معهد الشارقة للتراث يطلق النسخة الـ 18 من "بشارة القيظ"

في إطار جهوده المتواصلة لإحياء التراث الإماراتي وتعزيزه في وجدان الأجيال الجديدة، أطلق معهد الشارقة للتراث، اليوم الأربعاء، فعاليات النسخة الثامنة عشرة من "بشارة القيظ"، تحت شعار "ورد الياسمين"، وذلك في بهو المعهد، وسط حضور لافت من المهتمين بالتراث، وطلاب المدارس، ومحبي الثقافة الشعبية.

 

احتفاء بالقيظ.. فصل النضوج والتواصل مع الطبيعة

 

تُعد "بشارة القيظ" من الفعاليات التراثية السنوية التي دأب المعهد على تنظيمها احتفاءً بفصل القيظ، الذي يحتل مكانة بارزة في الذاكرة الشعبية الإماراتية، لما يمثله من رمزية نضوج الثمار وبداية موسم الترحال نحو الواحات. ويعكس هذا الفصل روح التكيّف والانسجام التي تميز العلاقة بين الإنسان والبيئة في الموروث المحلي.

 

وفي هذا السياق، قال سعادة الدكتور عبدالعزيز المسلم، رئيس معهد الشارقة للتراث "تأتي "بشارة القيظ" في إطار رؤيتنا الرامية إلى ترسيخ مفاهيم التراث الثقافي غير المادي في الحياة اليومية، وتقديمه بأساليب إبداعية تواكب تطلعات المجتمع. ومن خلال هذه الفعالية السنوية، نسلّط الضوء على فصل القيظ كأحد الفصول المحورية في الذاكرة الشعبية الإماراتية، ونسعى إلى إبراز دلالاته الرمزية والاجتماعية. إن شعار هذا العام، "ورد الياسمين"، لا يعكس فقط البعد الجمالي للتراث، بل يُجسد أيضًا التلاقي بين الأصالة والوجدان، بما يعزز حضور التراث في وجدان الأجيال ويُكرس قيم الهوية والانتماء".

 

"الياسمين".. عنوان الجمال ورمز الذاكرة

 

يحمل شعار هذا العام، "الياسمين"، بُعدًا جماليًا وعاطفيًا متصلاً بالثقافة الشعبية، حيث يُعد هذا النبات العطري رمزًا للرقة والنقاء، وحاضرًا في وجدان المجتمع الإماراتي من خلال الشعر النبطي، الذي طالما تغنى به الشعراء بوصفه مرآةً للحب والجمال. ويمنح هذا الشعار الفعالية بُعدًا شاعريًا يعمّق الصلة بين التراث والهوية.

 

من جهتها، أكدت الأستاذة عائشة غابش، مدير إدارة الفعاليات والأنشطة في معهد الشارقة للتراث، قائلة: "تشكل فعالية "بشارة القيظ" محطة سنوية مهمة في أجندة المعهد، لما تحمله من قيم ثقافية واجتماعية ترتبط ارتباطًا وثيقًا بذاكرة المجتمع الإماراتي. ونحرص من خلال هذه الفعالية على تقديم تجربة غنية للأجيال الجديدة، تُبرز ملامح فصل القيظ وما يرافقه من طقوس وعادات متجذرة في البيئة المحلية. كما أن اختيار شعار "ورد الياسمين" لهذا العام يرمز إلى الجمال والصفاء، ويعكس حرصنا على إبراز البُعد الحسي والرمزي في التراث الشعبي، بما يعزز من ارتباط الجمهور بهويتهم الوطنية".

 

محطات من الذاكرة.. مسيرة متواصلة منذ 2008

 

انطلقت فعالية "بشارة القيظ" للمرة الأولى في عام 2008 تحت شعار "الصرناخ"، ومنذ ذلك الحين، واصلت حضورها السنوي متوشحةً بعناوين مستلهمة من مفردات البيئة الإماراتية، مثل "بوبشير"، "البدحة"، "الرطب"، و"أم النقيع" في الدورة الماضية، وصولًا إلى دورة هذا العام التي تحمل عنوان "الياسمين"، في استمرار لنهج الاحتفاء بالموروث المحلي بروح متجددة.

 

معهد الشارقة للتراث.. صرح يحتفي بالهوية

 

تجسد هذه الفعالية أحد أوجه رؤية معهد الشارقة للتراث في صون التراث الثقافي غير المادي، وتكريس عناصر الهوية الوطنية، من خلال مبادرات وفعاليات ميدانية تعزز التفاعل الحي مع الموروث الشعبي. ويواصل المعهد أداء دوره الرائد في حفظ التراث الإماراتي وتقديمه للأجيال القادمة بأساليب مبتكرة ومعاصرة، تجمع بين المعرفة، والاحتفاء، والتجربة الحيّة.