للوهلة الأولى، يستشعر الزائر لمعرض "لغة العيون" للمصور "موجين ترول" في المهرجان الدولي للتصوير "اكسبوجر2020" وكأنه يسير في أدغال إفريقيا، من خلال أجواء خضراء تحاكي البيئة الطبيعية للقردة، التي تمثل دور الأبطال للمعرض الذي عمل موجين على إعداده لسنوات من أجل رصد مشاعرها والأحاسيس الظاهرة على عيونها وتعبيرات وجوهها، فكانت اللوحات ترصد ما بين قرد يبدو سعيداً، وآخر كئيباً يترقرق الدمع في عينيه، وثالث يسبح مع الخيال في جلسة تأملية عميقة.

الشارقة 24:

انطلاقاً من خلفيته كباحث في علم الثدييات، أمضى موجين أكثر من 25 عاماً وهو يتنقل في رحلات للتصوير الفوتوغرافي، جال خلالها قارات العالم السبع، من أدغال الغابون وأوغندا وبورنيو وسولاويسي وفيتنام والهند، إلى جبال إثيوبيا والصين واليابان، فضلاً عن العديد من المناطق التي تكسوها الثلوج المرتفعة لعدة أمتار.

صبر ساعات 

تكبد موجين جهداً كبيراً لإخراج معرضه المكون من (26) صورة إلى النور، وذلك لأنه كان يستغرق في الكثير من الأحيان ساعات لا تحصى من الجلوس بصبر لمراقبة الحيوانات في بيئتها الطبيعية؛ من أجل رصد نظراتها وتعبيرات وجوهها، وتوثيق كيفية تفاعلها مع محيطها، بحسب المواقف التي تتعرض لها. 

عناق دافئ

ففي إحدى الصور، وبعناق دافئ يفيض منه حنان الأم، تضم أنثى قرد المكاك اليابانية صغيرها لتقيه برودة الشتاء، حيث تستخدم رأسه كوسادة تسند إليها ذقنها، إلا أنها تبقى حذرة وحريصة على حمايته، وهي تسبح بنظرات تجمع الحذر والغضب، خاصة مع وجهها المتوقد من شدة الاحمرار.  

القرد المفكِّر

أما ذكر قرد الململة، فإن الوضعية التي رصده من خلالها ترول لا تختلف عن تمثال "المفكِّر" للنحات الفرنسي أوغوست رودان، حيث يلقي أنفه الطويل على يده الفضية مبرزاً أسنانه على ظهر أصابعه، وكأنه يتأمل حقاً في قضية تحتاج إلى حل. 

ومن نفس الفصيلة، ترصد صورة أخرى قرداً صغيراً يميل رأسه قليلاً ويغلق عينيه ويختفي في عالمه الخاص، فيما يبدو على وجهه تعبيرٌ هادئ وكأنه يحلم في وضح النهار أو يغرق في جولة تأمل داخلي مع النفس. 

ابتسامة إعجاب

وفي سعيه نحو رصد كافة المظاهر الحياتية التي تعيشها القرود في مواطنها، لا يغيب عن موجين ترول إبراز عدد من المشاهد الكوميدية التي تحفل بها الأدغال، من خلال واحد من قردة المكاك السوداء، وكما يبدو من تلك الابتسامة العريضة الماكرة التي ارتسمت على وجهه، فإنه قد ظهرت أمامه إحدى الفاتنات من إناث فصيلته وهو يبادلها الإعجاب بنظرات واضحة.

نظرات حزن

وعلى النقيض من هذا المشهد، تبدو نظرات الحزن على أنثى مسنّة من قردة الثلج التي تغمر وجهها التجاعيد، وتعاني لدغة صقيع على وجهها المبقّع وشعرها الأبيض، فكأن الصورة تقول: لعلّها ليست جميلة بقدر الإناث الأصغر سناً، لكنها تشعّ حكمةً وما زالت نابضة بالحياة.