جار التحميل...
الشارقة 24:
أكد باحثون وأكاديميون أن رعاية المشروعات التراثية تعدّ ركيزة أساسية في حفظ وتوثيق التراث الإماراتي، مشيرين إلى أن استدامة هذه المشاريع تسهم في نقل الموروث الثقافي للأجيال القادمة، وترسيخ الوعي المجتمعي بأهمية الهوية الوطنية.
وأوضح المتحدثون أن صون التراث يتطلب عملاً مؤسسياً ومنهجياً متكاملاً يجمع بين الجهد الفردي والدعم المؤسسي، ويوازن بين البحث الأكاديمي والمبادرات الميدانية الهادفة إلى حماية الموروث المادي والمعنوي.
جاء ذلك خلال جلسة ثقافية بعنوان "رعاية المشروعات التراثية دعامة لتوثيق التراث الإماراتي"، نظمها معهد الشارقة للتراث ضمن فعاليات الدورة الرابعة والأربعين من معرض الشارقة الدولي للكتاب 2025، وجمعت كلاً من الباحث في التراث الإماراتي الدكتور راشد المزروعي، والباحث والأكاديمي الدكتور حمد بن صراي، وأدارها محمد نور الدين.
وأكد الدكتور راشد المزروعي أن المشروعات التراثية تمثل عملاً متواصلاً ومتجدداً لا ينفصل عن مسيرة التطور الثقافي في الدولة، موضحاً أن الإمارات بحاجة دائمة إلى هذه المشاريع في مختلف نواحي التراث الشعبي، سواء المادي أو المعنوي.
وأشار إلى أن الإصدارات والندوات والدراسات الشعبية هي نتاج طبيعي لتلك المشاريع المتكاملة، لافتاً إلى أنه أصدر أكثر من أربعين عملاً في مجال الشعر الشعبي، يعدّها جزءاً من جهوده لحفظ هذا اللون من التراث.
وكشف أن مشروعه الحالي يركّز على توثيق أعمال الشعراء الذين لم تصدر لهم إلا مؤلفات محدودة ونادرة، وقد أنجز حتى الآن أربع موسوعات تضم كل منها ستة عشر شاعراً.
وأضاف أن المؤسسات الثقافية في الدولة مثل المجمع الثقافي في أبوظبي، ونادي تراث الإمارات، قدّمت نماذج رائدة في حفظ التاريخ وجمع الحكايات الشعبية، مؤكداً أن الحاجة ما زالت قائمة لإنشاء المزيد من المشاريع المعنية بالحكايات الشعبية والمهن والحرف والألعاب التقليدية وحياة البادية والساحل والجبال.
من جانبه، شدد الدكتور حمد بن صراي أن نجاح المشروعات التراثية يعتمد على الوعي الحقيقي والاقتناع بأهمية صون الموروث الثقافي، موضحاً أن المبادرات التراثية ينبغي أن تُصمم ضمن منظومة تنموية تراعي البعد الاجتماعي والاقتصادي، وتنسجم مع هوية المجتمع وقيمه.
وأوضح أن التجارب الفردية في المشروعات التراثية أثبتت جدواها عندما تستند إلى البحث العلمي الموثق.
وأكّد أنه ألزم نفسه بالمنهج الأكاديمي حتى في جمع التاريخ الشفهي وتوثيق المرويات الشعبية، وقام بزيارات ميدانية في أنحاء الإمارات ودول المنطقة لتوثيق روايات ومشاهدات واقعية، نتج عنها عدد من الدراسات مثل "جوازات رأس الخيمة القديمة" و"حياة القرى والمدن" و"الدروب" و"الوهابية والويلية" وغيرها.
وأشار إلى أن الموضوعات البحثية التي ما زالت بحاجة إلى مشروعات علمية جديدة تشمل التاريخ الشفاهي النسوي، والتراث العمراني، والوثائق التاريخية، وغيرها. مؤكداً أن هذه الجهود تمثل أمانة في أعناق الباحثين والمؤسسات المتخصصة.
وختم بن صراي قائلاً إن التراث يعتبر حياة متجددة تقرب الأجيال من آبائهم وأجدادهم، وتعمّق انتماءهم لوطنهم وهويتهم الثقافية.