جار التحميل...

mosque
partly-cloudy
°C,
في تجربة فريدة أبهرت الجمهور

ملتقى الشارقة الدولي للراوي الـ25 يحاور ابن بطوطة افتراضياً

24 سبتمبر 2025 / 10:36 PM
ملتقى الشارقة الدولي للراوي الـ25 يحاور ابن بطوطة افتراضياً
download-img
جمال الشحي خلال تقديمه التجربة
قدّم ملتقى الشارقة الدولي للراوي، ضمن فعاليات دورته الـ25، وفي خطوةٍ نوعيةٍ تجمع بين الحكاية والتراث، وأحدث ما وصلت إليه التكنولوجيا، تجربةً فريدةً أبهرت الحضور، حيث أتيح للجمهور، أن يلتقي الرحالة الشهير ابن بطوطة افتراضياً، عبر تقنيات الواقع الافتراضي.

الشارقة 24:

قام ملتقى الشارقة الدولي للراوي، ضمن فعاليات دورته الـ25، وفي خطوةٍ نوعيةٍ تجمع بين الحكاية والتراث، وأحدث ما وصلت إليه التكنولوجيا، بتقديم تجربةً فريدةً أبهرت الحضور، حيث أتيح للجمهور، أن يلتقي الرحالة الشهير ابن بطوطة افتراضياً، عبر تقنيات الواقع الافتراضي.

ولم تكن الجلسة، مجرد استعادة لسيرة تاريخية، بل كانت حواراً حيّاً جمع بين الماضي والحاضر، ليعود صاحب "تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار"، متحدثاً بلسانه عن تفاصيل رحلاته التي دونها منذ أكثر من سبعة قرون.

مخاطر الأسفار عبر البحار والصحارى

وافتتح المحاور جمال الشحي اللقاء بكلمات شاعرية، قدّم فيها الضيف الكبير قائلاً: "موعدنا اليوم مع رجل لا يمكن أن يحبس في مدينة واحدة، ولا في زمن واحد… خرج من طنجة شاباً باحثاً عن الدهشة، فعاد شيخاً يحمل قارات في صدره"، لينطلق الحوار في أجواء تشبه مجلس السرد، حيث بدا ابن بطوطة قادراً - رغم الفاصل الزمني - على نقل تفاصيل طنجة القديمة، ومخاطر أسفاره عبر البحار والصحارى، وتجارب الغربة والمرض والنجاة، بل روى كيف ظل شغفه بالاكتشاف أقوى من الخوف.

خورفكان وكلباء والقريات كانت ضمن محطاته

وتناول اللقاء أيضاً، كتابه الشهير الذي أملاه على ابن جزي بأمر السلطان المريني، موضحاً أنه لم يكتب مغامراته من أجل الترفيه فقط، بل لتوثيق حياة الناس وثقافاتهم وطرائق عيشهم، وتوقف الحوار عند محطاته في خورفكان وكلباء والقريات، حيث وصف أهلها بأنهم كرماء، يحبون الضيف، ويعيشون بين البحر والصحراء بلهجات متعددة النغمات.
ملتقى الشارقة الدولي للراوي الـ25 يحاور ابن بطوطة افتراضياً
الرحلةُ دهشةٌ تُعاش

وفي إحدى اللحظات، بدأ السؤال الأكثر عمقاً: «هل فقد السفر معناه اليوم؟»، فأجاب ابن بطوطة: «الرحلة ليست مسافة تقطع، بل دهشة تعاش، الجواز يفتح الباب، لكن القلب هو الذي يفتح المعنى»، وحملت هذه الكلمات رسالة خالدة بأن جوهر الرحلة يظل في التواضع أمام الآخر، لا في طول الطريق.

وفي ختام الجلسة، عبّر الجمهور عن انبهاره بهذه التجربة التي جعلت التاريخ ينبض من جديد، إذ لم يكن اللقاء مجرد محاكاة تقنية، بل جسراً بين الذاكرة والتراث والخيال والابتكار، مؤكداً أن الراوي سيظل حاضراً ما دامت هناك آذان تنصت، وقلوب تبحث عن الحكاية.

رحالة عرب وتجارب عالمية

كما شهد برنامج لقاء الرحّالة، مشاركة ثلاثة من الرحّالة الذين استعرضوا أمام الجمهور تجارب استثنائية جمعت بين المغامرة وحب الاكتشاف وإحياء التراث، حيث قدمت الإماراتية ميساء عبد الرحمن الصالح محطات من رحلاتها إلى وجهات غير تقليدية مثل كوريا الجنوبية والعراق، حيث وثقت ثقافات وديانات مختلفة، وكان أبرزها حديثها عن المجتمع الإيزيدي الذي لاقى تفاعلاً واسعاً عبر منصات التواصل.

ومن السعودية، روى صالح العابد، تفاصيل مغامراته على الدراجات الهوائية والنارية التي قادته عبر 29 دولة، لمسافة تجاوزت 38 ألف كيلومتر، واجه خلالها مواقف صعبة أبرزها تعطل دراجته في صحراء ناميبيا، فيما استعرض منير الدهيمي، من اليمن، رحلاته على الجمال، قاطعاً آلاف الكيلومترات عبر إفريقيا والخليج، لنشر رسائل المحبة والسلام، مؤكداً ارتباطه العميق بالتراث العربي الأصيل.

وجسد اللقاء، رسالة الملتقى في إبراز دور الرحلات والسرد في تعزيز الحوار الثقافي والتواصل الإنساني.

الرحلة العربية مصدر للتوثيق

وقدم الراوي في يومه الثالث جلسة بعنوان «الرحلة العربية مصدر تاريخي وتراثي» أدارها الدكتور حمد بن صراي، وشارك فيها باحثون متخصصون في تاريخ الرحلات وأثرها على التراث والمعرفة الإنسانية.

واستعرض الدكتور خير الدين شترة، أهمية الرحلات الحجية في توثيق التاريخ الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، مبيناً أن النصوص التي تركها الرحالة العرب شكلت مصدراً ثرياً للمؤرخين، وملأت فراغات لم تستطع المصادر التقليدية تغطيتها، موضحاً أن أدب الرحلة يكشف تفاصيل دقيقة عن حياة المجتمعات في المشرق والمغرب، مقدماً أمثلة من رحلات ابن جبير وابن بطوطة والمسعودي، إلى جانب تجربته الشخصية في تحقيق نصوص جزائرية محلية وحجازية، مشدداً على أن الرحلة تعد من أبرز أدوات الكتابة التاريخية.

من جانبه، تناول الدكتور صالح اللهيبي، موضوع مخطوطات الرحالة وأثرها في الدراسات التاريخية، موضحاً أن هذه المخطوطات تمثل "جغرافية متحركة"، تنقلت بين البلدان بطرق مختلفة، منها السلمية عبر النسخ والإهداء، ومنها القسرية في فترات الاضطراب التاريخي كسقوط الأندلس وبغداد، مشيراً إلى ضياع كميات كبيرة من هذه الكنوز، فيما استقر بعضها في مكتبات عالمي.

فضاءات الرحلة ومشاهد الارتحال

كما شهدت جلسة بعنوان «فضاءات الرحلة ومشاهد الارتحال»، ضمن فعاليات ملتقى الشارقة الدولي للراوي، أدارها محمد سالم بن هويدن، وتناولت محاور متعددة عكست ثراء التجربة الثقافية للرحلة في الأدب والتاريخ.

وقدّم الدكتور راشد المزروعي، ورقة بعنوان «من دعاء الغيث إلى رحلة شعرية في الإمارات»، استعرض فيها حضور الرحلة في قصيدة "الأمطار" للشاعر الماجدي بن ظاهر، موضحاً كيف شكّلت الرحلة والصور الطبيعية ملامح الشعر المحلي، بينما تحدثت فاطمة المغني في ورقتها «مدن الساحل الشرقي بالإمارات في مرآة البلدانيين والجغرافيين القدماء»، عن دور الرحّالة والمؤرخين في توثيق جغرافية المدن الساحلية وما لعبته من أدوار في التواصل التجاري والثقافي، فيما اختتم سلطان المزروعي الجلسة بورقته «جائزة ابن بطوطة.. ارتياد الآفاق على خطى الرحالة العرب»، مبرزاً مكانة الجائزة في إحياء إرث الرحّالة التاريخي وتعزيز حضورهم في الثقافة المعاصرة.

أنشطة وورش ملتقى الراوي

واصل ملتقى الشارقة الدولي للراوي، تقديم يوم زاخر بالأنشطة والبرامج، توزعت بين الفترة الصباحية والمسائية، وجذبت المهتمين بالتراث والفنون التقليدية.

وتضمنت الفترة الصباحية، ورشاً متنوعة مثل خريطة ابن بطوطة مع سامية حمودة، وفن الورق للخط، وحقيبة السفر من الخوص، ورحلة عبر تراث الإمارات، وأطياب السفر، إلى جانب ورشة "اصنع منظارك بنفسك" في متحف الشارقة، وجلسة سفن الرحالة للأطفال، أما الفترة المسائية، فشهدت ورشاً للحرف الإماراتية مثل قلائد اللؤلؤ والتلوين على الجبسيات، إضافة إلى طريق الحكايات مع هريم المدفع، والبوصلة العجيبة، وجلسة رحلة في سطور التراث، وورشة أصدقاء القمر، مؤكدة على رسالة الملتقى في صون التراث وتعزيز قيم السرد.

ويستضيف الملتقى، غداً الخميس، ضمن سلسلة لقاءات الرحالة الدكتور نافع الياسي، استشاري جهاز هضمي أطفال إماراتي، ومؤلف ومحب للسفر، وعبد الكريم الشطي، رحالة وكاتب في أدب الرحلة من دولة الكويت.

September 24, 2025 / 10:36 PM

الكلمات المفتاحية

أخبار ذات صلة

Rotate For an optimal experience, please
rotate your device to portrait mode.