جار التحميل...
نظم النادي الثقافي العربي في الشارقة مساء الخميس، أمسية شعرية بعنوان "معارج لِحُلم بعيد" اشترك فيها الشاعران ياسر عبد القادر محمد ودانا أبو محمود، وأدارها وشارك فيها الشاعر شمس الدين بوكلوه، بحضور نخبة من الأدباء ومتذوقي الأدب والشعر.
الشارقة مدينة الشعر بفضل رؤية سلطان القاسمي
وفي تقديمه قال شمس الدين بوكلوه، إن الشارقة بفضل رؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، هي مدينة الشعر وروضته الغناء التي يسرح في أفنانها الشعراء، ويمرحون ويأتون من صنوف الإبداع، بما يدهش القارئ ويمتعه، ويجدون في منابرها الكنف الذي يحتضن أصواتهم، ويوصلها إلى الجمهور العربي الواسع.
الإلقاء الشعري في الأمسية استهله الشاعر ياسر عبد القادر، وهو طبيب وشاعر عضو في عدد من المنتديات الشعرية السودانية، وشارك في كثير من الأماسي الشعرية في السودان والشارقة، ونشرت له قصائد في عدد من المجلات العربية، وله ديوان تحت الطبع، هما: "فكأنّما أحيا" و"عُروج إلى مراقِي النّبوّة".
في قراءته الشعرية بدا ياسر عبد القادر متمكناً من ناصية الأساليب الشعرية، قادراً على اختراع الصور المدهشة، يتكئ في أسلوبه على التضاد الذي ينشأ من الطباق والمقابلة، ويحدث مفارقات دلالية، وكذلك على التكرار الذي يحدث إيقاعاً مطرباً جاذباً للانتباه، فيبقي الأذن والذهن نشطين للسماع، وهو إلى ذلك طويل النفس ينوع على المعنى الواحد ويفرع عليه دون أن يفقد الرؤية الكلية، ولئن كان طبيب طوارئ فإن شعره بعيد عن الطوارئ، فهو يأخذ وقته في كتابة القصيدة وحقنها بالأساليب المختلفة التي تجعلها بديعة صحيحة، يقول ياسر من قصيدة "كجناح اليراع":
أنا لم أزَلْ باحثًا عن دَمِي ** وعن جذوةِ الطينِ فيَّ، وعنْ..
أشِيدُ على لحظةٍ عالمي ** وأهدمُ في أختِها.. وليكُنْ!
ولا أتحاشَى اقْترافَ الرُّؤى ** لأنّ زمان الرُّؤى لم يحِنْ
أُربّيِ على الروحِ تَصهالَها ** فتَصهالُ هذا التمرّدِ فَنْ
أنا كجناحِ اليراعِ الّذي ** بآفاقِ أفكارهِم ما سُجِن
تعلّمتُ أنِّي "أنا" وُجهتي ** وأنّ بقلبي المدَى والسُّفُنْ
وأنّ الطريقَ، كما رؤيتي، ** إذا ضلّتِ الحدسَ لا تُؤتمَنْ
وأعلمُ أنّ انطفائي سناً ** وأنّ البطولةَ بنتُ المِحَنْ
سأغرسُ في كلِّ أفقٍ بدا ** سؤاليَ للرّوحِ: من أنتِ.. من؟
الشاعرة دانا أبو محمود، شاعرة وناقدة ومدرسة للغة العربية، شاركت في الكثير من المهرجانات العربية والدولية، وحصلت على عدد من الجوائز السورية والعربية، منها: جائزة عمر أبو ريشة، وجائزة شاعر جامعة دمشق، وشاركت في الموسم العاشر لأمير الشعراء، ولها ديوانان قيد النشر.
تميزت دانا في قراءتها برقة العبارة، وهي تصدر عن طبع شاعري أصيل، متمكنة من اللغة، قادرة على اختراع الصورة الجميلة، وعلى تنويع الصور على معنى واحدة تسبر أغوارها من عدة جهات، نصوصها عبارة عن دفقة شعورية تنفثها من بين أنات الغربة والمجهول والأسئلة الحائرة، وكم يتألق أسلوبها حين تنفث دفقات الحنين للشام أو حين تهيم بالحبيب، تقول في قصيدة "أنا الريح":
تنامُ بلا أرضٍ، فماذا يُضيرُها * وكلُّ السمواتِ الفِساحِ سريرُها ..؟!
تُهدهدُها كفُّ المسافاتِ تارةً ** ويكبرُها في الدّهر حجماً شُعورُها
أنا "الريح" والأيّامُ بعضُ مراكبي ** تُساقُ بطوعي كيفَ شِئتُ أُديرُها
أسيرُ ولي "سبعٌ وعشرونَ" وردةً ** يُزاحمُني من كلِّ صوبٍ عبيرُها
وتحنو على خَطوي الدُّروبُ كجدّةٍ ** يمرُّ عليها في الصّباحِ صغيرُها
بكَفّي عصرْتُ الشِّعرَ فجرَ خواطري ** ليرشَحَ من كلِّ السمواتِ نورُها
فلا برَّ إلّا حيثُ ترسو قصائدي ** ولا ماءَ إلّا حيثُ هاجتْ بحورُها
وختم القراءات الشعرية الشاعر شمس الدين بوكلوه بقصيدة رؤيوية عرج فيها إلى سماوات الرمز الجميل، وبدا فيها شاعراً متمرساً بالأساليب، يختار عباراته بدقة ويؤلفها بوعي شاعر صناجة.