سلط النادي الثقافي العربي بالشارقة، في جلسة نقاشية نظمها لكتاب "الإنشاد الديني: دراسة مقارنة بين مصر والمغرب" للدكتور أحمد سعد الدين عيطة، الضوء على فن الإنشاد الديني ونشأته وأغراضه ومقاماته وفنونه، والآلات الموسيقية المستخدمة، وتطوره عبر العصور.
الشارقة 24:
نظم النادي الثقافي العربي في الشارقة، مساء أمس الأول، جلسة نقاشية لكتاب "الإنشاد الديني: دراسة مقارنة بين مصر والمغرب" للدكتور أحمد سعد الدين عيطة، تحدث فيها الكاتب، وعقب عليه الدكتور عادل الكسادي، وأدارها الإعلامي هشام أزكيض، وذلك بحضور الدكتور عمر عبد العزيز رئيس مجلس إدارة النادي، وعدد من المثقفين والأدباء.
وفي مستهل حديثه، عرّف هشام أزكيض بالدكتور أحمد سعد الدين عيطة، أنه أستاذ "فلسفة الفنّ وعلم الجمال" بأكاديمية الفنون في القاهرة، وله رصيد مهم من الأبحاث والدراسات المتخصصة في فنون الإنشاد والأداء وله محاضرات عديدة ومشاركات في مهرجانات دولية تعني بالإنشاد، وهو منشد من طراز رفيع.
أما د. عادل الكسادي، فهو أستاذ جامعي وباحث في مجال التراث الثقافي والفنون الشعبية، وقد عمل باحثاً في وزارة الشؤون الاجتماعية في دبي، ومحاضراً في جامعة الأسرة بعجمان، وباحثاً خبيراً في معهد الشارقة للتراث، ومن أبرز مؤلفاته: "المرأة على خريطة العمل والتعليم في الإمارات"، و"الطرق الملاحية والنشاط التجاري الشراعي في الإمارات في القرن الماضي"، و"رواة وباحثون من الإمارات"، و"الشارقة القديمة، سورها وأبراجها"، و"ميثولوجيا البحر وطقوسه في الخليج وبحر العرب".
في بداية حديثه، أوضح د. أحمد سعد الدين عطية، أن كتاب (الإنشاد الديني، دراسة مقارنة بين مصر والمغرب)، هو في الأصل رسالة جامعية لنيل درجة الماجستير، وهو حصيلة بحث ميداني حول الإنشاد الدني في مدينتي القاهرة وفاس اللتين تحتضنان منذ مئات السنين أكبر نشاط للإنشاد الديني في العالم العربي والإسلامي، وقد انطبع الإنشاد في كل منهما بطابع خاص، ونتيجة لذلك فقد خصص الباحث البحث لهما.
وأضاف عيطة، أن الإنشاد الديني هو ذلك النمط من الغناء الخالي من الآلات الموسيقية الذي يتناول موضوعات حب الله وتعظيمه والتسليم له والابتهال إليه، وكذلك مدح الرسول، والغرض منه إظهار محبة الله ورسوله وترسيخ الإيمان وحث السامعين على التعلق بالله وحب رسوله، والإنشاد الديني مصطلح عام تدخل تحته عدة ظواهر منها (الإنشاد الصوفي، والغناء الديني، والابتهال، ومدح الرسول)، وقد نشأ منذ زمن الرسول صلى الله عليه وسلم وتطور عبر العصور، وأصبحت له تلاحين ومقامات وبرع المنشدون في أفانين الطرب.
وعقد د. عطية، مقارنة بين أساليب الإنشاد في مصر والمغرب، فأوضح أن الإنشاد في مصر يتميز باستخدام آلات موسيقية كثيرة، مما أخرجه من الغرض الديني إلى الغرض الدنيوي، وكذلك يتميز بأنه يخص فقط بالمناسبات الدينية، أما في المغرب فإن الإنشاد يتميز بطريقتين الطريقة الأندلسية وتكون موضوعات الإنشاد فيها باللهجة المحلية، والطريقة الشرقية وتكون موضوعات بأشعار فصيحة لكبار المتصوفة والمادحين، كما أن الأصوات تكون حادة نتيجة لاعتماد المنشد على الصوت وحده دون الآلات، وفي المغرب يكون الإنشاد في الأفراح والأتراح على حد سواء.
وتابع المحاضر، أن الدراسة تناولت التدخل في مجال أنثربولوجيا الفنون، ولذلك فقد تناولت فيها شكل الأداء وشكل المنشد والأزياء واستخدام اللغة والمقامات، وخرجت منها بنتائج أظهرت أن الإنشاد الديني فن راسخ له تقاليده العريقة وفنونه الجميلة، وهو أيضاً إبداعي تشهد له التطورات الكثيرة التي دخلته على مر العصور، ونظراً لاعتماده على الأداء الفردي للمنشد، فقد أتاح له ذلك فرصاً لا تنتهي للتطور، وإضافة الألحان والأنغام المختلفة التي تبتكرها عبقرية المنشد، وأضاف أن العصر الحديث هو عصر ذهبي بالنسبة للإنشاد، فقد كثرت الفرق الإنشادية في العالم العربي والإسلامي، وكثر المنشدون ودخلته الآلات الموسيقية، وحديثاً أتيح له أكبر تطور وهو إطلاق صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة لمسابقة "منشد الشارقة" التي حفزت أصحاب الحناجر الجميلة على الإنشاد والتألق في العوالم الروحانية البهية.
من جهته، أشار الدكتور عادل الكسادي في مداخلته، إلى أن الإنشاد الديني تشترك فيه عدة مجالات، فهو أحد موضوعات الأدب الشعبي، وأيضاً فن من فنون الأداء، ويمكن تصنيفه في مجال التراث غير المادي، وهو في التعريف أداء صوتي يتناول موضوعات دينية كالعشق الإلهي ومدح الرسول وحلقات الذكر والحضرات، وتابع أن المؤلف الدكتور أحمد سعد الدين عيطة، قام بجهد ميداني فريد تطلب منه الإقامة بين مجتمعات الأداء ورصد التغيرات التي طرأت عليه، من خلال مصاحبته للفرق الإنشادية في كل من مصر والمغرب، ومشاركته معهم حتى تعمق في موضوعه وأحاط بجوانبه المختلفة ورصد ظواهره المتنوعة بالمقارنة والملاحظة.
وأضاف الكسادي، أن من أهم الملاحظات التي رصدها المؤلف، هي أن القرن العشرين هو قرن تطور الإنشاد الديني وقوته وانتقاله من الارتجال إلى العمل الفني المتقن وظهرت فرقه، كما أنه لعب دوراً مهماً في إحياء التراث الثقافي الديني، ولفت الانتباه إليه، واستطاع أن يواكب التغيرات الحضارية الحديثة مع المحافظة على تقاليده الخاصة.