جار التحميل...
قبل انطلاق كأس العالم، كانت هناك منافسات كروية مرموقة أخرى، لكن اعتُبرت بطولة كرة القدم المقامة ضمن دورة الألعاب الأولمبية الصيفية أكثرها شهرة وأهمية، لكن في عشرينيات القرن الماضي، بدأ تحول كرة القدم نحو الاحترافية، مما خلق تعارضاً مع طبيعة الألعاب الأولمبية التي كانت مخصصة للرياضيين الهواة فقط.
ونتيجة لذلك، بدأ الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" بوضع خطط لإنشاء بطولة عالمية خاصة به، إذ تمَّ الإعلان رسمياً عن خطط تنظيم أول نسخة من كأس العالم في 26 مايو 1928، مما مهّد الطريق لولادة أعرق بطولة كروية في التاريخ.
وفي عام 1930 نظم الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" أول بطولة لكأس العالم في الأوروغواي بمشاركة 13 منتخباً من ثلاث قارات مختلفة؛ وهي الأرجنتين، وبوليفيا، والبرازيل، وبلجيكا، وتشيلي، والمكسيك، وفرنسا، بالإضافة إلى باراغواي، ورومانيا، والولايات المتحدة الأميركية، وبيرو، والأوروغواي، ويوغوسلافيا، ومنذ ذلك الحين، أصبحت البطولة تقام كلّ أربع سنوات، باستثناء فترة الحرب العالمية الثانية.
تُقام بطولة كأس العالم لكرة القدم دورياً كلّ أربع سنوات، وقد استقر هذا التقليد منذ انطلاق البطولة، إذ يترقب عشاق كرة القدم هذا الحدث الرياضي الكبير في فصل الصيف من كلّ دورة، وتستمر البطولة عادةً لمدة شهر تقريباً، تتنافس خلالها المنتخبات المتأهلة على اللقب الأغلى في عالم كرة القدم.
إلا أنَّ نسخة عام 2022 كانت استثنائية في تاريخ البطولة، إذ أقيمت لأول مرة في فصل الشتاء، وتحديداً في الفترة من 20 نوفمبر إلى 18 ديسمبر، وكان هذا التغيير ضرورياً بسبب الظروف المناخية في دولة قطر المُضيفة، فقد تصل درجات الحرارة في فصل الصيف إلى 40 درجة مئوية، مما يجعل إقامة البطولة في موعدها المعتاد أمراً صعباً للغاية.
شهد كأس العالم تطوراً ملحوظاً في عدد الفرق المشاركة، فقد بدأت البطولة في نسختها الأولى عام 1930 بمشاركة 13 فريقاً فقط، ثم استقر العدد على 16 فريقاً في الفترة من 1954-1978، بينما ارتفع إلى 24 فريقاً في نسخ 1982 و1986 و1990 و1994.
ومع تزايد شعبية البطولة وتطور كرة القدم عالمياً، تمَّ رفع عدد الفرق المشاركة إلى 32 فريقاً بدءاً من نسخة 1998 في فرنسا وحتى نسخة 2022 في قطر، وفي خطوة تاريخية جديدة سيشهد مونديال 2026 مشاركة 48 فريقاً للمرة الأولى، مما يعكس التوسع المستمر للعبة وزيادة التنافسية على المستوى العالمي.
شهدت البطولة تغيرات تقنية هامة، بدءاً من البث التلفزيوني للمباريات في خمسينيات القرن الماضي الذي ساهم في زيادة شعبيتها، وصولاً إلى إدخال تقنية حكم الفيديو المساعد "VAR" في السنوات الأخيرة، مما يعكس التزام البطولة بمواكبة التطور التكنولوجي لضمان عدالة المباريات.
قبل عام 1970، كانت المباريات المتعادلة في كأس العالم تُحسم إمّا بإعادة المباراة أو عن طريق القرعة، ومع اعتماد نظام ركلات الترجيح رسمياً من قبل مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم "IFAB" عام 1970، استغرق الأمر 12 عاماً حتى تم تطبيقه لأول مرة في المباراة التاريخية بين ألمانيا الغربية وفرنسا عام 1982، وقد تطور هذا النظام تدريجياً ليصل إلى نقطة تحول مهمة في مونديال 1990، حيثُ بدأت المنتخبات بوضع خطط مسبقة وتحديد المنفذين قبل المباراة.
بدأت قصة كأس العالم مع فوز الأوروغواي في النسخة الأولى، تلتها إيطاليا بفوزين متتاليين، وبعد توقف البطولة بسبب الحرب العالمية الثانية، عادت الأوروغواي للتتويج من جديد، لتبرز بعدها البرازيل كقوة عظمى بفوزها بثلاثة ألقاب في أربع بطولات مع ظهور اللاعب بيليه، فيما حققت ألمانيا الغربية وإنجلترا نجاحات بارزة، بينما تألقت الأرجنتين بقيادة مارادونا وهولندا بأسلوبها الثوري، واختتمت إيطاليا الثمانينيات بفوزها عام 1982.
وشهدت التسعينيات فوز ألمانيا الغربية ثم البرازيل وأخيراً فرنسا بلقبها الأول، أما الألفية الجديدة، فتميّزت بتنوع الفائزين بدءاً من البرازيل ثم إيطاليا وإسبانيا وألمانيا، لتعود فرنسا للتتويج عام 2018، وأخيراً، في عام 2022 فازت الأرجنتين بقيادة ميسي على فرنسا في نهائي مثير برز فيه مبابي كهدّاف للبطولة.
وفي الختام، تبقى بطولة كأس العالم لكرة القدم حدثاً عالمياً فريداً يتجاوز حدود الرياضة، فهي تجمع الشعوب والثقافات المختلفة تحت مظلة واحدة، وتخلق لحظات لا تُنسى من الإثارة والفرح والحزن، كما أنها تلهم الأجيال الجديدة وتغذي أحلامهم.
المراجع
[1] britannica.com, World Cup
[2] fifa.com, FIFA World Cup champions: 1930-1978
[3] portugoal.net, The evolution of the World Cup
[4] theroar.com.au, FIFA World Cup history: Past winners, runners-up, leading goalscorers and Golden Ball recipients
[5] footballhistory.org, The history of FIFA World Cup