نظمت دائرة الخدمات الاجتماعية بالشارقة ورشة "كفى عنفاً"، والتي أقيمت تحت شعار "تأهيل الأطفال لمواجهة الآثار النفسية وتخطيها"، حيث ناقشت الورشة كيفية تأهيل الأطفال الذين تعرضوا للعنف بأنواعه المتنوعة لمواجهة الآثار النفسية وتخطيها.
الشارقة 24:
ناقشت ورشة "كفى عنفاً" والتي نظمتها دائرة الخدمات الاجتماعية في الشارقة، والتي أقيمت تحت شعار "تأهيل الأطفال لمواجهة الآثار النفسية وتخطيها" موضوع كيفية تأهيل الأطفال الذين تعرضوا للعنف بأنواعه المتنوعة لمواجهة الآثار النفسية وتخطيها، حيث شارك في الجلسة الحوارية والتي يتزامن انعقادها مع اليوم العالمي للأطفال ضحايا الاعتداءات، الموافق في الرابع من يونيو كل عام العديد من الجهات المعنية بالدولة.
العنف النفسي
وأكد المشاركون على أن العنف النفسي هو من أقسى الأنواع التي تؤثر في نفسية الطفل وتترك مشاعر سيئة لسنوات طويلة ما لم يتم معالجتها بالطرق السليمة والتي تعتمد على المعرفة والعلم بالآليات المطلوب توفرها في المؤسسات، ونبهوا أولياء الأمور على أمور بسيطة ولكن تأثيرها يكون كبيرا على الطفل، وبحسب الدكتورة بنه بوزبون الخبير النفسي والاجتماعي في مؤسسة "كنف" التابعة لإدارة سلامة الطفل بالشارقة، فتعنيف الطفل في سنواته الأولى وضربه، سيعتبره هذا الأخير طريقة من طرق التربية وبالتالي سيكون تكوينه الدفاعي سلبيا وليس طبيعيا، ويعتبره تصرفا عاديا يتعود عليه وبالتالي عندما يتعرض للعنف من أحد الغرباء لا يعترض عليه أو يجده تصرفاً عادياً، وبالتالي وجب التنبيه إلى هذه المسألة.
كما أن الصوت المرتفع في المنزل من قبل أبويه يصبح صفة من الصفات اليومية الممنهجة ما تؤثر فيما بعد على شخصيته ويحوله ضحية من ضحايا العنف، وبالتالي إذا تعرض للعنف الأسوأ وهو الجنسي الذي يدمر الإنسان ليس لمرحلة آنية بل يمتد أثره إلى سنوات بحسب عمر الطفل، بحسب المرونة النفسية لديه. واعتبرت الدكتورة بنه أن مركز "كنف" هو بمثابة بلسم لضحايا العنف وأسسته قرينة صاحب السمو حاكم الشارقة سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي رئيسة المجلس الأعلى لشؤون الأسرة لمساعدة هذه الفئة والتخفيف عنها مما يتعرض له الطفل الذي تعرض للعنف، من جراء تنقله بين المؤسسة المعنية من شرطة ومستشفيات والفحص الشرعي وعرضه على النيابة وقاعات المحاكم، حيث وفرت كل هذه المتطلبات في مكان واحد وهو مؤسسة كنف، والتي تعتبر دائرة الخدمات الاجتماعية شريكاً أساسياً لها.
تقارير اليونيسيف
في حين استعرضت الدكتورة غنيمة البحري مدير في مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال، بعض الأرقام العالمية لضحايا العنف، وقالت إنه وعلى الرغم من توفر المؤسسات والمراكز الرعائية والقوانين الرادعة للعنف تجاه الطفل إلا أن نسب العنف بارتفاع وذلك بحسب تقرير منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) لعام 2021. وقالت إن السبب بحسب المنظمة هو البيت والذي يعتبر المكان الآمن للطفل يتحول بفعل التربية الخاطئة إلى المكان الذي يشكل الخطر عليهم، كما أن النزاعات والحروب تؤثر على الطفل من حيث تجنيده أو أن يكون درعاً على الجبهات العسكرية، كما أن الفيضانات والكوارث الطبيعية تؤثر عليه من شعوره بالخوف والاضطراب وعدم شعوره بالأمان أضف إلى ذلك قضايا الاتجار بالأطفال والتي تزداد خلال هذه الحوادث.
وأضافت البحري بأن تقارير المنظمة لعام 2021 بينت أن واحداً من بين 7 أطفال ممن تتراوح أعمارهم من 11-13 سنة يعانون من اضطرابات نفسية تؤدي بهم إلى الانتحار والاكتئاب.
ومن جانب آخر تناولت الدكتورة عايدة هاشم من مركز "اشراقة" التابع لدائرة الخدمات الاجتماعية، الناحية النفسية للطفل الذي تعرض للاعتداء النفسي والجسدي وغيره من أنواع الاعتداءات، والتي يجب أن يكون المعالج النفسي ملماً بها إلماماً كاملاً، حينها يكون قادراً أن يحل نصف المشكلة أو أكثر. فالتقييم النفسي هو الحل الأمثل في حالات الاعتداء كونه يفضي إلى التشخيص السليم والذي على أساسه تبنى الخطة العلاجية.
وتحدث خالد الكثيري خبير ومسؤول خط حماية الطفل في دائرة الخدمات الاجتماعية في الشارقة، عن حالات التي يتم الإبلاغ عنها عبر خط النجدة 800700 لدائرة الخدمات الاجتماعية، وهي التحرك السريع إلى مكان الحادث ومعاينة الحالة التي تعرضت للعنف من الناحية الجسدية وفي حال حاجتها للعلاج يتم تحويلها إلى المستشفى، واعتبر الكثيري أن على الاخصائي النفسي عدم طرح الأسئلة على الطفل أو وضعه أمام فرضيات بل على العكس يجب ان يدعه يتكلم ويشرح ما حدث معه، كما أشار بأن الوضع يزداد سوأ إذا كان الطفل المعتدى عليه من ذوي الإعاقة، وقال أن استخدام الدمى هي أفضل طريقة كي يشير بها الطفل الى المكان الذي تعرض للاعتداء لأن الأطفال يخجلون من لمس الأماكن الحساسة في أجسادهم.
وأردف بأن المستشفيات والمدارس لهم دور هام في الكشف عن حالات تعرض الطفل للعنف.
تطوير الاستراتيجيات
كما اتفق الجميع في ختام الجلسة الحوارية على ضرورة تطوير استراتيجيات للتعامل بفعالية مع الاحتياجات النفسية للأطفال المتأثرين بالكوارث الطبيعية، ومشاركة أفضل الممارسات والتدخلات المبنية على الأدلة لاستعادة الصحة النفسية وبناء المرونة للأطفال، وعلى تعزيز التعاون بين المعنيين من المهنيين في مجال الصحة النفسية والمربين وقادة المجتمع لتوفير الدعم الشامل للأطفال، وزيادة الوعي حول الآثار الطويلة للصدمات النفسية على الأطفال والدعوة لتطبيق التدخلات والسياسات المستدامة.
التعامل مع الأطفال
والجزء الثاني من الورشة، كان مع الدكتور همام بن عبد الرحمن الحارثي خبير مرحلة الطفولة من المملكة العربية السعودية والذي قدم ورقة عمل بعنوان "التعامل مع الأطفال بعد حالات العنف والإيذاء والصدمات النفسية"، شارحاُ بالقول إن العمل مع الأطفال بعد تعرضهم للعنف والإيذاء والصدمات النفسية هو تحد كبير ويتطلب مهارات خاصة فهم يحتاجون إلى الدعم والرعاية الشاملة سواء من قبل أفراد أسرهم أو من المتخصصين في المجال، ويعتبر فهم تفاعل الأطفال مع العنف والصدمات النفسية أمراُ أساسيا لبناء استراتيجية فعالة.
كما ناقش بعض النقاط الأساسية التي تساعد على التعامل مع هؤلاء الأطفال وتقديم الرعاية المناسبة منها إنشاء بيئة آمنة وداعمة للطفال وتقديم الدعم النفسي والعاطفي لهم وتشجيعهم على التعبير عن مشاعرهم وانفعالاتهم بطرق صحية وكذلك تعزيز الثقة والأمن النفسي إليهم إضافة الى تعزيز التواصل والتفاعل الاجتماعي وتقديم الارشاد والتوجيه للأطفال وتعزيز الاستقلالية والقدرة على حل المشكلات ومشاركة الأسرة في عملية التعافي والتعاون مع المؤسسات المختصة.