جار التحميل...
تطويع البيئة لحاجات الإنسان أخذ العديد من الأشكال والصور في الماضي، حتى صار الحديث عن بعض صورها اليوم ضرباً من الخيال في ظل تطور جميع وسائل الحياة، وازدهار الصناعات والتجارات حول العالم.
ثلاجات الماضي، أو تجفيف الاسماك، وهي حرفة محلية مشاركة بفعاليات أيام الشارقة التراثية، صورة من تلك الصور التي طوع الإنسان فيها الطبيعة ليحافظ على غذائه، ويستخدمه عند الحاجة بشكل سليم، وعن هذا التجفيف يحدثنا سبيد سلمان عبد الله قائلاً: "يتم أخذ السمك الزائد عن الحاجة، أو الباقي من البيع، بعد إهداء ما يمكن منه إلى القريب والجار، ثم يتم تنظيف السمك بغسله، وإزالة أحشائه، ويُملّح بالملح الخشن، أو ما يسمى بملح البحر، ثم يدفن في التراب مدة من الزمن".
ويضيف سبيد سلمان عبد الله: "وبعد إخراجه من التراب يتم غسله جيداً مرة أخرى، ويعاد تمليحه بالملح الخشن بصورة جيدة، ثم يزال الملح ويتم تعليق الأسماك بالحبال أمام الشمس لغرض التجفيف، ثم يتم خزنه بعد التجفيف أو تركه في مكانه لاستعماله في وقت الحاجة كما اعتاد سكان الإمارات والخليج والساكنين قرب البحار في مناطق مختلفة".
وعن كيفية تناوله بعد التجفيف يكمل سبيد حديثه قائلاً: "يتم غسل الأسماك المجففة بشكل جيد، والقيام بوضعها في الماء من أجل ترطيبها، حتى يمكن طهيها وتناولها أو تقديمها للضيوف"، ودفعنا الفضول لسؤاله: "وماذا عن طعمها؟"، فأجاب: "الطعم مختلف قليلاً، بحكم الملح، ومدة الخزن، لكنه جيد، والناس اعتادوا عليه، وتغذوا ولا يزالون يتغذون منه إلى اليوم".
سؤال أخير حول مدة الخزن، أجابنا عليه سبيد بالقول: " لا توجد مدة محددة للخزن ما دامت عملية التجفيف تمت بصورة جيدة، ولدينا ضمن هذه الأسماك المعروضة أسماك مجففة مازاد على تجفيفها نحو خمس سنوات!".
هل يستطيع بعد هذا أن ينكر أحد أن التجفيف ثلاجة متطورة، أو أكثر، فهو طبيعي ومحلي وغير مستورد، بل ولا يحتاج إلى طاقة كهربائية أو صيانة، ويستطيع الكبار والصغار تنفيذه، والتمتع به أو تقديمه كوجبة شهية بعد حين.