جار التحميل...
الشارقة 24:
استعرضت المصوّرة الإسبانيّة ليز أرانجو، في خطاب مُلهم خلال اليوم الأول من فعاليات المهرجان الدولي للتصوير "اكسبوجر 2025"، قضيّة الجوع كأزمة إنسانيّة معقدّة تتطلب سرداً مختلفاً، وكشفت عبر مشاريعها الوثائقيّة عن الجوانب الخفيّة لهذه الأزمة، من خلال توثيق قصص شخصيّة وجماعيّة للمتضررين من انعدام الأمن الغذائي حول العالم، مؤكّدة على دور التصوير في إعادة تشكيل الوعي العالمي حول هذه الأزمة الإنسانيّة، موظفة الإثارة البصريّة لتصوير الحقائق اليوميّة.
"لا يمكنك أن ترى الأطفال وهم يموتون جوعاً"، بهذه الكلمات القوية، استهلّت المصورة المعروفة بسرد القضايا البيئية والاجتماعيّة حديثها، وأضافت قد نختبر الجوع لبضع ساعات قبل وجبة الطعام، لكنّه شعور مؤقت وسرعان ما يزول، أما الجوع الذي أتحدث عنه فهو معاناة مستمرّة لا تقتصر على إحساس عابر، بل تترك بصمتها العميقة على الجسد والعقل، مؤكدةً ضرورة تبني طريقة مختلفة لسرد قصة الجوع، وقد تمكنت من تحويل العدسة إلى جسر يربط الجمهور بحقائق غير مرئية.
وفي عام 2024، اتخذ مشروعها بعداً آخر، حيث عملت على الربط بين الجوع والصراعات المسلحة في كولومبيا، وجاءت أكثر مشاهدها تأثيراً في يوليو من العام نفسه، عندما وثّقت آثار الحرب الإسرائيلية على لبنان، إذ اضطر أكثر من مليون لبناني للنزوح، ليس فقط بسبب القصف، بل بسبب الدمار الذي طال الأراضي الزراعية والمحاصيل، مشيرة إلى أنّ القصف لا يقتل السكان فحسب، بل كان يقتل الأرض والمزروعات أيضاً.
وتحدثت ليز، التي عملت مع العديد من المنظمات العالميّة مثل منظمة "العمل ضد الجوع"، عن تجربتها في فرنسا عام 2022، حيث اختارت التركيز على معاناة أولئك الذين يُحرمون من الطعام الصحي رغم أن بلادهم تُعرف بثقافة الطعام، وأوضحت أن ما يقارب 22% من سكان فرنسا يعانون الجوع بطريقة ما، بمن فيهم فرنسيون وليس فقط مهاجرين أو لاجئين.
واستعرضت ليز، قصة "جان" البالغ من العمر 72 عاماً، والذي عمل طوال حياته كعامل نظافة في باريس، لكنه الآن لا يستطيع تحمل تكلفة الطعام على حدّ قولها، كما عرضت أيضاً صوراً لطلاب جامعيين يصطفون في طوابير طويلة للحصول على وجبة مجانية، في مشهد لا يتوقعه كثيرون عن إحدى أغنى دول العالم.
وتمكّنت أرانجو، الفائزة بالعديد من الجوائز العالميّة في التصوير، من خلال عدستها ونهجها المدروس من تجاوز الصور النمطية، لتركز على الكرامة الإنسانية والحقائق اليومية للمجتمعات التي تعاني الجوع، مقدمةً شهادة بصرية قوية تدفع نحو التفكير والعمل، وأشارت إلى أن التصوير الفوتوغرافي يعزز فهماً أعمق لإحدى أكثر القضايا إلحاحاً في عصرنا.
ويواصل "اكسبوجر 2025"، الذي ينظمه المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة، فعالياته في موقعه الجديد بالجادة، ليقدّم على مدار أيامه حتى 26 فبراير الجاري، العديد من الجلسات الحواريّة والخطابات الملهمة والأنشطة المتنوّعة، إلى جانب معارض الصور لأشهر وأبرز المصورين العالميين.