جار التحميل...
الشارقة 24:
اختتمت وزارة التغير المناخي والبيئة مشاركتها النوعية في الدورة الأحدث من "المنتدى الدولي للاتصال الحكومي"، الذي عُقد في مركز إكسبو الشارقة على مدار يومي 10 و11 سبتمبر.
وقدمت الوزارة من خلال نخبة من مسؤوليها وخبرائها رؤية دولة الإمارات الاستراتيجية والمتكاملة لتعزيز الأمن الغذائي الوطني المستدان وتحقيق والاستدامة بمفهومها الشامل في كل المجالات، مؤكدةً أن تمكين الشباب، وتبني التكنولوجيا المتقدمة، وتفعيل الاتصال المجتمعي هي الركائز الأساسية لبناء مستقبل مستدام ومزدهر.
وجاءت مشاركة الوزارة ضمن فعاليات المنتدى الذي شهد هذا العام حضوراً عالمياً لافتاً بمشاركة 237 متحدثاً قدموا أكثر من 110 فعاليات ضمن 5 محاور رئيسية شملت الأمن الغذائي، والصحة العامة، والتعليم، والاستدامة البيئية، والاقتصاد الأخضر.
وقد عكست جلسات مسؤولي الوزارة تركيزاً عميقاً على هذه المحاور، مستعرضين المبادرات والسياسات الوطنية التي تضع الإمارات في طليعة الدول الساعية لتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية وحماية البيئة.
خلال جلسة بعنوان "إسهامات الشباب في دعم جودة الحياة وتعزيز الأمن الغذائي"، أكد سعادة الدكتور محمد سلمان الحمادي، وكيل الوزارة المساعد لقطاع التنوع الغذائي بوزارة التغير المناخي والبيئة، أن دولة الإمارات حولت تحديات المناخ والبيئة الصحراوية إلى فرصة استراتيجية رائدة.
وأشار إلى أن هذا التحول الجذري يرتكز على تبني تكنولوجيا الزراعة الحديثة، كالمزارع العمودية التي تحد من استهلاك المياه بأكثر من 90% وتتجنب تأثيرات الحرارة العالية، لافتاً إلى أن الإمارات اليوم تحتضن عدداً من أكبر هذه المزارع وأكثرها تطوراً في العالم.
وشدد الحمادي على أن استراتيجية الوزارة تضع تمكين الشباب في صميم أولوياتها، ليس فقط لتدريبهم بل لإلهامهم ليصبحوا قادة ومحركاً رئيسياً لتعزيز الأمن الغذائي.
واستعرض سعادته مبادرات وطنية فارقة مثل برنامج "ازرع الإمارات" الذي أطلقته دولة الإمارات بهدف تمكين المزارعين المواطنين والمزارع المحلية من إنتاج المحاصيل، وتعزيز الزراعة المنزلية وإشراك الشباب، بالإضافة إلى برنامج "مستديم" الذي أطلقتها الوزارة بهدف إعداد قادة المستقبل في القطاع بالتعاون مع شركاء استراتيجيين، بجانب تدشين "مجلس شباب الإمارات للزراعة" خلال "المؤتمر والمعرض الزراعي الإماراتي" لإعطاء الشباب صوتاً مؤثراً في رسم مستقبل القطاع.
من جانبها، استعرضت سعادة هبة عبيد الشحي، الوكيل المساعد لقطاع التنوع البيولوجي والأحياء المائية بالوكالة في وزارة التغير المناخي والبيئة، الرؤية الاتحادية الطموحة لإدارة الموارد البحرية، مؤكدةً أنها لم تعد ترتكز على مفهوم "الحماية" فقط، بل انتقلت إلى مرحلة "الاستدامة والازدهار".
وأوضحت أن هذه الرؤية تترجم عبر استراتيجيات واضحة مثل "الاستراتيجية الوطنية للتنوع البيولوجي 2031"، التي تهدف لزيادة مساحة المحميات البحرية، بالإضافة إلى برامج رائدة كزراعة 100 مليون شجرة قرم بحلول عام 2030 وإطلاق أكبر مشروع لإعادة تأهيل الشعاب المرجانية في المنطقة يضم أكثر من مليون مستعمرة مرجانية.
وركزت الشحي على أن نجاح هذه الخطط مرهون بفعالية الاتصال المجتمعي الذي يهدف إلى بناء شراكة حقيقية مع فئات المجتمع وليس فقط توعيتهم. وأشارت إلى أن نهج الوزارة يقوم على "ترجمة العلم إلى سلوك" عبر تبسيط المفاهيم العلمية المعقدة وتحويلها إلى رسائل يومية وممارسات ملموسة.
دعت سعادة هبة الشحي، إلى مبادرة مستقبلية طموحة وصفتها بأنها بمثابة "شراكة مجتمعية متكاملة من أجل البحر". وأوضحت أن هذه المبادرة يمكن أن تكون بمثابة ميثاق وطني يبدأ من القاعدة ويصل إلى قلب المجتمع، حيث يجلس جميع الأطراف معاً، من الجهات التنظيمية والصيادين والشباب والعلماء والأكاديميين والقطاع الخاص، لصياغة المبادئ الأساسية للتعامل المستدام مع البحر وتحديد مسؤوليات كل طرف.
وأكدت الشحي أن هذا الميثاق المجتمعي هو البوصلة التي توجه القرارات والتشريعات المستقبلية، مما يضمن أن تكون السياسات انعكاساً حقيقياً لإرادة المجتمع وقناعاته. واختتمت بأن هذه المبادرة ستحول الجميع من مجرد مستفيدين من البحر إلى حراس له، وتجعل استدامة البيئة البحرية جزءاً لا يتجزأ من الهوية الوطنية وجودة الحياة للأجيال القادمة.
وفي جلسة بعنوان "تمكين المجتمعات البحرية وتطوير المشاريع السمكية: تكامل الاتصال الحكومي والمعرفة الأكاديمية"، سلط الدكتور إبراهيم عبد الله الجمالي، مدير إدارة استدامة الثروة السمكية بوزارة التغير المناخي والبيئة، الضوء على "الإطار الوطني لاستدامة الثروة السمكية (2019-2030)" باعتباره التزاماً ببناء قطاع صيد مستدام بيئياً وقابل للاستمرار اقتصادياً.
وأوضح أن الإطار يقوم على ركائز متكاملة تشمل إدارة المصايد بحكمة عبر تنظيم أدوات ومواسم الصيد، وحماية النظم البيئية البحرية كغابات القرم والشعاب المرجانية، وتشجيع الاستثمار في الاستزراع السمكي كقطاع واعد للمستقبل.
وأكد الجمالي أن كل قرار تتخذه الوزارة يرتكز على أساس متين من العلم والمعرفة، حيث يمثل البحث العلمي والرصد العمود الفقري لنهج الإدارة. وأشار إلى أن الوزارة تنفذ مسوحات سمكية شاملة ودراسات اجتماعية واقتصادية للصيادين، وتصب بياناتها في قاعدة بيانات وطنية متكاملة تمكّن من اتخاذ قرارات مستنيرة.
وشدد على أن الهدف الأسمى من كل هذه الجهود هو تمكين الصياد عبر برامج الدعم المباشر وتطوير الموانئ وتعزيز دور الجمعيات التعاونية، لضمان أن يظل البحر مصدراً للخير والرخاء للأجيال القادمة.
بدورها، وفي جلسة حول "الاتصال الحكومي كأداة لتمكين المجتمعات من مواجهة الأزمات الغذائية"، أوضحت هاجر بخيت الكتبي، مدير إدارة الاتصال الحكومي بوزارة التغير المناخي والبيئة فلسفة الوزارة في الاتصال، أن تغيير السلوك لا يتحقق فقط بتقديم المعلومة المنطقية، بل بخلق ارتباط عميق بقناعات المتلقي وثقافته. وأشارت إلى أن نهج الوزارة يهدف إلى تفعيل منظومة القيم الموجودة لدى المجتمع أصلاً، وليس فقط "إقناع" الجمهور.
واستعرضت الكتبي كيف تستلهم الوزارة رسائلها من إرث الوالد المؤسس المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "طيب الله ثراه"، ومقولته الخالدة: "أعطوني زراعة.. أضمن لكم حضارة"، لربط الزراعة بمفهوم أسمى وهو الهوية والتقدم الحضاري. وضربت مثالاً بالمبادرة الوطنية للحد من فقد وهدر الغذاء "نعمة"، حيث أن اسم المبادرة وحده رسالة اتصال قوية تلامس القيم الثقافية والدينية في الحفاظ على النعمة، مما يحول حملات التوعية من مجرد رسائل حكومية إلى حوار وطني يشعر فيه كل فرد بأنه شريك أساسي في تحقيق رؤية الدولة.
كما أشارت الكتبي إلى أن شعار "يوم البيئة الوطني" لهذا العام "جذورنا أساس مستقبلنا" مثال بارز يلخص فلسفة الوزارة في الاتصال. فهذه الفلسفة لا تطلب من الناس تبني سلوكيات جديدة، بل تدعوهم لإعادة اكتشاف قيمهم الأصيلة القائمة على احترام الموارد وتقدير النعمة وعدم الإسراف.
وأكدت أن تشجيع استهلاك المنتج المحلي من الغذاء هو ركيزة للرسائل الإعلامية للوزارة، ولا يرتكز على دعم الاقتصاد فقط، بل على تعزيز "الفخر بمنتجات أرضنا التي هي جزء من هويتنا"، ودعم المزارعين كجزء من النسيج الاجتماعي. وهو ما تم التركيز عليه خلال "المؤتمر والمعرض الزراعي الإماراتي" بتوجيه المجتمع لجعل المنتجات المحلية على رأس أولويات التسوق الغذائي.
وتعكس هذه المشاركة الفاعلة لوزارة التغير المناخي والبيئة في المنتدى التزامها الراسخ بتعزيز الحوار المجتمعي وابتكار قنوات اتصال مؤثرة كأدوات أساسية لتحقيق رؤية الإمارات في بناء مستقبل مستدام وآمن غذائياً.