جار التحميل...
الشارقة 24:
أكد الباحثون والأدباء المشاركون في البرنامج العلمي لملتقى الشارقة الدولي للراوي الـ25، أن الرحلات والتجارب الشخصية لا تقتصر على التنقل بين الأماكن، بل تلعب دوراً محورياً في إثراء المعارف والعلوم وفهم التاريخ والثقافة الإنسانية، وأضافوا أن أدب الرحلة يمثل جسراً للتواصل بين الشعوب.
وقدم سعادة الدكتور عبد العزيز المسلم رئيس معهد الشارقة للتراث رئيس اللجنة العليا المنظمة للملتقى، خلال جلسة بعنوان "تجارب رائدة في عوالم الرحلة"، أدارها الباحث علي العبدان، ورقة بعنوان "من مدائن الريح إلى مدونة مسافر"، استعرض المسلم فيها رحلاته المتعددة التي وثقها في مقالاته وكتاباته، بدءاً من مقارناته بين المدن مثل صور في عمان وصور في لبنان، وصولاً إلى رحلته في مدينة حيدر أباد بالهند، حيث عايش تجربة البحث عن الكتب النادرة في أسواقها القديمة ودوّن مشاهداته عن قلعة جول كوندا العريقة.
وتحدث الدكتور المسلم، عن بداياته في الكتابة عبر مقالاتٍ صحافيةٍ قبل أن تتطور لتصبح مؤلفات توثق أسفاره حول العالم، موضحاً أن رحلاته ارتبطت أيضاً بأسابيع الشارقة الثقافية التي جابت عدداً من العواصم والمدن العالمية، حيث اتخذ من الشوارع الصغيرة والأحياء المحلية مادة رئيسة لسرده، مسلطاً الضوء على قصص الأسماء والذكريات المرتبطة بها، وأكد أن ما يمنح أدب الرحلة قيمته الحقيقية هو قدرة الكاتب على التقاط تفاصيل الحياة اليومية وربطها بالتاريخ والمعرفة، بعيداً عن الطابع الاستهلاكي السائد في بعض أدبيات السفر المعاصرة التي تقتصر على وصف المطاعم والفنادق.
بدوره، قدم الكاتب طلال سالم، ورقة حول كتابه "إماراتي في نيجيريا"، مسلطاً الضوء على تجربةٍ فريدةٍ خاضها في غرب إفريقيا، موضحاً أنه وجد في نيجيريا وجهة غير مألوفة، وأكد أن الكتاب يجمع بين أدب الرحلة والسيرة الذاتية، حيث صاغ تجربته بلغة تمزج بين التوثيق الواقعي والتأمل الذاتي، ليكشف عن صورة أخرى لإفريقيا بعيداً عن الصور النمطية المرتبطة بالعنف والفوضى.
من جانبه، استعرض الباحث والأديب الدكتور خالد البدور، رحلته إلى مالابار من خلال كتابه "مالابار.. سواحل السحر والبهار"، متناولاً تجربته في ولاية كيرلا بجنوب الهند، موضحاً أن علاقته بالهند ضاربة في الجذور منذ الطفولة، وأن زيارة مالابار أعادت إليه ذكريات دبي القديمة.
وواصل الملتقى، فعاليات برنامجه العلمي عبر جلستين حواريتين، تناولت الأولى السرد الرحلي والتوثيق، فيما ركزت الثانية على مشاهدات الرحالة وانطباعاتهم عن البلدان التي زاروها، الأمر الذي أسهم في إثراء الفهم الثقافي والحضاري للحضور.
وأكد فهد علي المعمري، خلال جلسة بعنوان "حكايات الرحالة بين السرد والتوثيق"، أن السرد الرحلي لا يقتصر على نقل الوقائع، بل يمنح الرحلة روحاً وتجربة حيّة للقارئ، بينما التوثيق يضمن مصداقيتها، بينما أشار الباحث عوض الدرمكي، إلى أهمية المزج بين المتعة والمعرفة، لافتاً إلى أن الرحالة يقدمون رؤية ثقافية وحضارية تُثري الذاكرة الجمعية، فيما لفت الدكتور شعيب حليفي، إلى أن كل رحلة تمثل جسراً للتواصل بين الشعوب، موضحاً دورها في إثراء الدراسات الأكاديمية والتعلم التأملي، فيما شدد الدكتور عادل العناز، على أهمية التوثيق العلمي للحفاظ على قيمة السرد الرحلي وربطه بالماضي والحاضر.
وعقدت جلسة أخرى تحت عنوان "مشاهدات الرحالة وانطباعاتهم عن البلدان المزورة"، حيث أوضحت عائشة راشد الشامسي أن مشاهدات الرحالة تقدم رؤية دقيقة للعادات والتقاليد المحلية، بينما تحدث في الجلسة دكتور سعيد يقطين عن حوافز الرحلة ووظائفها في السيرة الشعبية العربية، فيما أشار الدكتور يحيى العبالي إلى أن دراسة الرحلات تساعد على فهم تطور العلاقات بين الشعوب، فيما استعرض الدكتور عبد الله الخضير، تجربته من الأحساء إلى جزر القمر، وثقافة الجزر وحياة أهلها اليومية.
واستعرضت الجلسة التي جاءت تحت عنوان "رحلات قديمة وأخرى حديثة"، التي أدارتها شيخة المطيري، تجارب ثلاثة من الباحثين البارزين في مجال أدب الرحلة، حيث قدمت مريم المزروعي، ورقتها عن تجربة ابن جبير في كتابه "الأماكن والمسالك في كتب البلدانيين والجغرافيين العرب"، مستعرضة رحلته بين البر والبحر والأسواق التاريخية، مع مقارنة بين مكة المكرمة والمدينة المنورة وبلاد الشام، وركزت على معايير الرحلة مثل الأمن والسرعة، موضحة أن ذلك ألهمها لدراسة الدروب التاريخية من الإمارات إلى السعودية.
بدوره، سلط الدكتور علي عبد القادر الحمادي الضوء على أدب الرحلة كوسيلة للتقريب بين الشعوب، مستنداً إلى رحلته الدراسية بالمغرب وتوثيقها في كتابه "سرد الأتاي"، وركز فيه على الانطباعات الشخصية والمشاهدات الميدانية لربط التراث الثقافي بين الشارقة والمغرب، في حين عرض الباحث محمد نجيب قدورة، حياة وأعمال الرحّال أحمد بن ماجد، معرّفاً رحلاته التجارية والاستكشافية في بحر العرب وبحر الصين والبحر الأحمر، ودوره في التربية البحرية من خلال جماعة "أسود البحر"، وتناول مؤلفاته الـ42 التي وثقت اكتشافاته وتقنيات الملاحة.
وشهد الملتقى، توقيع مجموعة من الكتب في أدب الرحلات، إذ وقع فهد المعمري كتابه "تلخيص الصفحات في أدب الرحلات"، مستعرضاً بدايات التأليف الرحلي العربي وتطوره، فيما وقع شعيب حليفي كتابه "رحلة في الأدب العربي"، الذي ركز على جذور الأدب العربي ودوره في التواصل بين الشرق والغرب عبر طرق التجارة، في حين وقعت نورة الخيال مديرة الإعلام بمعهد الشارقة للتراث كتاباً لها بعنوان:Maldivia Island of Light الذي يتناول رحلة الرحالة العربي أبو البركات يوسف البربري، ودوره في دخول الإسلام إلى جزيرة المالديف، فيما وقع الباحث محمد نجيب قدورة كتاباً بعنوان "أحمد ابن ماجد: الأيقونة الريادية في العلوم البحرية والفلكية".