منذ 10 سنوات توفي جدي رحمه الله وأدخله فسيح جناته وأذكر في آخر رمضان قضاه معنا، كنا أنا ووالدتي نحاول أن يكون الإفطار بمنزل والدي بسبب كبر سن جدي وجدتي في تلك الفترة لأننا تعودنا أن نفطر عندهم السنوات التي مضت لكنه أصر أن يكون الإفطار بمنزله قائلا جاملوني هذا العام.
وبالفعل أفطرنا عنده طوال الشهر، وتوفي بعدها بشهر.
نعم كم نحن نشتاق لتلك النفوس، التي تترك فراغاً رغم مرور الزمن.
وكنت مع أحد الأقارب، وأخذ يتحدث عن والده، الذي توفي منذ 8 أعوام، وتركته يتحدث ويبحر بذاكرته عن الوفاء، الذي عايشه معه، حينما تم تثمين مزرعة كي يمر من خلالها طريق لتطوير المنطقة.
وحدثنا عن ارتباط والده بالأرض التي توارثها عن جده، وتلك اللحظات التي نتعلم منها دروساً الانتماء والعشق للأرض والجذور الممتدة، وكان يتحدث والاشتياق يملأ عيونه، فتبدو أكثر لمعاناً.
نعم وكم من لحظات نشتاق لتلك الأرواح التي رحلت، ذاك الذي يتحدث عن اشتياقه لصوت والدته في المكان وحينما رحلت أصبح المكان بلا روح.
نعم لحظة اشتياق لنفوس رحلت عن دنيانا، لكنها تركت أثراً بذاكرة الزمن لتحكي لنا قصصهم وتنبهنا بأن نذكرهم بالدعاء والصدقة لأنهم أحوج لها.
رحمهم الله هم السابقون ونحن اللاحقون فلنزرع معنى الوفاء في نفوس أبنائنا ونذكرهم لعلناً، فبعد رحيلنا نجد من يذكرنا.