أحيا النادي الثقافي العربي في الشارقة، أمسية ثقافية سودانية، تضمّنت معرضاً تشكيلياً للفنان بكري بلال، وندوة عن الشاعر الراحل صالح عبد السيد أبو صـلاح، وفقرات طربية للفنانين محمد بدوي أبو صلاح، وعثمان الفحيل، في جلسة مفعمة بالفن والشعر والرؤى الفكرية الثاقبة التي سلطت الضوء على جوانب من تاريخ ومسيرة الفن التشكيلي والشعر والغناء في السودان.
الشارقة 24:
نظم النادي الثقافي العربي في الشارقة، مساء أمس الأول، أمسية ثقافية سودانية، تضمّنت معرضاً تشكيلياً للفنان بكري بلال، وندوة عن الشاعر الرائد المرحوم صالح عبد السيد أبو صـلاح، وفقرات طربية للفنانين محمد بدوي أبو صلاح وعثمان الفحيل، وكانت أمسية مفعمة بالفن والشعر والرؤى الفكرية الثاقبة التي سلطت الضوء على جوانب من تاريخ ومسيرة الفن التشكيلي والشعر والغناء في السودان، بحضور الدكتور عمر عبد العزيز رئيس مجلس إدارة النادي.
معرض الفنان بكري بلال، كان بعنوان "اتكاءة في محراب مروي"، وضم 30 لوحة من الحجم الصغير، وتشكل في مجملها تجربة واحدة متكاملة، وهي من أحدث ما أنتجه هذا الفنان المتميز الذي ولد عام 1943 في أم درمان، ولم يزل يمارس فن الرسم منذ ستينات القرن الماضي إلى اليوم، وهو حاصل على بكالوريوس الفنون الجميلة، وقد أقام أكثر من 40 معرضاً تشكيلياً في السودان والكويت والسعودية وبريطانيا، وسويسرا، ولاية كاليفورنيا الأميركية.
وفي حديثه عن تجربته، أوضح بكري بلال، أنه استلهم في أعماله التراث السوداني على تنوعه وغناه بدءاً من تراث النوبة في الرسم والكتابة على الجدران، والفنون الإفريقية بكل تنويعاتها، كما استلهم أعمال فناني الواقعية وفناني الانطباعية، وفنون الخط العربي والزخرفة الإسلامية، والعمارة، وغيرها، واستطاع من بين ذلك كله أن يكون له أسلوبه الخاص.
من جانبه، استعرض الدكتور عبدو عثمان عطا الفضيل، تجربة بلال في السودان التي وصفها بأنها اتسمت بالألوان القوية التي تتماشى وألوان التراب والطبيعة، كما كانت شخصياته شبه واقعية مليئة بالزخارف، وكان يركز فيها على العيون وتعبير النظرات القوية.
ولاحظ الفضيل، أن هذه السمات الفنية تغيرت بعد ما هاجر بلال من السودان، ويظهر ذلك من خلال معرضه الراهن الذي تبدو فيه الألوان أخف وتتسم بطابع الفرح، وقد أصبحت نظرات شخوصه غامضة، إلا أنه ما زال يستلهم الزخارف السودانية خاصة من بيئة مروي وأم درمان التراثية، وفي تجربته استخدم كل أنواع الخامات مثل القماش والورق وألوان الماء والزيت والأكرليك.
من جانبه، أشار الدكتور عمر عبد العزيز في مداخلة له، إلى أن لوحات المعرض في مجملها أنجزها الفنان في عام 2024، ما يدل على نشاط وإصرار على العطاء وهو في هذه العمر المتقدم، وتمثل هذه اللوحات جملة بصرية واحدة تركز على الخلفية الزخرفة الإفريقية، وتعبر عن وجود مركزي للمرأة في مشهد الحياة الإفريقية، كما تعبر هذه التجربة عن تجذر الفنان في التاريخ والتواصل الدائم معه.
أما الندوة التي أقيمت بمناسبة الذكرى الستين لرحيل الشاعر الرائد صالح عبد السيد أبو صـلاح، فشارك فيها الدكتور محمد عبد الله الريح، وبدوي صالح عبد السيد، وقدمها الإعلامي الزبير سعيد.
واستهل بدوي صالح عبد السيد حديثه عن أبيه صالح قائلاً: إن أبو صلاح شاعر سوداني، وصاحب مدرسة متفردة عرفت بمدرسة "الحقيبة"، التي راجت في النصف الأول من القرن العشرين، وكان لها أتباع كثر استلهموا الشكل الشعري الذي بدأه أبو صلاح، وهو من مواليد أم درمان عام 1890، كان مولعاً بقراءة الشعر ومطالعة الأدب فقرأ الشعر العربي القديم والحديث، وتأثر بدواوين ابن الفارض وابن أبي ربيعة والبرعي والبصيري، وكتب في صغره باللغة العربية الفصحى ثم بعدها كتب الشعر الغنائي الدارج، وهو أبرز شاعر غنائي في تاريخ السودان، وكان يسبك الشعر سبكاً جيداً وله تعبيرات متفردة غاية الروعة، ووصف دقيق متفوق بالغ الإجادة، فضلاً عن غزارة الإنتاج، حيث نظم عدداً كبيراً من أغاني الحقيبة، ومن أشهر قصائده المغناة "فريع البان المن، نسمة يتمايل، جدية السراح، الدلال والغرام عيوني، بلغ الأقوال يا هلال، يا غزال الروض، يا جوهر صدر المحافل".
بدوره، استهل الدكتور محمد عبد الله الريح حديثه عن الراحل بقوله: إن الفن بأن تقول أشياء معقدة بلغة بسيطة، وهذه كانت طريقة أبو صلاح في فنه الشعري، فقد استخدم السهل الممتنع، وركز على الجمل القصيرة والإيقاع الراقص الذي يستميل الأذان، فكان شعره يدخل إلى القلوب بسرعة، وهذا ما ضمن له أن يقبل المغنون على شعره.
وشهدت الأمسية الثقافية السودانية أيضاً، تقديم فقرات غنائية للمطربين محمد بدوي أبو صلاح، وعثمان الفحيل، ركزا على أغاني أبو صلاح، وأثارت حماساً وطرباً وتصفيقاً عارماً من الجمهور.