جار التحميل...

mosque
partly-cloudy
°C,

الليالي التراثية بالشارقة..تجربة رمضانية تجمع بين الأصالة والتجديد

18 مارس 2025 / 9:06 AM
الليالي التراثية بالشارقة..تجربة رمضانية تجمع بين الأصالة والتجديد
download-img
تمثل الليالي التراثية واحدة من أبرز المحطات الثقافية خلال الشهر الفضيل والتي ينظمها معهد الشارقة للتراث، حيث تسلط الضوء على الموروث الإماراتي الغني، وتتيح للزوار فرصة التفاعل مع التراث المحلي في أجواء رمضانية استثنائية تجمع بين التقاليد العريقة والمظاهر الاحتفالية الحديثة.
وتكتسب "الليالي التراثية" أهمية خاصة خلال شهر رمضان الكريم، حيث تساهم في تعزيز الأجواء الروحانية والاجتماعية، التي يتميز بها هذا الشهر الفضيل، ففي الوقت الذي يمثل فيه رمضان فرصة للتقرب إلى العادات والقيم الأصيلة، تأتي هذه الفعالية لتعكس جوانب الحياة الرمضانية في الماضي، ولتعيد إحياء طقوس الأجداد التي كانت تجمع الأسر والمجتمعات معًا في أجواء تسودها الألفة والدفء. 

كما أن إحياء العادات الرمضانية التراثية يسهم في تعزيز الترابط بين الأجيال، حيث يتعرف الشباب على تقاليد الشهر الفضيل كما عاشها الأجداد، بدءًا من مدفع الإفطار، مرورًا بالمجالس الرمضانية، ووصولًا إلى الألعاب الشعبية التي كانت تملأ ليالي رمضان بالبهجة، من خلال المزج بين الفعاليات الثقافية والاجتماعية، تصبح الليالي التراثية منصة تجمع أفراد المجتمع من مختلف الفئات، مما يعزز من قيم التلاحم والتواصل التي يتميز بها رمضان.

كما تسلط الفعالية الضوء على الممارسات الغذائية التراثية خلال الشهر الفضيل، حيث يتم تقديم الأكلات الرمضانية التقليدية، التي كانت تُحضر في المنازل القديمة، مما يعزز من ارتباط المجتمع بموروثه الغذائي، ويعيد إحياء وصفات ربما اندثرت أو تراجعت مع مرور الزمن. 

وتعتبر هذه الفعالية فرصة ثمينة للزوار لاستكشاف التراث الرمضاني الإماراتي في أجواء معاصرة، حيث تجمع بين مظاهر الاحتفاء بالماضي وروح الاحتفال بالحاضر، فهي ليست مجرد احتفال ثقافي، بل تجربة غنية تعكس كيف كان الأجداد يقضون ليالي رمضان في أجواء مليئة بالمحبة والتواصل والمشاركة المجتمعية.

وتعتمد الفعالية على تقديم محتوى ثقافي غني يعكس التنوع في التراث الشعبي، حيث تضم مجموعة من الأنشطة الفنية، والعروض الأدائية، والحرف التقليدية، إضافة إلى الأطباق الإماراتية الأصيلة التي تعكس هوية المطبخ المحلي في شهر رمضان المبارك، ويجسد الحدث بيئة تفاعلية تتيح للزوار تجربة أجواء الماضي بأسلوب متجدد يجمع بين المتعة والفائدة. 

وتتضمن الفعاليات قرية الحكايات التي تعيد إحياء فن الحكواتي ورواية القصص التراثية، بالإضافة إلى مسرح العرائس الذي يقدم عروضًا ترفيهية مستوحاة من التراث الشعبي، كما يتم تخصيص قرية للأطفال تحتوي على أنشطة تفاعلية تجمع بين التعليم والتسلية، مما يساعد الصغار على اكتشاف الموروث الثقافي بطريقة مرحة.

أما بالنسبة لمحبي الألعاب التراثية، فإن الفعالية توفر لهم فرصة استكشاف الألعاب التقليدية التي كان الأجداد يمارسونها، وذلك من خلال ساحات مخصصة تحاكي بيئة الماضي، كما يتم تنظيم مسابقات الطهي التي تتيح للمشاركين تحضير أطباق إماراتية رمضانية وفق الوصفات الأصيلة، وسط أجواء تعكس التقاليد الاجتماعية في الشهر الفضيل. يتيح ركن الكتب والمخطوطات فرصة لعشاق الثقافة والقراءة لاستكشاف إصدارات متنوعة تسلط الضوء على التراث المحلي، حيث تُعرض مجموعة من الكتب التي توثق تفاصيل الحياة القديمة، مما يعزز من الجانب المعرفي للفعالية. كما يتخلل الحدث مدفع الإفطار اليومي، وهو تقليد رمضاني عريق يعكس أصالة العادات الإماراتية المتوارثة.

وتكتمل أجواء الفعالية بالعروض المسرحية الفلكلورية التي تجسد التراث العربي بأشكال مختلفة، إضافة إلى المسابقات التفاعلية التي تشجع الزوار على استكشاف معلومات جديدة حول التاريخ والعادات الشعبية. كما تستضيف الفعالية جلسات حوارية تجمع الباحثين والمتخصصين لمناقشة قضايا التراث الثقافي وأهمية الحفاظ عليه في ظل تطورات العصر. 

كما أن الجانب الفني حاضر بقوة في الفعالية، حيث تتاح للزوار فرصة مشاهدة جلسات الرسم الحي، التي يستعرض فيها الفنانون إبداعاتهم من خلال لوحات تعكس الموروث المحلي. كذلك، تُقام أنشطة رياضية تقليدية تعكس روح التنافس والمتعة التي كانت جزءًا لا يتجزأ من حياة الأجداد، ما يجعل من "الليالي التراثية" تجربة متكاملة تمزج بين التراث والتفاعل الاجتماعي في أجواء رمضانية استثنائية.

وتمثل "الليالي التراثية" أكثر من مجرد فعالية ثقافية، فهي تجربة متكاملة تحتفي بشهر رمضان من خلال إعادة إحياء العادات والتقاليد التي كانت تميز هذا الشهر الكريم في المجتمع الإماراتي، إنها مساحة تجمع بين الترفيه والمعرفة، حيث يتعرف الزوار على تاريخهم بطريقة تفاعلية تعكس ملامح الحياة القديمة، سواء من خلال الفنون، أو الحرف التقليدية، أو العروض التي تنقل صورة نابضة بالحياة عن الماضي.
ولا تقتصر أهمية هذه الفعالية على الجانب الترفيهي فحسب، بل تمتد إلى دورها في تعزيز الروابط المجتمعية، حيث توفر بيئة تجمع العائلات والأصدقاء في أجواء تسودها الألفة والدفء، تمامًا كما كانت الليالي الرمضانية قديمًا. كما تتيح الفرصة للجيل الجديد لاكتشاف تراث أجدادهم بأسلوب شيّق، مما يساهم في غرس قيم الحفاظ على الموروث الثقافي، وتعزيز الشعور بالهوية الوطنية والانتماء.

إلى جانب الفعاليات المباشرة، تسعى "الليالي التراثية" إلى تقديم محتوى تثقيفي متكامل من خلال المعارض والندوات التي تناقش أهمية التراث غير المادي، ودوره في تشكيل الهوية الثقافية، ومن خلال هذه المنصات الحوارية، يتاح للمهتمين فرصة النقاش مع المختصين حول سبل الحفاظ على التراث في ظل التغيرات السريعة التي يشهدها العالم اليوم.

وبهذا، تظل "الليالي التراثية" في الشارقة واحدة من أبرز الفعاليات الثقافية التي تجسد روح رمضان بملامحه التراثية، وتساهم في إبقاء الموروث الإماراتي حاضرًا في وجدان المجتمع، ليبقى حياً في الذاكرة الجماعية، ويستمر كجزء أساسي من الهوية الوطنية للأجيال القادمة.
March 18, 2025 / 9:06 AM

مواضيع ذات صلة

أخبار ذات صلة

Rotate For an optimal experience, please
rotate your device to portrait mode.