أكدت مها آل علي مدير الاتصال الحكومي في دائرة الخدمات الاجتماعية بالشارقة، أن مؤتمر الخدمة الاجتماعية الـ14 الذي انطلق، اليوم الأربعاء، وتنظمه الدائرة، يهدف إلى غرس ثقافة الابتكار، وتحويل الخدمات المقدمة إلى ابتكارية في مجال العمل الاجتماعي، وتبادل الرؤى والخبرات بين المؤسسات العاملة في هذا المجال.
الشارقة 24 - ناصر فريحات:
أعلنت مها آل علي مدير الاتصال الحكومي في دائرة الخدمات الاجتماعية بالشارقة، أن مؤتمر الخدمة الاجتماعية في دورته الـ14، الذي انطلق، اليوم الأربعاء، تحت شعار "الابتكار في العمل الاجتماعي"، يهدف إلى غرس ثقافة الابتكار، وتحويل الخدمات إلى ابتكارية في مجال العمل الاجتماعي، وتبادل الرؤى والخبرات بين المؤسسات العاملة في هذا المجال.
وأوضحت آل علي، في تصريحات خاصة لـ"الشارقة 24"، أن المؤتمر استهل بجلسة حوارية بمشاركة عدة مؤسسات عاملة في المجال الاجتماعي، مشيرة إلى أن الحدث يشمل 12 ورشة عمل، بينها 6 في اليوم الأول، ومثلها في اليوم الثاني، بمشاركة خبراء وأكاديميين مختصين في الابتكار الاجتماعي.
ونوهت مها آل علي، إلى أن اختيار شعار "الابتكار في العمل الاجتماعي" للدورة الـ14 للمؤتمر، جاء لأن الابتكار أصبح عنصراً رئيساً في الخدمات التي تقدم لفئات المجتمع، سواء كبار السن أو الأطفال أو السجناء أو أصحاب الاحتياجات الخاصة والمرضى النفسيين، حيث تحولت طريقة تقديم الخدمات لهم إلى ابتكارية وسهلة جداً.
وكانت سعادة عفاف إبراهيم المري رئيس دائرة الخدمات الاجتماعية في الشارقة، قد أعلنت عن اعتماد الميثاق الأخلاقي للاختصاصيين الاجتماعيين في الإمارة، وهو الأول من نوعه على مستوى الدولة، ويعد ثمرة تعاون بين القطاع الأهلي والحكومي والمختصين في المجال الاجتماعي.
جاء ذلك، خلال حفل انطلاق فعاليات المؤتمر في مركز الجواهر للمناسبات والمؤتمرات، برعاية سمو الشيخ سلطان بن محمد بن سلطان القاسمي ولي العهد نائب حاكم الشارقة رئيس المجلس التنفيذي، وبحضور شخصيات بارزة وقيادات الهيئات الاتحادية والحكومية والخاصة في الدولة.
وأوضحت المري، أن الميثاق الأخلاقي للاختصاصيين الاجتماعيين، يعكس القيم والمسؤوليات التي تعتبر جزءاً مهماً في العمل الاجتماعي، وينص على المعايير والمبادئ التي تقوم عليها المهن الاجتماعية الملزمة للممارسين في جميع ميادين المهن الاجتماعية، ويقع على الجهة واجب التأكيد على التزام المهنيين ووفائهم بتطبيق ما جاء في الميثاق وحصولهم على الحقوق المهنية اللازمة لحماية أنفسهم وحقوقهم وحماية وتعزيز حقوق المستفيدين من الخدمة الاجتماعية، ومن أهدافه تنظيم الممارسة المهنية للاختصاصيين الاجتماعية وضبط جودتها، وتحديد المبادئ الاخلاقية التي تستند إليها الممارسة المهنية للاختصاصيين الاجتماعيين، وتعزيز وتأكيد اهمية الشراكة المجتمعية لبناء التكاملية في الأدوار الجماعية، والذي يساهم إيجابياً في التنمية الاجتماعية.
وأكدت رئيس دائرة الخدمات الاجتماعية في الشارقة، أن هدف المؤتمر لهذا العام، هو خلق ثقافة جديدة في مجال العمل الاجتماعي وسياساته واستراتيجياته، من خلال تبادل الرؤى والخبرات حول مفاهيم وممارسات وتطبيقات الابتكار الاجتماعي، وتعزيز ممارسات الابتكار الاجتماعي لمواجهة التغيرات الاجتماعية، منوهة بضرورة الوصول إلى رؤية شاملة عن أهمية الابتكار في الخدمة الاجتماعية وكيفية تحسينها لتلبية احتياجات مجتمعنا، خاصة وأن الخدمة الاجتماعية هي مجال حيوي في مجتمعاتنا، حيث يعمل المتخصصون في هذا المجال، على توفير الدعم والمساعدة لمختلف الفئات المجتمعية من الأسر والأطفال وكبار السن وذوي الإعاقة ومختلف الفئات من فاقدي الرعاية الاجتماعية.
وأضافت سعادتها، أن المؤتمر يشكل منصة أساسية لنا جميعاً لنتحدث ونناقش أهم قضايا التكنولوجيا والاتصالات والتقنيات الرقمية، بعد أن باتت تشكل الآليات الحديثة في إيجاد حلول مستدامة لمواجهة التحديات والقضايا الاجتماعية، واستشراف الذكاء الاصطناعي في الخدمات الاجتماعية، وبناء الشراكات بين المؤسسات الاجتماعية الحكومية والأهلية، من خلال التبادل المعرفي لدعم الابتكار الاجتماعي.
ودعت المري، المشاركين في المؤتمر، لوضع توصيات تصب في مصلحة هؤلاء الأفراد الذين نعمل على من أجل توفير حياة كريمة ملؤها الرخاء والازدهار لمجتمعنا.
من جهتها، أشارت معالي حصة بوحميد مدير عام هيئة تنمية المجتمع في دبي، إلى سعادتها بالمشاركة في هذا المؤتمر بدورته الـ14، خاصة وأن الموضوعات المطروحة فيه هي موضوعات مبتكرة جداً، واللافت وجود كوكبة من الاختصاصيين الاجتماعيين وذوي الاهتمام بهذا المجال لمناقشة قضية الابتكار الاجتماعي في السياسات والاستراتيجيات الاجتماعية، والأهم من ذلك أننا نأمل باستمرارية التعاون بين كافة الجهات بدولة الإمارات لخدمة الإنسان، بالإضافة إلى استمرارية التعاون بين الهيئة والدائرة، والذي لم ينقطع أبداً بل هناك العديد من المبادرات والشراكات التي تصب في مصلحة الشأن الاجتماعية.
الجلسة الحوارية للمؤتمر
وبدأت فعاليات المؤتمر بجلسة حوارية، بعنوان "الابتكار الاجتماعي في السياسات والإستراتيجيات الاجتماعية"، شارك فيها أحمد الميل مدير دائرة الخدمات الاجتماعية بالشارقة، وعلياء الجسمي مدير أول الرعاية والتأهيل بمركز إدارة للعلاج والتأهيل في دبي، وبشاير آل علي مدير مشروع هيئة تنظيم الاتصالات والحكومة الرقمية وعضو لجنة الابتكار، وعبد الله الحارثي مدير البرامج الإدارية في جمعية تعافي، ومحمد الشاعر مستشار إداري في إدارة التنمية الأسرية.
وأكد الميل، أن مفهوم الابتكار موجود منذ سنوات طويلة في الدولة، بل يعد من المفاهيم الأساسية الراسخة، والتي اعتمدتها القيادة الرشيدة، واستعرض عدداً من الابتكارات المتتالية في دائرة الخدمات الاجتماعية، منها تنفيذ أحكام الرؤية لنزلاء المؤسسات العقابية مع أبنائهم وأسرهم أو لأبناء الطلاق، والتي كانت محصورة بمكان محدد لتصبح متوفرة في كل فروع الدائرة عبر شبكات اتصالات واسعة عن بعد لتصل لكل بيت، هذا بالإضافة إلى مشاركتنا بعضوية الشبكة العالمية لكبار السن، وإطلاق 10 مركبات مجهزة لنقل المسنين من طريحي الفراش من المنازل إلى المستشفيات، وحققنا 89 خدمة ابتكارية في خدمة الفئات المستفيدة من خدمات الدائرة، وحاليا نعمل على تعديل مسارات المركبات العامة التي يتواجد فيها عدد كبير من كبار السن لتوفير وتسهيل تنقلاتهم للأماكن الحيوية.
جيل يعي الخدمات المقدمة
من جانبها، تحدثت بشاير آل علي من هيئة تنظيم الاتصالات، عن أبرز مساهمات قطاع الاتصالات في مجال الابتكار والتي تدعم الخدمات الاجتماعية، ما ساهم في تحسين جودة الحياة ومنها تمكين الإصدارات الرقمية من خلال سرعة الاتصالات وشبكات الإنترنت المتنقلة حيث تعد الإمارات من أفضل الدول على هذا المستوى، ما حقق إمكانية العمل عن بعد والمنصات المعلوماتية، كما تم لاحقاً توفير تقنيات للأطفال اليافعين والتي توصلهم بالجهات الحكومية والخدمات، لأنشاء جيل يعي الخدمات التي تقدمها المؤسسات الحكومية، وأيضاً لحمايتهم من الدخلاء والإبلاغ عنها من خلال توفير باقات وخدمات للأطفال فقط، هذا بالإضافة إلى التحول الرقمي الذي يوفر مشاركة الجمهور باتخاذ القرار وتطوير الابتكارات والاقتراحات والاستراتيجيات واستطلاعات الرأي كوننا نهدف لمحو الأمية الرقمية.
طفرة التقنيات
بدوره تحدث محمد الشاعر مستشار إداري في مراكز التنمية الأسرية، عن استشراف مستقبل الخدمات الاجتماعية لتعظيم العمل الاجتماعي في مجال الابتكار، حيث مر بعدة مراحل في مجال الذكاء الاصطناعي والذي تحول من النظام التقليدي إلى التحول الإلكتروني، وصولاً إلى ما نحن عليه اليوم، مشيراً إلى التحديات التي يجب الاستعداد لها في المرحلة المقبلة، وهي إمكانية الوصول إلى الخدمات من دون المرور بعدة قنوات للحصول عليها، كما عملية التحقق من المعلومات، وأضاف أن الابتكار في مجال العمل الاجتماعي يحتاج منا إلى تدريب العاملين في هذا المجال لتطوير الجانب الابتكاري والاستفادة من الذكاء الاصطناعي، كما أن التحدي الأكبر هو في طفرة التقنيات خاصة تأثيرها على الأسرة بكافة أفرادها وخاصة على الأطفال بوجود تطبيقات خبيثة ودخيلة داخل المنزل، فهل نحن جاهزين للتحدي القادم.
نشر الوعي
وتحدثت علياء الجسمي من مركز إرادة للعلاج والتأهيل بدبي، عن أهداف المركز وهي المعالجة من الإدمان وإعادة التأهيل وإجراء البحوث والدراسات ونشر الوعي بالمجتمع حول أضرار المواد المخدرة، مشيرة إلى أن المركز قد حصل على الاعتماد الدولي كمركز للتأهيل ليصبح الثاني على مستوى الشرق الأوسط، وأشارت إلى أن معظم المعايير التي يعملون عليها هي معايير اجتماعية، خاصة أن المشكلة الأبرز التي يواجهونها تكمن في عدم تقبل المدمن في البيت من قبل أسرته، بل رفضهم له بحيث يتم توجيهه للمركز لعلاجه وعدم التقبل حتى بعد التعافي من قبل الأسرة يسوء من حالته ليعود مرة أخرى إلى التعاطي بسبب وضعه النفسي، ومن السياسات التي يرتكز عليها المركز محور خفض معدل المتعاطين للمخدرات ومحور الوقاية ومحور العلاج والكشف المبكرة، مشيرة إلى أن سن التعاطي انخفض إلى 9-10 أعوام وهذه الشريحة تعد من ضحايا المجتمع.
البرامج العلاجية المبتكرة
والمشارك الأخير بالجلسة عبد الله الحارثي من جمعية "تعافي" من المملكة العربية السعودية، والذي يعمل على إعادة الدمج من خلال البرامج العلاجية المبتكرة التي تعتمد على تمكين المتعافي وتأمين وظائف لهم، وذكر أن الجمعية تمكنت من تخريج 1000 من المتعافين لغاية اليوم، ونهدف اليوم إيجاد سفراء من المتعافين الذين يعملون بدورهم على علاج المدمنين في المركز المعنية، مؤكداً ضرورة وجود شركاء من القطاع الخاص لدعم المبادرات وتنشيط التوعية بمجال الإدمان، والتعريف بضرره على المجتمع والدول وتشكيل الجمعيات على مستوى الخليج.
مناقشة 4 أوراق علمية
وخلال الجلسة الثانية، تمت مناقشة 4 أوراق علمية، استهلها الأستاذ الدكتور حسين العثمان عميد كلية المجتمع بجامعة الشارقة، عرض ورقته بعنوان: مقاربة التماسك الأسري بديلاً عن مقاربة المشكلات في القضايا الأسرية، مسلطاً الضوء على خصائص الأسر القوية والمتماسكة، وكيفية نجاح الأزواج والأسر في تجاوز العقبات وحل المشكلات أكثر من التركيز على فشل كل منهما، لافتاً إلى أن هناك معايير وخصائص تجسد قوة تماسك الأسرة، والتي منها؛ التقدير والتعاطف والاهتمام والرعاية بين أفراد الأسرة والصداقة واحترام فردية كل عضو في الأسرة، والتواصل الإيجابي والمشاعر المشتركة، والقدرة على التنازل، وتجنب اللوم، والتعاطف الروحي ويكمن في الأمل والإيمان والقيم الأخلاقية المشتركة، إضافة إلى الالتزام والثقة والنزاهة والصدق والمشاركة، فضلاً عن التمتع بقضاء وقت مميز داخل الأسرة والقدرة على إدارة التوترات والأزمات.
وبين العثمان ذلك التماسك الأسري بالتوازن بين الاندماج الكامل في الأسرة والتحلل من التزاماتها والمرونة للموازنة بين انفصال أعضائها كأفراد، وارتباطهم بالأسرة كنسق، ما يسمح لأفرادها بتطوير استقلاليتهم عن الأسرة والتواصل معها بشكل إيجابي، والذي يعود في جزء كبير منه إلى العوامل الثقافية في مجتمع الإمارات، خصوصا قوة الميراث الإسلامي المتعلق بالأسرة وتماسكها.
وللمحافظة على تماسك الأسرة، أشار إلى ضرورة وضع استراتيجيات وسياسات أسرية واضحة يتبناها المجتمع، من خلال التعاون والتنسيق مع المؤسسات الوطنية الحكومية والخاصة، ونشر الوعي بقضايا الحوار الأسري والتماسك الأسري، بالتعاون مع المؤسسات ذات العلاقة، خصوصاً المؤسسات الإعلامية لنشر ثقافة الحوار الأسري والشورى بين أفراد الأسرة.
أفضل دولة في العالم بالعام 2071م
فيما ناقشت الدكتورة موزة بن خادم المنصوري، أستاذ أكاديمي - كليات التقنية العليا – الشارقة، مئوية الإمارات العربية المتحدة 2071 في الابتكار الاجتماعي، والتي أشارت فيها إلى أن مئوية الإمارات رؤية شاملة وطويلة الأمد، وتشكّل خريطة واضحة للعمل الحكومي، حيث تسعى إلى الاستثمار في الشباب من خلال تجهيزهم بالمهارات والمعارف التي تستجيب مع التغيرات المتسارعة، والعمل كي تكون دولة الإمارات أفضل دولة في العالم في العام 2071م، وهي رؤية استراتيجية واضحة، وخريطة طريق مُحددة، لتحقيق إنجازات نوعية شاملة في شتى القطاعات الحيوية، لتعزيز ازدهار الدولة بشكل مستدام، وضمان بناء مستقبل راسخ لأجيالها.
وأضافت المنصوري، إلى أن الدوافع والظروف التي تحضنا على تصميم الابتكار الاجتماعي في دولة الإمارات هي الرغبة في التطوير الطموح لتحقيق حلم، وتحسين خدمات الحكومة، والقدرة على مواجهة تحديات المستقبل، وتحسين خصائص الابتكار الاجتماعي، والتي تتمثل في تداخل في القطاعات وإشراك الفاعلين في مختلف القطاعات، وإضافة علاقات اجتماعية جديدة وقدرات استخدام أفضل للموارد والأصول وتنميتها، والانفتاح والتعاون وتبادل المنافع والمصالح، مما يسهم في تحويل الابتكار إلى منتج مؤسساتي يعزز توجه الدولة في نهجها نحو الابتكار الاجتماعي والأفكار الجديدة، مما يؤدي إلى مزيد من التحسينات والابتكارات، إضافة إلى حلقات تغذية راجعة بين مرحلة وأخرى.
تغيير بيئة الشباب المعرضين للخطر
أما الدكتور مأمون طربية، من الجامعة اللبنانية، والذي شارك عن بعد، تطرق إلى مبادرات العمل الاجتماعي ودوره في الحد من ظاهرة التطرف والعنف والتجنيد الإلكتروني الذي يستهدف الشباب، وكيفية تغيير بيئة الشباب المعرضين للخطر والعنف، وأشار إلى أن مبادرة العمل الاجتماعي يتمثل دورها في معرفة دوافع انضمام مجموعة من الشباب في التطرف والعنف.
وأوضح طربية، أن الضغوطات الاجتماعية هي من أبرز الأسباب التي تؤثر بشكل سلبي على نمط حياة الأفراد والأسر على حد سواء، بالإضافة إلى توافر الإنترنت وسهولة اصطياد الشباب بالأفكار الهدامة، وساعد ذلك في تسهيل الاستمالة نحو التطرف والعنف الأيديولوجي.
وأضاف طربية، أن هناك أسباباً أخرى متمثلة في أزمة هوية، والضغوطات الاجتماعية، وفقدان مصدر الدخل، والفراغ المعرفي والعاطفي والثقافي، وانعدام الأمن والأمان، ومن أبرز الحلول للإنقاذ الشباب يتطلب وضع خطة واضحة للتعرف على الخلفية والبيئة الاجتماعية للمعرضين للعنف، وكذلك إنشاء رابطة مجتمعية قوية، وكذلك تقديم برامج معرفية وتوعوية وتأهيلية.