في إطار جلسة رئيسية بعنوان "المكاتب الإحصائية في عصر الذكاء الاصطناعي: نحو التطور أم الاندثار؟"، التي نظمت خلال الدورة الأولى من المنتدى الإقليمي للبيانات والتنمية المجتمعية، أكد المسؤولون والخبراء أن الذكاء الاصطناعي، رغم قدراته وتأثيراته الكبيرة، لا يمكنه استبدال العقل البشري في مجالات علم البيانات والإحصاء. بل يُعتبر الذكاء الاصطناعي شريكاً أساسياً يعزز من إمكانيات المؤسسات والمكاتب الإحصائية في تحقيق أهدافها وتحسين أدائها.
الشارقة 24:
أكّد مسؤولون وخبراء أنّ الذكاء الاصطناعي لا يُمكن أبداً أن يكون بديلاً للعقل البشري في علم البيانات والإحصاء، بل هو شريك محوري يُسهم في تمكين عمل المؤسسات والمكاتب الإحصائيّة، مشيرين إلى ضرورة تعزيز وعي الأفراد والشركات بالذكاء الاصطناعي والتكيّف مع أدواته المتغيّرة في ظل التطور السريع للتكنولوجيا.
جاء ذلك خلال جلسة رئيسة بعنوان "المكاتب الإحصائية في عصر الذكاء الاصطناعي: نحو التطور أو الاندثار؟" ضمن فعاليات الدورة الأولى من المنتدى الإقليمي للبيانات والتنمية المجتمعيّة، والذي تعقده دائرة الإحصاء والتنمية المجتمعية تحت شعار "معايير تصنع التغيير" في الشارقة يومي 9-10 أكتوبر الجاري.
واستضافت الجلسة كلاً من سعادة كيرستي كالجوليد، رئيسة جمهورية إستونيا السابقة، وسعادة الدكتور فهد بن عبد الله الدوسري، رئيس الهيئة العامة للإحصاء في المملكة العربية السعودية، وآلان سميثسون، المؤسس المشارك لشركة ميتافيرس، إلى جانب المستشار علي بن محبوب، الرئيس السابق للجنة الإحصائية الدائمة بالأمم المتحدة.
التوعية بآليات الاستخدام الأمثل للذكاء الاصطناعي
وأفادت سعادة كيرستي كالجوليد: "نجح الذكاء الاصطناعي في دعم مكاتب الإحصاء، وساهم في تعزيز دقة البيانات والمخرجات إلى جانب تقليل المدّة الزمنية اللازمة للحصول على البيانات في العديد من المجالات الحيوية بما فيها التعليم، ومع أننا نواجه مخاوف وتحديات فيما يتعلّق باستخدام الذكاء الاصطناعي في التحليل، وتحديداً في الاستخدام غير الأخلاقي، إلا أنه ينبغي التوعية بآليات الاستخدام الأمثل له، وضرورة حماية البيانات الشخصية".
لا غنى عن العقل البشري
بدوره، قال سعادة الدكتور فهد بن عبد الله الدوسري: "ندرك أهمية البيانات والإحصاء في اتخاذ قرارات مدروسة ومبنية على معلومات دقيقة، لذا فإنّ وجود مكاتب أو قسم إحصاء لدى كلّ جهة حكومية هو أمر محوري يسهم في دعم نوعية وجودة العمل. وبالرغم من التطوّر الهائل للتكنولوجيا فلا غنى أبداً عن العقل البشري في هذا الإطار، والذي بدوره يمكنه توظيف الذكاء الاصطناعي للارتقاء بالأساليب المتبعة. وعلى صعيد دول الخليج هناك برامج لتوحيد منهجية العمل على البيانات والإحصاء، إلى جانب مؤتمرات ومنتديات خاصة بذلك، نتقاسم من خلالها الرؤى والأفكار لتطوير قطاع البيانات".
الذكاء الاصطناعي شريك، وليس بديلاً
من جانبه، قال آلان سميثسون: "في عالمنا المتغير اليوم نشهد حجم الاستخدام الهائل للأجهزة الإلكترونية للتفاعل بين مليارات البشر، وهذه اللوغاريتمات يمكن أن يكون تأثيرها الإيجابي أقوى بكثير في حال تمّ تطويرها، الأمر الذي يساعد في الحصول على تنبؤات أفضل لمجتمعاتنا عبر جمع البيانات من الأفراد للبناء عليها مستقبلاً. هذه التقنيات بلا شكّ تغيّر مستقبل العمل، ومع ذلك لا بدّ من إدراك أن الذكاء الاصطناعي هو مجرّد شريك، وليس بديلاً عن المؤسسات المتخصّصة، لذا يجب مواكبة هذه التطورات لترسيخ أدوار المتخصصين والاستثمار في البيانات الخاصة والمحافظة عليها وكذلك الاستثمار في تعليم تقنيات الذكاء الاصطناعي والتكيّف المستمرّ معها".
أهمية قوانين تنظيم جمع البيانات وحماية خصوصيتها
أمّا المستشار علي بن محبوب فقال: "لا بدّ من الحذر عند التعامل مع التطبيقات والبرامج التي تطلب من الأفراد مشاركة بياناتهم الشخصيّة؛ لأن ذلك قد يؤدي إلى سوء استخدام من طرفها في حال لم تكن مخوّلة بذلك، وهنا تبرز الحاجة إلى ضرورة وجود القوانين الصارمة التي تنظّم جمع البيانات وتحمي خصوصيتها، فالهدف الأساسي من استخدام الذكاء الاصطناعي هو تسريع الإجراءات والحصول على نتائج أكثر دقّة، ولن يكون بديلاً عن العنصر البشري، لذا يجب على الشركات والمؤسسات المتخصّصة أن تهتم بشكل أكبر في تأهيل وتدريب عناصرها العاملة في المجال الإحصائي للتعامل مع الذكاء الاصطناعي وفهم آليات عمله والاستفادة القصوى في مراجعة وتدقيق واستخراج النتائج".