نظم النادي الثقافي العربي في الشارقة؛ محاضرة بعنوان "قلق الكاتب والطريق إلى النجاح"، ألقاها الناقد د. غانم السامرائي أستاذ الأدب المقارن في جامعة الشارقة، وأدارها الصحافي هشام أزكيض، وذلك بحضور الدكتور عمر عبد العزيز، رئيس مجلس إدارة النادي.
الشارقة 24:
أكد الناقد د. غانم السامرائي أستاذ الأدب المقارن في جامعة الشارقة، أن القلق يبدو أنه ملازم في كثير من الحالات للكتاب، ويشكل أحد بواعث الكتابة لديهم، فالقلق حالة طبيعية لدى كل الكتاب، وقد يبعث على التحدي ويشحذ همة المبدع، لتجاوزه وإنجاز عمله الإبداعي.
جاء ذلك خلال محاضرة نظمها النادي الثقافي العربي في الشارقة، بعنوان "قلق الكاتب والطريق إلى النجاح"، ألقاها الناقد د. غانم السامرائي، وأدارها الصحافي هشام أزكيض، وذلك بحضور الدكتور عمر عبد العزيز، رئيس مجلس إدارة النادي.
وقال هشام ازكيض إن الدكتور غانم السامرائي هو أستاذ الأدب المقارن والترجمة الأدبية المشارك بجامعة الشارقة، يحمل درجة الدكتوراه في الأدب المقارن من جامعة بورتسموث البريطانية، عضوٌ في عدد من الجمعيات الأدبية العالمية، منها جمعية لندن الأدبية والجمعية الألمانية العالمية لدراسات شكسبير والرابطة الأدبية البريطانية في جامعة مانشستر، وعضو في لجان التحكيم للمسابقة العالمية للكتابة الأكاديمية، وصدرت له العديد من الكتب والمؤلفات منها: الشارقة ـ رؤية شعرية، إرث روبرت براوننغ في الشعر الأميركي.
تحدث الدكتور السامرائي عن "قلق الكاتب والطريق إلى النجاح" بقوله إن الباعث على هذا الموضوع في اللحظة الراهنة هو فوز الروائي البولندي بول لينتش وهو كاتب قلق، بجائزة البوكر العالمية لعام 2023 منذ أيام قليلة عن روايته "أغنية النبي"، بول لينتش عانى كثيراً من القلق، ورغم أنه كتب قبل هذه الرواية خمس روايات، فإنه لم يكن معروفاً على نطاق واسع، وقد رفضت روايته هذه من جميع دور النشر التي قدمها لها، وفي حفلة الجائزة حينما دعي من بين الكتاب المرشحين لها أصيب بقلق وآلام شديدة في البطن، وهرب من الحفلة قبل إعلان النتائج، ثم أعاده صديق له إلى الحفلة، لتعلن النتائج ويكون هو الفائز بهذه الجائزة المرموقة، التي هي واحدة من أهم الجوائز العالمية، وأكثرها مصداقية.
وأضاف السامرائي أن القلق يبدو أنه ملازم في كثير من الحالات للكتاب، ويشكل أحد بواعث الكتابة لديهم، إذ يقول إرنست همنغواي: "حينما تجلس للكتابة.. اجلس وابدأ النزيف"، فالقلق حالة طبيعية لدى كل الكتاب، وقد يبعث على التحدي، فيشحذ همة المبدع، لتجاوزه وإنجاز عمله الإبداعي، لكنه قد يكون سلبياً فيبعث الكاتب على الشك في قدراته والهروب من الكتابة والتخلي عن الحلم، فيشل قدرته، ويعرف قلق الكتابة بأنه "مجموعة واسعة من مشاعر التشاؤم اتجاه الكتابة"، وقد يؤدي إلى إرهاق بدني، وأسبابه كثيرة فربما يكون بسبب البحث عن الإبداع أو ربما يكون موروثاً من سنوات الطفولة أو بسبب الكتابة تحت سهام النقد، وهناك سبب آخر لقلق الكتابة آخر هو أن الكاتب يكتب من خلال ذاته، فكأنه يضع نفسه بين يدي الآخرين، وينشر صفحة ذاته لهم.
ولب المشكلة في القلق حينما يواجه الكاتب الفشل، ومن الكتاب من لديه ثقة في قدراته، ويعتقد أن لديه ما يستحق أن يكتب، فيتولد الحلم بالنجاح ويتلاشى القلق.
وأكد السامرائي أن على الناقد وهو يتعامل مع الكتابات الجديدة أن يفهم دور النقد وخطورته، فقد النقد يكون سبباً لتحفيز الكاتب وحثه على المواصلة وغرس الثقة فيه، فيوصله إلى النجاح، وقد يكون سبباً في الإحباط وطريقاً إلى الفشل، لذلك ينبغي تناول إبداعات الكتاب الجدد بحذر، ونصحهم وتوجيههم بحذق، وتحفيزهم على مواصلة المحاولة، وأن لا نقمع آمالهم ولا نكبت تطلعاتهم.
وحث السامرائي الكتاب الجدد على التحدث للكتاب الكبار واستشارتهم وتعلم تقنياتهم وعاداتهم، وإدمان القراءة والتدرب على الكتابة، مستعيراً مقولة أحد الكتاب بأن التدرب على الكتابة يشبه التدرب قيادة الدراجة، صاحبه يسقط مراراً ويتعثر، ثم يقوم من جديد، ويظل هكذا حتى يتمكن من السيطرة عليها.
واستعرض الناقد د. غانم السامرائي أمثلة من قصص الكتاب الذين عانوا من القلق واستطاعوا التغلب عليه بالإصرار الدائم على الكتابة، مؤكداً أنه لدينا ما يعرف بنظام الدفاع الداخلي ضد القلق.
واختتم السامرائي بالقول إن الطريق الأكثر تأكيداً للكتابة هو اختيار الموضوع، ومواصلة الكتابة عنه سواء شعرت بالرغبة في الكتابة أم لا، فالسمة الوحيدة للكاتب هي أنه يكتب، ثم عليه أن يشارك الآخرين ما يكتبه، خاصة الكتاب المبدعين والنقاد الحصيفين والقراء الأذكياء، وإذا كنت تخاف الفشل فاعلم أن الفشل طبيعي، وهو أحد وسائل التعلم، وإن التعهد بالقيام بعمل جديد يعطيك القوة، ففكر بالقدرات التي لم تستخدمها في الكتابة بعد، واستخدمها.