جار التحميل...
ممّا لا شكَّ فيه أنّ كرم الضيافة من العادات التي يتوارثها أهل إمارة الشارقة جيلاً بعد جيل، وما زالوا مُتمسِّكين بها، وحريصين عليها في الحياة اليومية، وللضيافة العربية في إمارة الشارقة عادات تُظهِر للضيف أنَّه موضع حفاوة وترحيب كبيرين من المُضيف، تبدأ منذ لحظة وصوله، ثمَّ استقباله بعبارات الترحيب والتهليل، وإظهار السعادة بقدومهِ، واصطحابهِ إلى مجلس الضيوف، يلي ذلك رَشّ العطور ذات الروائح الزكية، مثل: ماء الورد، والزَّعفَران، والصندل، والياسمين، كما تجري عادة تعطير المنزل والملابس بحرق البخور، وتمريره على الضيوف.
وتبرز مكانة القهوة العربية لدلالتها على كرم الضِّيافة، فهي تُقدَّم للضَّيف في إمارة الشارقة في دِلال، وتكون مخلوطة بالزعفران والهيل، وتُسكَب في فناجين يُمسِكها المُضيف بيدهِ اليُمنى، والدلَّة في يساره، كما يُقدَّم التَّمر إلى جانب القهوة، ويُعَدّ هَزّ الفنجان إشارة من الضيف على اكتفائهِ منها.
ومن عادات الضيافة العربية الأخرى في إمارة الشارقة "الفوالة"؛ أي تقديم الطعام والشراب للضيف، ومن الأكلات التي تُقدَّم للضُّيوف اللقيمات، والبثيثة، والعصيد، كما أنّ من المضيفين مَن يحرصون على إقامة الولائم للضُّيوف.
ما زال الكثير من الناس في إمارة الشارقة يحافظون على الأسلوب التقليدي فيما يخص عادات الطعام المُتمثِّلة بالأكل باليد اليُمنى، ووضع المائدة على الأرض للجلوس أثناء تناول الطعام، وعلى الرغم من الحداثة وتداخل الثقافات، إلّا أنّ المطبخ الإماراتي، بما في ذلك إمارة الشارقة، ما زال محافظاً على الرونق التقليدي، والذي من أبرز مظاهره استخدام التوابل المتنوعة في إعداد الأطعمة، مثل: جوزة الطِّيب، والقرفة، والكركم، والزَّعفَران، كما تُستخدم أيضاً الأعشاب؛ كالزَّعتَر، والكزبرة، والنعناع، والفواكه المُجفَّفة، مثل: الفستق، واللوز.
ويجدر بالذِّكر أنَّ من أهمّ المُكوِّنات الأساسيَّة في الأطباق الشعبية في إمارة الشارقة، ودولة الإمارات عموماً اللَّحم، والأرز، والسَّمَك، وتُستخدَم إلى جانب مُكوِّنات أخرى في تحضير العديد من الأطباق الشَّعبية، ومن أبرزها الهريس التقليدي المُعَدّ بشكلٍ أساسيّ من حبوب القمح، ويُضاف إليه اللَّحم أو الدَّجاج، ويُقدَّم عادة في رمضان وغيره من المناسبات، وهناك أيضاً الثَّريد؛ وهو خبز رقاق مغموس بمرق اللَّحم، ويُقدَّم اللحم أو الدَّجاج معه، بالإضافة إلى المضروبة التي يجري إعدادها بالطَّحين، والسَّمك المُملَّح، والبهارات.
ومن الأطباق الشعبية الأخرى اللقيمات؛ وهي عجين مَقلِيّ على شكل كُرات يُضاف إليها شراب التمر، والمجبوس الذي يُحضَّر من الأرز الذي تُضاف إليه التَّوابل مع اللَّحم، والصالونة؛ وهي السَّمَك أو الدجاج مع التَّوابل الحارَّة.
يتميَّز اللِّباس الوطنيّ الإماراتيّ بالأصالة، والبساطة، والحفاظ على الطابع العربي التقليدي، ويحرص الناس في إمارة الشارقة، كما هو الحال في بقية إمارات الدولة، على ارتداء هذا اللِّباس في الحياة اليومية وفي مختلف المناسبات، وخاصَّةً أنَّه يعكس هويَّتهم وإرث الآباء والأجداد.
ويرتدي الرِّجال الكندورا؛ وهو ثوب طويل يصل إلى الكاحل، ويمتاز بلونهِ الأبيض، يُطلَق عليه أيضاً اسم الدشداشة، كما يرتدون غطاءً للرأس يُسمَّى الغترة، ويرتدون تحتها قبعة صغيرة اسمها القحفية، بينما يثبّتون الغترة بالعِقال.
أما النِّساء فيرتدين العباءة؛ وهي ثوب طويل أسود يُرتدى فوق الملابس، ويُغطِّين الشَّعر بالشيلة (وشاح الرأس)، بينما لا تزال بعض النساء المُسِنّات مُتمسِّكاتٍ بارتداء البُرقُع الذي يغطي من الوجه الفم، والأنف، والحاجبين، وقد كانت نساء البادية يرتدين البُرقُع قديماً؛ لما يُوفِّرُه لهنَّ من حماية من الطقس القاسي في الصحراء.
لا تختلف أجواء شهر رمضان اليوم في إمارة الشارقة عن أجواء الشهر الفضيل في الماضي، فما زال يشهد مظاهر الفرح نفسها، وصلة الأرحام والأقارب، والتكافل، ومن العادات الرمضانية التي لا تزال سائدة في إمارة الشارقة، وبقية الإمارات عادة حق الليلة، والتي تقام ليلة النصف من شعبان، أي قبل رمضان؛ احتفاءً بقربه، إذ يرتدي الأطفال الملابس التقليدية، ويحملون كيساً قماشياً مُطرَّزاً، ويتنقَّلون بين البيوت منشدين الأغاني والقصائد، ليعطيهم الجيران المُكسَّرات والحلوى، ومن العبارات التي ينشدها الأطفال في هذه الليلة "عطونا الله يعطيكم… بيت مكَّة يودّيكم".
ومن التقاليد الأخرى الخاصَّة بشهر رمضان اجتماع الأسرة لتناول الإفطار، وتَعمَدُ الكثير من العائلات في الإمارة إلى الاجتماع في بيت العائلة، وهو بيت الجَدّ غالباً، في أوّل أيّام الشهر الفضيل، كما تُطلَق أصوات المدافع، في عدَّة مواقع في مُدن ومناطق الإمارة؛ إيذاناً بموعد الإفطار والإمساك، وتتميَّز مائدة الإفطار الرمضانيَّة بالأطباق التقليدية، بالإضافة إلى التمر، كما تُعَدّ موائد الإفطار الجماعيّ من العادات الأخرى التي ما زالَ مُحافَظاً عليها في إمارة الشارقة.
تتشابه تقاليد الاحتفال بعيد الفطر وعيد الأضحى في إمارة الشارقة مع بقية مناطق الإمارات، ومن أبرز عادات وتقاليد عيد الفطر الذي يحل بمجرد انتهاء شهر رمضان: صلاة العيد، وزيارة الأقارب والأصدقاء، وارتداء الملابس الجديدة، أمّا عيد الأضحى، فمن أهمّ ما يميزِّه ذبح الأضاحي وتوزيعها على الجيران والآخرين من المستحقّين لها، ممّا يُعزِّز التكافل الاجتماعي، ومن مظاهر عيد الفطر والأضحى توزيع العيديَّة على أطفال العائلة، والأصدقاء، والجيران، لإدخال السرور إلى قلوبهم في مثل هذه المناسبات.
تُعَدّ الرقصات والموسيقى الشعبية من المظاهر الثقافية والعادات التي يتمسك بها أهل إمارة الشارقة، ومن أشهرها العيالة، التي يُطلَق عليها أيضاً اسم رقصة العصا، وتُمثِّل هذه الرقصة الشعبيَّة رقصة الانتصار بعد الحرب، وترمز إلى قيم القوة، والفروسية، والشجاعة، ويقف المشاركون فيها في صَفَّين متقابلين، كرمزٍ للوحدة والتعاون، وتُقرَع الطُّبول في أثناء ذلك، وهي تُؤدَّى في مختلف المناسبات الوطنيَّة والاجتماعيَّة.
هناك عادات أصيلة ما زالت راسخةً في ثقافة دولة الإمارات العربية المتحدة، بما في ذلك الثقافة السائدة في إمارة الشارقة، ومن أبرزها: تربية الخيول العربية الأصيلة، وتنظيم سباقاتٍ لها، بالإضافة إلى الصيد بالصقور، وما يتضمنه من تربيةٍ وتدريبٍ لهذه الطيور، وتربية الإبل، وإقامة سباقات الهجن.
المراجع
[1] visitsharjah.com, Local Customs
[2] u.ae, Food
[3] u.ae, Ramadan
[4] u.ae, Art