نظم النادي الثقافي العربي في الشارقة، مساء أمس الأول، محاضرة ثقافية بعنوان "إيقاعات خماسية"، قدمها المفكر السوداني البروفيسور محمد عبد الله الريّح، وشهدت تقديم نماذج موسيقية، وسط حضور كثيف من المثقفين ومحبي الفنون.
الشارقة 24:
استضاف النادي الثقافي العربي في الشارقة، مساء أمس الأول، المفكر السوداني البروفيسور محمد عبد الله الريّح، في محاضرة بعنوان "إيقاعات خماسية"، أدارها الإعلامي مصعب الصاوي، وشهدت تقديم نماذج موسيقية، قدمها الفنانان لؤي عبد العزيز، وسعد الدين الطيب، وسط حضور كثيف من المثقفين ومحبي الفنون.
وقدم مصعب الصاوي، البروفيسور محمد عبد الله الريح، بكونه أستاذاً جامعياً سابقاً في السودان والمملكة العربية السعودية، وعالماً معروفاً في مجال علم الحيوان، وفناناً تشكيلياً وباحثاً في مجال الثقافة والإنتربولوجيا وله عدة كتب منشورة.
وفي مستهل محاضرته، ذكر البروفيسور الريح، أن السلالم الموسيقية هي مجموعة من النغمات المُرتبة تصاعدياً أو تنازلياً، وقد يكون السلم رباعياً أو خماسياً أو سداسياً أو سباعياً، وهذا الأخير هو أشهرها وأكثرها انتشاراً على مستوى العالم، لكنّ السلم الخماسي أيضاً له انتشاره في إفريقيا وأجزاء من الوطن العربي، وفي بلدان شرقية، وأيضاً في بعض الإيقاعات الغربية، وهو السلم السائد في الموسيقى السودانية بشكل عام.
وأضاف الريح، أن علاقته بالموسيقى جاءت من تخصصه في دراسة الطيور، حيث إن أن الغناء عند الطيور ضرورة حياتية، وعند الإنسان ضرورة ثقافية، للتعبير عن مواجد وميول النفس، وأنه عندما كان يحضر للدكتوراه في علم الحيوان تخصص في دراسة طائر الخفاش، وهو طائر خلقه الله بلا عيون لكنه زوده بخاصية عجيبة، فجعله يعتمد في حركته على الصوت، حيث يصدر أصواتاً أثناء طيرانه ويحدد له رجع الصوت ما إذا كان الطريق أمامه سالكاً أم أن فيه عوائق، وهكذا يوجهه صدى صوته إلى الأماكن التي يقصد، وأضاف أن الخبرة التي اكتسبها من التحليل المخبري لصوت هذا الطائر، هي التي حفزته على دراسة الموسيقى السودانية مخبرياً، وخلال دراسته التي استمرت كثيراً من السنين، خلص إلى أن السلم الخماسي في السودان ليس سلماً موسيقياً طربياً فقط، لكنه تغلغل في الثقافة السودانية التي أسس كثيراً من تجلياتها عليه، في المناسبات الاجتماعية والدينية، فهو يعبر عن كل شيء في السودان، وهو الناظم لإيقاع مجريات الحياة اليومية فيه، وقد استوعب المديح النبوي بكل فنونه كما استوعب المناسبات الاجتماعية المختلفة في الزواج والحفلات الأخرى.
وأشار البروفيسور الريح، إلى أنه عمل على إنجاز دراسة كمية للممارسات الثقافية في بعض المجتمعات السودانية، وقد خرج من هذه الدراسة بنتائج مفيدة بينت له نسب التشابه والاختلاف بين هذه المجتمعات، وكون السلم الخماسي من الأسس السائدة في كل تلك المجتمعات على اختلافها، دعا إلى ضرورة إنجاز أطلس للممارسات الثقافية السودانية بناءً على دراسة كمية، فمثل هذا الأطلس مفيد في كل تحديد الخطط الثقافية المستقبلية.
وشهدت الأمسية، مداخلة للدكتور عمر عبد العزيز أثنى فيها على الرؤى التي قدمها الريح، وأنها تعد مفاتيح لدراسات ثقافية عميقة، تتأسس على ما سماه المجال الثقافي للسلم الخماسي الذي يتمدد في إفريقيا ويجد له فروعاً وتطبيقات في المناطق المماثلة لها مثل اليمن والمغرب العربي، وحتى الامتدادات الثقافية العربية الإسلامية في شرق آسيا، فمثل هذه الدراسة سوف تعطي معلومات قيمة عن حركة الثقافة في المجال الجغرافي.
وتضمنت الأمسية، فقرات موسيقية قدمها عازف الكمان البارع لؤي عبد العزيز، والموسيقار سعد الدين الطيب، وأعطت فكرة وملامح عامة عن تطبيقات السلم الخماسي السوداني لدى عدد من الفنانين السودانيين في فترات زمنية متعددة، منها مقطوعة دوبيت للموسيقار حسن خواض، وقائد الأسطول لرائد الأغنية السودانية سرور، وفتنت بيه للفنان إبراهيم الكاشف، والملهمة للفنان التاج مصطفى، والفراش الحائر للفنان عثمان حسين، ومقطوعة الروج الخضراء للموسيقار برعي دفع الله، وياما بقيت حيران للفنان زيدان، والطير المهاجر وذات الشامة لمحمد وردي، وأنتي مهما تغيبي عني لمحمد الأمين، وعزة في هواك للفنان الرائد خليل فرح.