في إطار الجلسة الافتتاحية للبرنامج العلمي في ملتقى الشارقة الدولي للراوي في دورته الرابعة والعشرين، الذي ينظمه معهد الشارقة للتراث، أعرب عدد من المتخصصين والباحثين في مجال التراث الموريتاني عن عميق تقديرهم للدعم اللامحدود الذي يقدمه صاحب السمو حاكم الشارقة لموريتانيا، التي تُعتبر ضيف شرف هذه الدورة.
الشارقة 24:
أشاد متخصصون وباحثون في الشأن التراثي الموريتاني بدعم صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، لموريتانيا - ضيف شرف الدورة الحالية لملتقى الشارقة الدولي للراوي 24، معتبرين أن هذا الدعم يرسي أواصر المحبة والأخوة، ويعزز مجالات التبادل الثقافي والمعرفي، ويدفع باتجاه استدامة رعاية علوم وثقافة وتراث العرب ونقله بين الأجيال.
جاء ذلك خلال الجلسة الافتتاحية للبرنامج العلمي لملتقى الراوي 24 الذي ينظمه معهد الشارقة للتراث، وشارك في الجلسة الباحثون عبد الرحمن أبنو، ود. أحمد مولود أيد الهلال، ود. الشيخ سيدي عبد الله، وأدارها الدكتور منّـي بونعامة، مدير إدارة المحتوى والنشر بالمعهد، تحدثوا خلالها عن حفظ التقاليد المروية في موسوعة الثقافة الشعبية الموريتانية، وما بذل فيها من جهود.
وأوضح عبد الرحمن أبنو، أن دور صاحب السمو حاكم الشارقة، في دعم ثقافة موريتانيا ليس وليد اليوم، إذ كان لأياديه البيضاء دور مهم في افتتاح بيت الشعر في نواكشوط عام 2015، دعماً للشعر والشعراء، وتنظيم مهرجان نواكشوط للشعر العربي عام 2016، وهو امتداد لمهرجان الشارقة الشعري للشباب، وتوجيه سموه بدعم وتأسيس مجلس اللسان العربي في موريتانيا عام 2017، ليتكلل ذلك بافتتاح مقر مجلس اللسان العربي في موريتانيا عام 2019، ليكون عوناً للعلماء والباحثين.
على صعيد متصل، أكد عدد من المهتمين بالشأن التراثي المحلي، أن التعاون بين مؤسسات الدولة أثمر عن تعزيز حضور التراث في الحياة العامة، والانتقال به من المحيط المحلي إلى صدارة تراثات الشعوب في المحيط الإقليمي والعالمي، بعد أن حاز الإعجاب والثناء بدوره البارز في دعم التراث العالمي. داعين المؤسسات إلى المزيد من التعاون لتحقيق أفضل النتائج والنجاحات.
حيث نُظِّمَت الجلسة الأولى من البرنامج العلمي، بعنوان "دراسة الطيور بين الشفاهية والمكتوب"، بمشاركة سعادة الدكتور عبد العزيز المسلم، رئيس معهد الشارقة للتراث، ومجموعة من المتخصصين، وإدارة الباحث الدكتور حمد بن صراي.
وقال سعادة الدكتور عبد العزيز المسلم، في ورقته: "إن الكثير من التراث والمفردات يضيع إذا لم يدون، وقد أثرى المعهد المكتبة الوطنية بالأبحاث والدراسات التراثية العامة، والتراث الثقافي للطيور بشكل خاص، ولديه الكثير من الخطوات التي ترسخ أصالة الموروث، انطلق بها من الطفولة، حيث خصص فعاليات عدة للتعريف بالتراث الشعبي والمفردات الشعبية، لإيمان المعهد بأن التمسك بالتراث الثقافي هو جزء أصيل وحي من التمسك بالهوية الوطنية".
وتحدث حمد الحميري مدير إدارة البحوث والخدمات المعرفية في الأرشيف والمكتبة الوطنية، عن دور الأرشيف والمكتبة الوطنية في حفظ تراث الطيور في الإمارات، قائلاً: "إن الطير رمز عظيم من رموز الدولة، والصقر خير مثال على ذلك. وكان الشيخ زايد رحمه الله، الداعم الأول لهذا التراث منذ البدايات، ولا سيما إقامة مؤتمر البيزرة الأول في أبوظبي عام 1976. وقد سُمي في مهرجان الصداقة؛ لأن حب الصقر يجمع الكثير من الشعوب، فكانت هذه فرصة لجمعهم ولقائهم في أجواء من المحبة في بلد المحبة والسلام".
وأوضحت فاطمة المنصوري، مدير مركز زايد للدراسات والبحوث بنادي تراث الإمارات، أن الطيور تشكل ثقلاً معرفياً وتاريخياً واقتصادياً، ولها اهتمام كبير في دولة الإمارات. وقد انعكس ذلك في جهودها بتسجيل رياضة الصيد بالصقور في التراث العالمي لليونسكو بعد محاولات طويلة بذلتها في هذا المجال.
أما الباحث الإماراتي جمعة بن ثالث، فقد تحدث عن ببليوغرافيا الطير في المكتبة التراثية العربية، وبين أن للطيور فوائد عظيمة في تحديد بداية المواسم ونهاياتها، والإشارة إلى وجود الرياح والأمطار، وظهور نجم معين. وقد تصدر الطيور بعض الأصوات خلال هجرتها في الليل لإرشاد بقية الطيور إليها، مبيناً أن هناك طيوراً برية وأخرى بحرية وأخرى تعيش في البيوت، ولكل منها دور وتأثير وحضور في حياة الإنسان عبر العصور، لذلك تستحق كل الاهتمام والرعاية.
واختتم الدكتور عيسى صالح الحمادي مدير المركز التربوي للغة العربية لدول الخليج بالشارقة، الجلسة، بالحديث عن تصورات الطير في التراث اللغوي العربي، منطلقاً من قصص "كليلة ودمنة"، التي تحمل الكثير من القيم والرسائل الموجهة لمختلف شرائح المجتمع، داعياً إلى ضرورة تأليف المزيد من الكتب والدراسات في مجال الطير في الأدب والشعر العربي والإماراتي، لسد الفراغ الحاصل في هذا المجال، بما يمكن ربط الأدب الماضي بالأدب الحاضر كحلقة وصل بين الأجيال.