جار التحميل...
الشارقة 24:
من ساحات النزاعات إلى أعماق الحياة البرية، خاض المصور الهندي والناشط الإنساني نيتين مادهاف، رحلة استثنائية، جعلت من التصوير وسيلته لرؤية العالم والتواصل مع البشر بعمق أكبر.
ورغم فقدانه ساقه خلال عمله الإنساني في رواندا، لم يفقد شغفه بالكاميرا، بل جعل منها أداة لتوثيق قصص الحياة بحس إنساني واحترام للثقافات.
جاء ذلك، خلال جلسة حوارية استضافتها منصة "X" ضمن فعاليات الدورة التاسعة من المهرجان الدولي للتصوير "اكسبوجر 2025"، الذي ينظمه المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة حالياً في الجادة، حيث تحدث مادهاف مع المصور لارس بورينج عن تجربته التي جمعت بين العمل الإنساني والتصوير، متناولاً تطور أسلوبه الفوتوغرافي، وأهمية التصوير الأخلاقي، وقصة نجاته من الموت التي غيّرت نظرته للعالم.
وأكد مادهاف، أنه ناشط في المجال الإنساني، حيث يرى في تقديم المساعدات جوهر رسالته، لكنه وجد في التصوير الفوتوغرافي أيضاً وسيلة لتوثيق العالم من حوله بطريقة أكثر إنسانية، وأوضح أن الجمع بين المجالين منحه تجربة مهنية مليئة بالشغف والتأثير العميق، وأضاف أن علاقته بالكاميرا بدأت منذ الصغر، حيث تأثر بوالدته التي كانت شغوفة بالتصوير، فضلاً عن امتلاك جده متجراً لبيع الكاميرات، ما جعله يكتشف في وقت مبكر قوة الصورة في نقل القصص والمشاعر.
واعترف مادهاف، بأن بداياته في التصوير لم تكن واعية لحساسية بعض المجتمعات تجاه الكاميرا، حيث بدأ عمله في باكستان ومخيمات اللاجئين بأفغانستان، وكان يلتقط الصور دون أن يدرك أهمية طلب الإذن، ومع مرور الوقت، تعلم احترام التقاليد والعادات المحلية، خاصة فيما يتعلق بتصوير النساء والأطفال، مشدداً على أهمية التصوير الأخلاقي في تقديم صور تعكس الواقع دون انتهاك خصوصية الأفراد.
ورغم أنه لم يتلقَّ تدريباً أكاديمياً في التصوير، فإن شغفه دفعه إلى تطوير مهاراته ذاتياً من خلال التجربة والممارسة، بالإضافة إلى متابعة دروس متخصصة عبر الإنترنت، وأشار إلى أن أحد التحولات الكبيرة في أسلوبه جاء عندما تعلّم أهمية التركيز على العيون في الصور، وهو تفصيل بسيط كان له أثر كبير في رفع جودة أعماله.
وكشف مادهاف، عن استراتيجيته الخاصة في تصوير الوجوه، حيث يعتمد على بناء علاقة ودية مع الأشخاص قبل التقاط صورهم، قائلاً: "أبقي الكاميرا ظاهرة، أبتسم لهم، ألقي مزحة، وأحاول التحدث ببضع كلمات من لغتهم، ودائماً ما أنطقها بشكل خاطئ، مما يجعلهم يضحكون، وعندها أطلب الإذن لالتقاط الصورة".
رغم بدايته في توثيق القصص الإنسانية، وجد مادهاف نفسه مع مرور الوقت ينجذب إلى الحياة البرية، حيث قضى فترة الإغلاق أثناء جائحة كورونا في محمية سيرينجيتي، مراقباً الأسود والفهود والفيلة، وأوضح أنه على الرغم من استخدامه عدسات طويلة المدى، فإنه يفضل الاقتراب قدر المستطاع من موضوع الصورة، سواء يتعلق إنسان أو حيوان في عمق الغابة.
في ختام الجلسة، روى مادهاف، واحدة من أصعب تجاربه، عندما فقد ساقه خلال مهمة إنسانية في رواندا عام 1997، ونوه إلى أنه كان يعمل مع منظمة "أطباء العالم" بعد انتهاء الإبادة الجماعية، وعندما اندلع تبادل كثيف لإطلاق النار في قرية "ريفيراري"، اقتحم مسلحون المجمع الذي كان فيه وفتحوا النار، وتابع السبب الوحيد لبقائي على قيد الحياة هو أن أجساد زملائي كانت فوقي، مما حماني من الرصاص، وأضاف أنه رغم فقدانه ساقه، فإنه لا يسمح لهذه التجربة بأن تعرّف من يكون، مؤكداً أن شغفه بالتصوير والحياة لم يتغير.