افتتحت هيئة الشارقة للمتاحف الأربعاء معرض "قطرة بعد قطرة تتساقط الحياة من السماء: الماء والإسلام والفنون"، الذي تنظمه خلال الفترة من 9 يونيو، وحتى يوم 11 ديسمبر المقبل، في متحف الشارقة للحضارة الإسلامية.
الشارقة 24:
تحت رعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، افتتحت هيئة الشارقة للمتاحف الأربعاء معرض "قطرة بعد قطرة تتساقط الحياة من السماء: الماء والإسلام والفنون"، الذي تنظمه خلال الفترة من 9 يونيو، وحتى يوم 11 ديسمبر المقبل، في متحف الشارقة للحضارة الإسلامية.
وافتتح المعرض الشيخ خالد بن عصام القاسمي رئيس دائرة الطيران المدني في الشارقة، بحضور كل سعادة نيكولا لينر سفير إيطاليا في الدولة، وسعادة جوزيبي فينوشيارو القنصل العام لإيطاليا في دبي، وألبرتو ساكو نائب العمدة المسؤول عن السياحة والتجارة والعمل في مدينة تورينو، وسعادة منال عطايا مدير عام هيئة الشارقة للمتاحف، والشيخ سالم القاسمي، الوكيل المساعد لقطاع التراث والفنون- وزارة الثقافة والشباب، و إيدا زيليو غراندي، مدير المعهد الثقافي الإيطالي - سفارة إيطاليا في الإمارات العربية المتحدة في أبوظبي، و البروفيسور جيوفاني كوراتولا، أستاذ بجامعة أوديني وقيَم المعرض، والدكتور زكي أصلان مدير إيكروم - الشارقة.
وتم تدشين المعرض بمخطوطة للآية القرآنية "وجعلنا من الماء كل شيء حي"، ثم عرض مجموعة متنوعة من المقتنيات، تضم الأكواب والسجاد والنوافير والأواني المميزة بزخارفها وبالقصص التي تحويها، وبعض المجموعات المرتبطة بالماء في العالم الإسلامي، وفي حياة الناس اليومية.
ويوفر الحدث 120 مقتنىً تاريخياً وعملاً فنياً لحضارات مختلفة من متاحف عدة في إيطاليا لم يسبق عرضها خارج إيطاليا من بينها مجموعة مقتنيات من المتاحف الإيطالية العامة والخاصة، ومشاركة قطع من المجموعة الدائمة من متحف الشارقة للحضارة الإسلامية، ومتحف الشارقة للفنون، موزعة على أربعة محاور هي: نعمة الماء والإسلام، قسم الماء والحياة اليومية، والحمام التقليدي، وقسم الحدائق.
تطورات تاريخية
يتناول المعرض الحضور القوي للماء في التراث والحضارة الإسلامية، بدءً من ذكره في العديد من النصوص القرآنية، التي وضعت قواعد لاستثمار الماء وتنميته وطرق الحفاظ عليه، إلى دوره في صنع حضارةً ثرية بفنون العمارة والأدب والفلسفة والموسيقى والفُقه، حيث يسلط الضوء على نقاط التشابه والاختلافات الثقافية والإقليمية، عبر مجموعة من المقتنيات المعروضة.
كما ويستعرض الحمامات التقليدية بدلالاتها الصحية والاجتماعية، فيما يختتم رحلته بالهواء الطلق، في سياقات استثمار الماء في الهندسة الزراعية والحدائق، وصولاً إلى الأرياف والواحات، من خلال عرض الصور والمُكتشفات الأثرية والمخطوطات والمنمنمات، التي تتشابك جميعها مع التكنولوجيا والحياة العادية والفن بفضل عنصر الماء.
رسالة أمل
وقال سعادة نيكولا لينر سفير إيطاليا في دولة الإمارات العربية المتحدة: "يشرفني أن أستقبل بكل ترحاب أول معرض إيطالي إماراتي، ليضع لنا بصمة، ويمثل خطوة مهمة في طريق التعاون بين مؤسستين ثقافيتين متميزتين وكبيرتين، هما مؤسسة متاحف تورينو وهيئة الشارقة للمتاحف، مما يبعث برسالة أمل وتشجيع لبلادنا".
وأضاف "تتوطد علاقتنا الثمينة مع هيئة الشارقة للمتاحف اليوم، من خلال المعرض، الذي يركز على عنصر الماء، كأحد الأصول القيمة التي يجب حمايتها، كما يضع أساس كل حضارة في العالم بناءً على ديناميكيات وأساليب نقل وتوزيع الماء".
حوار انساني
من جانبها قالت سعادة منال عطايا، مدير عام هيئة الشارقة للمتاحف: "يسرنا تنظيم هذا المعرض الذي يشكل ثمرة أول تعاون لنا مع مؤسسة متاحف تورينو، بهدف تسليط الضوء على العلاقات التاريخية التي تربط إيطاليا بالعالم الإسلامي".
وأضافت: "نلتزم في هيئة الشارقة للمتاحف بتعزيز شراكاتنا مع المؤسسات الدولية البارزة بغية إحضار مقتنيات لم تشاهد من قبل في دولة الإمارات والمنطقة برمتها، والتي كان لها دورا محورياً في تشكيل حياة البشر على مدى العصور".
وشددت عطايا على التزام هيئة الشارقة للمتاحف بتعزيز سبل الحوار الثقافي، انسجاما مع توجيهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، لما له من دور في تقدم الفكر الإنساني والتلاحم الاجتماعي وخلق فرص للإبداع، عبر توفير الموارد المعرفية وفرص التعلم لجميع أفراد المجتمع.
سر الحياة
بدورها أكدت إيدا زيليو غراندي مدير المعهد الثقافي الإيطالي – أبوظبي، أن الإسلام ركز كثيراً على الماء حيث ذكرت كلمة الماء في القرآن الكريم بتنوع وتكرار، باعتباره باعثاً للحياة ومثالاً على رحمة الله، وصورة من صور عنايته وأرزاقه.
مقتنيات حضارية
يقدم المعرض عبر أقسامه الأربعة باقة من المقتنيات التي تعكس استخدامات وفنون وثقافة وتاريخ الحضارة الإسلامية، حيث تشمل طست الملك ناصر الدين محمد بن قلاوون من مصر أو سوريا، تمت صناعته باستخدام النحاس الأصفر وتزيينه بالذهب والفضة في النصف الأول من القرن الـ8 الهجري/ الـ 14 الميلادي، وإبريقاً وطستاً كبيرا الحجم مصنوعان من التومباك العثماني بواسطة النحاس المطلي بالذهب في القرن الـ13 الهجري/ الـ 19 الميلادي، وطبقاً عثمانياً من خزف إزنيق عليه صورة إبريق متعدد الألوان، تمت صناعته في القرن الـ 10 الهجري/ الـ 16 الميلادي، وإبريقاً من البرونز صنع في نفس القرن، يتضمن تشكيلات من البرونز، وحليات ذهبية لها شكل حيواني، تم تصميمها في الهند.
وتتضمن المقتنيات التي يستعرضها الحدث كذلك كلجة (حامل جرة ماء) صُنعت في مصر خلال القرن الـ4 أو الـ5 الهجري/ الـ10 أو الـ 11 الميلادي، يرتكز على أربعة أرجل متباعدة ومنحنية الشكل ومنتشرة تتصل ببعضها البعض عبر أقواس متعرجة التكوين، وطبق التوندينو (جولدن هورن) إزنيق، تركيا، تم تصميمه ما بين عامي 942- 957هــ/ 1535-1550م تقريباً، وهو من الخزف متعدد الألوان تحت التزجيج، وإبريق فخار لاجفاردينا إيراني، صُمم في أواخر القرن الـ7 الهجري/ أواخر القرن الـ 13 الميلادي من خزف مطلي تحت التزجيج.
كما يقدم لوحة رسم زيتي إبداعية - قصر الحمراء، غرناطة (بهو السباع) - لـ ألبرتو باسيني من مدينة تورينو، موقعة ومؤرخة بالعام 1879م، ومرآة دائرية الشكل إيرانية الصنع من القرن الـ6 الهجري/ الـ12 الميلادي من البرونز المقولب والمسبوك، أحد جانبيها منبسط الشكل لا يحوي أي زخرفة، بينما الثاني مزخرف ومنقوش بشكلين بارزين لتمثالي أبي الهول وترتفع شجرة الحياة من بينها، ويغلف ذلك التكوين الزخرفي شريط كتابي بالخط الكوفي يدور حول الحافة ممتلأ بالكتابات التباركية، وحوض ماء على شكل وردة ثمانية البتلات موضوعة داخل شكل ثماني الأضلاع، حددت أضلاعه بشريط ضيق مغلف بإطار عريض منبسط له بروز قليل، تم تصميمه في أفغانستان خلال القرن الـ5 أو الـ6 الهجري/ الـ 11 أو الـ12 عشر الميلادي.
ويشتمل المعرض أيضاً على لوحة زيتية تحت عنوان الفتى النوبي لـ آرثر فون فيراريس عام 1936، وجرة بائع المياه المحمولة المصنوعة من النحاس الأصفر والخزف المنقوش تم تصميمها في مصر في القرن13 هجري/ الـ 19ميلادي، وعشر مرشحات مياه مصرية الصنع تم تصميمها في القرن الـ6 الهجري/ الـ 12ميلادي، وإبريق فخاري غير مزجج يُعتقد أن تصميمه تم في سوريا أو إيران في القرن الـ7 هجري/ الـ 13 ميلادي، وباقة متنوعة من المقتنيات الأثرية.
كما يستعرض قاعدة حُقة بيدارية (نرجيلة باللغة العربية)، مسبوكة ومطعمة بالفضة من مدينة بيدار، أواخر القرن الـ 13 الهجري، أواخر القرن الـ19 الميلادي، وحوض أفغاني للماء، صمم في القرنين الـ 11 والـ 12 الهجريين/ الـ17 والـ18 الميلاديين، وسبعة فوهات نوافير صُممت في سوريا وعدد من الدول العربية، ولوحة حائط منسوجة بخيوط الصوف والحرير من مدينة بانيا لوكا، البوسنة والهرسك، صممت في النصف الأول من القرن الـ 13 الهجري/ الـ19 الميلادي، وغطاء وسادة من مدينة بورصة، تركيا من أوائل القرن الـ 12 الهجري/ الـ18 الميلادي، وقطعة من سجادة حديقة شارباغ شمال غرب إيران، أوائل القرن الـ 12 الهجري/ الـ 18الميلادي.
إرث ثقافي
ويكتسب المعرض الذي يستمر لستة أشهر، أهميته من خلال تسليطه الضوء على عنصر الماء من نافذة الفنون والإرث الثقافي، ويركز على ارتباطه بالثقافات والحضارات والأديان والفلسفات والأماكن والتواريخ، بل والحيوات والعوالم عموماً، وارتباطه الوثيق بحركة التطور والنمو، باعتباره الشرط الأكثر أهمية للوجود الإنساني.
هذا ويعد المعرض واحداً من سلسلة متواصلة من المعارض المتنوعة والثرية، التي تنظمها هيئة الشارقة للمتاحف على مدار العام، لتعزيز الحراك الثقافي في إمارة الشارقة، تستضيف عبرها نخبة من الفنانين والمبدعين، بهدف ترسيخ دور الفنون والثقافة في الارتقاء بالحوار الحضاري الإنساني، وتثري المشهد الثقافي، وتوفر بيئة مواتية للمواهب الصاعدة.
ندوة
إلى ذلك تعقد هيئة الشارقة للمتاحف على هامش المعرض ندوة بعنوان " قطرة بعد قطرة تتساقط الحياة من السماء. الماء والإسلام والفنون"، يوم السبت الموافق 12 يونيو الجاري الساعة 10:30 صباحاً، في متحف الشارقة للحضارة الإسلامية، وتناقش الجلية التي سيتم بثها عبر قناة اليوتيوب الخاصة بالهيئة، التطور التاريخي لدور الماء وتجسيده الإبداعي في الفنون والآثار القديمة العربية والإسلامية، متمثلة في المحاور الأربعة للمعرض: نعمة الماء والإسلام، الماء والحياة اليومية، الحمام التقليدي والحدائق.
ويشارك في الندور التي تديرها إيدا زيليو غراندي، مدير المعهد الثقافي الإيطالي في أبوظبي، كل من جيوفاني كوراتولا، أستاذ بجامعة أوديني وقيَم المعرض، وألبرتو تيرافيري، أستاذ في بوليتكنيكو تورينو في قسم البيئة وهندسة الأراضي والبنية التحتية (DIATI)، في مجال هندسة البيئية التطبيقية، ودكتور طارق المرابطين، أستاذ في جامعة الشارقة الحاصل على دكتوراه في الهندسة المدنية (الموارد المائية والهندسة الهيدروليكية)، من جامعة كيوشو 1999.