني أرى فيه أثر أيامي القديمة، أكتب في هوامشه ما أشعر به أثناء القراءة، كأنني أدوّن حديثاً سرياً بيني وبينه، هناك كتب أعادت ترتيب أفكاري، ودفعتني إلى اتخاذ قراراتٍ لم أكن أتخيلها، لذلك لا أعتبرها ممتلكاتٍ مادية بل علاماتٍ في طريقي، أحياناً أعيد قراءة كتاب بعد سنوات، فأجد أن النص تغيّر لأنني أنا التي تغيّرت، لهذا أحتفظ بكتبي كما يحتفظ المرء بصورٍ من حياته، وإن رأيت أن أحد الكتب يجب أن يواصل رحلته، أهديه إلى قارئٍ آخر، ليكمل حكايته معه".
 
وترى الإعلامية سمر الحمودي أن علاقتها بالكتاب تتجاوز فعل القراءة إلى حوارٍ متجدد مع الذات، فتقول: "الكتاب بالنسبة لي مرآة أرى فيها نفسي تتبدل مع كل قراءة، هناك كتب تشعل فيّ رغبة الاكتشاف، وأخرى تعيدني إلى لحظاتٍ نسيتها، فأقرأها وكأنها تذكّرني بمن كنت، أضع إشارات على الصفحات التي تلامسني، ثم أعود إليها بعد زمن لأجد أن المعنى تغيّر كما تغيّرت أنا، أحب تبادل الكتب مع صديقاتي، فكل واحدةٍ تترك أثرها في الهوامش كأنها تهمس لي من بين السطور، ولكل كتاب رائحته التي تميزه ولمسته التي تشبه صاحبه؛ بعض الكتب تفوح برائحة الورق العتيق كذكرياتٍ دافئة، وأخرى تلمع كأنها وُلدت لتوها من فكرة جديدة، أما الكتب التي ترافقني طويلا، فأحتفظ بها في مكتبتي كأنها ذاكرة ثانية تذكّرني أن القراءة ليست هوايةً، بل حياة تعاش، وأن الكتاب لا يشيخ ما دام بين يدي قارئ يحبّه".
 
وهكذا، بين من يحتفظ ومن يُهدي ومن يعيد القراءة، تتفق الأصوات المختلفة على أن الكتاب لا يستهلك، بل يعاش، وأن الرحلة لا تنتهي عند آخر صفحة، بل تمتد في الذاكرة والروح، ففي أروقة معرض الشارقة الدولي للكتاب، بدا الزوار وكأنهم لا يشترون كتبا فحسب، بل يشترون ما يشبههم، ذاكرة وفكرة وامتدادا للحياة.
November 12, 2025 / 7:26 PM

أخبار ذات صلة

Rotate For an optimal experience, please
rotate your device to portrait mode.