الشارقة 24:
صدر عن معهد الشارقة للتراث، مؤخراً، العدد 44 من مجلة «مراود»، متضمناً موضوعات غنية ومتنوّعة، ثقافية، وتراثية، حيث احتفى العدد الجديد من المجلة بـ«صناعة السفن في التراث الإماراتي تقاليد محفورة في الذاكرة»، وفي العدد مقاربات متنوّعة تناقش قضايا مهمة، تدور في فلك التراث الثقافي، منها ما يرتبط بالتراث الفني، أو المعتقدات الشعبية، أو الشعر النبطي، وبعضها دراسات وقراءات عميقة تغوص في أعماق التراث العربي، على سبيل المثال، «الموسيقى الشعبية والعولمة»، «رمزية الحيّة في العالم القديم»، «قصص خرافية من كتابات المؤرّخين الكويتيين»، «التصاميم والزخارف والرموز في السدو»، «ثقافة التغليف اليابانية».
تطواف جميل في عوالم تراثنا البحري العريق
وقال سعادة الدكتور عبدالعزيز المسلّم، رئيس معهد الشارقة للتراث، رئيس التحرير: «تعدّ صناعة السفن التراثية واحدة من الحرف البحرية الرجالية الأصيلة في تراث الإمارات، محفورة في الذاكرة، وتعكس قروناً متواصلة من التاريخ البحري، وعلاقة الإماراتيين بالبحر التي نشأت منذ قرون طويلة، وتجلّت فيما خلفوه من تراث بحري غني وثري، سواء ما ارتبط منه بالعلاقات التجارية بالعالم القديم، أو رحلات الغوص على اللؤلؤ، أو صيد السمك، وغيرها من الجوانب التي تعكس طبيعة تلك العلاقة الاستثنائية».
وأضاف المسلّم «في هذا العدد تطواف جميل في عوالم تراثنا البحري العريق، من خلال تخصيص ملف لصناعة السفن في التراث الإماراتي، للتعرّف إلى عناصره كافة، ومعرفة الدور التاريخي الذي شهدته هذه الحرفة، ودورها في الحياة الاقتصادية والاجتماعية قديماً، وذلك من خلال نخبة من الموضوعات الغنية».
الحرف التراثية وأهميتها ودورها في الحياة الاجتماعية والاقتصادية في الإمارات
من جانبه، تحدث الدكتور منّي بونعامة، مدير إدارة المحتوى والنشر مدير التحرير، عن الحرف التراثية وأهميتها ودورها في الحياة الاجتماعية والاقتصادية في الإمارات قديماً وبخاصة حرفة صناعة السفن التراثية، وقال «لقد أثبت أبناء الإمارات قدرتهم على مواجهة أصعب الظروف والتحديات، فلم يثنه عن مشروع حياته ومسيرة بنائه قلة الماء، وصعوبة المناخ، وقسوة الصحراء، وندرة الإمكانات المتاحة، إذ تغلب على كل ذلك، بل طوَّع ما كان متاحاً من عناصر بيئته، ليكون مصدراً للعطاء، وخيراً ينسج منه كل ما يسهّل عليه سبل العيش، ومواصلة التحدي، وصاغ من ندرة الموارد الضروري من أدوات العيش ومستلزمات الحياة».
وأضاف بونعامة «كما طوّع ما توافر له من موارد بيئته، متمثلاً في النخل والماشية والسمك واللؤلؤ، وكان لملكات إبداعه أيضاً دور في خلق حوار، وتطويع الأدوات البسيطة المتوافرة لإنتاج حاجاته المعيشية، فاستثمر العناصر البسيطة في صناعات يدوية تستجيب لاحتياجاته، وحفر الأفلاج والآبار لتوفير احتياجاته من الماء، وليزرع بعض المحاصيل التي تسدّ جانباً من غذائه، واستطاع أن يُخرج من البحر مكنوناته، فيتغذى بما يؤكل منها من أسماك، ويستخرج سلعة اللؤلؤ ليبيعها في أسواق العالم، ويعزّز من خلال تجارته علاقاته الخارجية، ودفعته الحاجة إلى توفير وسيلة انتقاله في البحر، فصنعت يداه السفن والمراكب التي نقلته إلى بلاد العالم، ليتأثر بثقافات وحضارات، ويتواصل مع مجتمعات مختلفة».
مقالات متنوّعة وموضوعات ثرية
كما اشتمل العدد على مقالات متنوّعة وموضوعات ثرية، عالج فيها ومن خلالها نخبة من الكتّاب والباحثين قضايا مهمة، تتسق مع توجهات المجلة في التعريف بالتراث العربي، والتواصل مع التراث العالمي والإنسانيّ.
لذلك، تعدّ حرفة صناعة السفن، وما يرتبط بها من أدوات ووسائل، كالمراسي والمسامير والمناشير والمطارق والأزاميل والمجادح والسلاسل والأقفال وغيرها، من الحرف البحرية الرجالية العريقة، التي عرف بها الإماراتيون منذ أزمان سحيقة، فهي حرفة لها تاريخ، وعليها اعتمدوا في حياتهم ومعاشهم، وحولها نشأت تقاليد عريقة، سيتعرّف إليها القارئ في هذا العدد من مجلة «مراود».