في خضم التحديات المتسارعة التي يشهدها العالم، تبرز أهمية الاستعداد المسبق والتخطيط الاستراتيجي كمرتكزات أساسية لحماية الإنسان وصون كرامته، خاصة في أوقات الأزمات والطوارئ، وفي إمارة الشارقة، التي تميزت برؤى قيادتها الحكيمة ونهجها الإنساني الراقي، تلوح في الأفق ملامح مستقبل واعد يتطلب تعزيز منظومة الإسكان المؤقت والطارئ لتكون أكثر مرونة واستدامة، وقادرة على احتواء المتغيرات المفاجئة.
إن الإسكان الطارئ ليس مجرد مأوى مؤقت، بل هو تعبير عميق عن كفاءة إدارة الأزمة وكرامة الإنسان في أضعف لحظاته، ومن هنا، فإن استشراف منظومة الإسكان الطارئ في الشارقة يتطلب إعادة هندسة المفاهيم بكل معانيها، وبناء نماذج مبتكرة تدمج بين السرعة في الاستجابة، وجودة الحياة المؤقتة، واستدامة الموارد.
ولقد أثبتت التجارب العالمية أن التعامل الفعال مع الكوارث يبدأ قبل وقوعها، وهو ما يسمى التخطيط الاستباقي، وفي هذا السياق، فإن إمارة الشارقة عززت من ثقافة إدارة الأزمات على كافة المستويات؛ من خلال تطوير البنية التشريعية والتنظيمية، وبناء فرق عمل مدربة، وإقامة شراكات استراتيجية مع القطاع الخاص، والمجتمع المدني، والمؤسسات وغيرها، لمواكبة الحلول العصرية الجديدة في احتواء الأزمات ، كما أنه أصبح من الضروري إيجاد قاعدة بيانات موحدة يتم تحديثها باستمرار لتيسير اتخاذ القرار عند وقوع الحدث وتطوير الحلول الذكية باستخدام التكنولوجيا في تصميم نماذج مرنة للإسكان الطارئ وتطوير أنظمة الإنذار المبكر بحيث تراعي خصوصية الأسر الإماراتية وثقافتها.
إن بناء منظومة فاعلة للإسكان المؤقت والطارئ ليس ترفاً إدارياً، أو صرفاً لمبالغ مالية كثيرة فحسب، بل ضرورة وطنية تُجسد روح التكافل، وتعكس رُقي المجتمعات في مواجهة الأزمات.
وتبقى الشارقة، كعادتها، في طليعة المبادرات التي تجمع بين الحس الإنساني والعمق التخطيطي، لتكون نموذجاً يُحتذى به في ترسيخ الأمان الاجتماعي، ولنعلم أن استشراف المستقبل لا يتحقق بالأمنيات، بل بالتخطيط، والتدريب، والابتكار، لتشمل تلك المنظومة عدة مقومات أساسية منها الشركات الخاصة لتشارك بفعالية في توفير الموارد والدعم اللوجستي وتفعيل الشراكات المجتمعية ، من تمكين الجمعيات الخيرية، والمؤسسات الأكاديمية التي لديها من الخبرات بهذا الشأن كي تتبني البحوث والدراسات ووضع الحلول المناسبة لتعزيز منظومة الاسكان الطارئ، فكم من خِبرات حبيسة الأدراج ، قد حان وقت حصادها.
كما أن التخطيط الحضري الاستباقي كإعداد خرائط رقمية للمناطق الأكثر عرضة للمخاطر، وتحديد مواقع استراتيجية لبناء وحدات إسكان طارئ مسبقة التجهيز، تُمكَّن من التدخل الفوري بنجاح.
ولقد أثبتت إمارة الشارقة، في مواقف عديدة، أنها ليست مجرد مدينة تَبْني العِمارات والمساكن فقط، بل قلب نابض بالإنسانية والحكمة، ففي كل أزمة محلية أو إقليمية، كانت الشارقة حاضرة بالمساعدة والمأوى والمبادرة، ومع رؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، في التركيز على التنمية الشاملة المتكاملة، فإن البنية التحتية للإسكان، بما في ذلك الاسكان المؤقت والطارئ تشهد طفرة نوعية من حيث الجودة ممزوجاً بالحكمة والابداع.
وختاماً: إن الشارقة، بطموحاتها وإنسانيتها، مرشحة لأن تكون نموذجاً عالمياً في إدارة الإسكان الطارئ وثقافة الاستعداد.