يروي متحف الشارقة للحضارة الإسلامية، تاريخ العملات النقدية، حيث تعتبر النقود مرآة صادقة تعكس الوضع الاقتصادي والاجتماعي للدول، إذ أن ارتفاع وزنها ونقاء عيارها مؤشر على قوة اقتصادها، كما أن انخفاض وزنها وغش معدنها دليل على تدهور اقتصادها.
الشارقة 24 – وام:
يستعرض متحف الشارقة للحضارة الإسلامية التابع لهيئة متاحف الشارقة، تاريخ العملات النقدية، حيث تعتبر النقود مرآة صادقة تعكس الوضع الاقتصادي والاجتماعي للدول، إذ أن ارتفاع وزنها ونقاء عيارها مؤشر على قوة اقتصادها، كما أن انخفاض وزنها وغش معدنها دليل على تدهور اقتصادها.
وهي أيضاً مصدر ثري للدارسين للتاريخ الاجتماعي، حيث كانت تضرب بعض النقود في العديد من المناسبات، تخليداً لها مثل حالات الزواج والمصالحة والمصاهرة وغيرها من المناسبات.
وكانت تحمل تلك النقود، أسماء الحكام والأمراء أصحاب المناسبة، والنقوش التي تعبر عن المناسبة التي ضربت فيها، وأيضاً الكتابات والأدعية التي تتوافق مع المناسبة التي سكت من أجلها.
وكان العرب في الجاهلية وقبل الإسلام، يعقدون صفقات تجارية بشكل منتظم مع الإمبراطورية الرومانية، التي امتدت حدودها حتى شملت بلاد الشام، كذلك تعامل التجار العرب مع دولة الفرس، ونتيجة لهذه الصفقات التجارية المستمرة وصلت نقودهما للعرب.
أما النقود المستعملة في الدولة الرومانية، فكانت مصنوعة من الذهب وتسمى دنانير ومفردها دينار، وأطلق العرب عليها اسم "العين"، وأخرى مصنوعة من النحاس وتسمى فلوساً ومفردها فلس.
وأما النقود المستعملة في الدولة الفارسية، فكانت مصنوعة من الفضة وتسمى دراهم ومفردها درهم، وأطلق العرب عليها اسم "الوَرِق" وهذه هي الأنواع التي كانت أكثر استعمالاً.
إلا أن العرب كانوا يتداولون بعض النقود اليمنية كالحميرية أيضاً، ولكن على نطاق ضيق.
وتتصف العملات بالقوة، حيث كانت تختلف على حسب نوع العملة، الدينار كان أقوى عملة لأنه من الذهب، والثاني درهم ثم الفلس، وعندما جاء الإسلام وجد العرب على حالهم في استعمال النقود الرومانية والفارسية، فأقر استعمالها دون أن يغير من شكلها أو جوهرها، فلم يغير الرسول صلى الله عليه وسلم النقود التي كانت متداولة آنذاك، فأقرها ولكنه قرر تقدير نصاب الزكاة وأحكامها والبيوع على اختلافها والدية، غير أن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قد أحدث بعض التغييرات على المسكوكات التي تسك في المدن الإسلامية ولكن بالقوالب البيزنطية والساسانية.
فعندما تزايدت الحاجة، لتوفير كميات كبيرة من النقد لإتمام المعاملات التجارية، وبدت الحاجة ملحّة لضبط المعيار والوزن، دخلت النقود مرحلة جديدة وأخذت طابعاً إسلامياً بإدخال كلمات بالحروف العربية مثل "بسم الله" و"جيد" "الحمد لله" و "محمد رسول الله " و"لا إله إلا الله وحده" و"عمر" و"جايز" و"طيب" و"واف"، لتمييز المسكوكات الإسلامية عن غيرها، بالإضافة إلى بعض الشعارات الإسلامية وفي عهد عبد الملك بن مروان سنة 77 هـ تم سك عملة إسلامية خالصة وكتبت عليها النقوش.
ولعل السبب في عدم سك عملة جديدة خاصة بالمسلمين في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، يعود إلى انشغاله بما هو أهم وأكثر ضرورة، فقد كان اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين منصباً على توحيد الجزيرة العربية، وكذلك في عهد الخليفة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، حيث اشتغل بالمرتدين ومانعي الزكاة وبالفتوحات الإسلامية فلم يغير من أمر النقود شيئاً.
وكان الخليفة عمر بن الخطاب، اتخذ الخطوة الأولى على طريق سك النقود ذات الطابع الإسلامي، وتابع من بعده الخلفاء الراشدون عملية الإصلاح إلى أن قرر الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان /65-86هـ / 685 –705م/ ضرب العملة الإسلامية وعربها تعريباً خالصاً في سنة 77 هـ بالنسبة للدينار، وسنة 78هـ بالنسبة للدرهم، وسنة 85هـ بالنسبة للفلس.
وتتغير العملات من مكان إلى آخر ومن منطقة إلى أخرى من ناحية الشكل والنقوش، وكذلك في كل عصر من عصور الإسلامية مثلاً: العملات الأموية مختلفة عن العملات العباسية والمملوكية والأيوبية والسلجوقية والعثمانية وغيرها من العصور الإسلامية، وطرأ على العملات النقدية تغييرات كثيرة عبر العصور، سواء من ناحية النقوش أو العملة نفسها.
وكانت الجهة التي لها الأحقية في إصدار العملات في ذلك الوقت، هي ديوان دار الضرب بأمر الخليفة، حيث يتولى ديوان دار الضرب ضبط عيار النقد، والإشراف على دور الضرب في العاصمة والسواد، وفي الولايات الأخرى من الدولة، ويبدو أن تجويد عيار النقود كان له أثره الكبير في التعامل بها على النطاقين الرسمي والشعبي وقد تواترت المعلومات عن تجويد العيار في العصر الأموي وصدر الدولة العباسية.