أعلنت مصادر رسمية، اليوم الأحد، أن عدد ضحايا انفجار خزان وقود في شمال لبنان، أثناء تجمع العشرات حوله، للحصول على القليل من البنزين، ارتفع إلى 28 قتيلاً على الأقلّ، و80 جريحاً، وأن الكارثة الجديدة، أدت إلى اشتداد الضغوط على المستشفيات المرهقة أساساً.
الشارقة 24 – أ ف ب:
قُتل 28 شخصاً على الأقلّ، وأصيب نحو ثمانين آخرين بجروح، جراء انفجار خزان وقود في شمال لبنان، أثناء تجمع العشرات حوله، للحصول على القليل من البنزين، في بلد يشهد أزمة محروقات حادة.
وأدت الكارثة الجديدة، التي حلّت على بلد يعاني منذ عامين من انهيار اقتصادي متسارع، إلى اشتداد الضغط على المستشفيات المرهقة أساساً، ما تطلب إجلاء جرحى عدة إلى دول أخرى.
وأوضح المستشار الإعلامي لوزارة الصحة رضا موسوي، أن حصيلة القتلى بلغت 28 شخصاً.
وكان الصليب الأحمر اللبناني، أفاد في وقت سابق عن مقتل 20 شخصاً وإصابة 79 آخرين بجروح، جراء الانفجار الذي وقع في بلدة التليل في منطقة عكار، الأكثر فقراً في لبنان.
وفي أحد مستشفيات عكار، أشار الموظف ياسين متلج، إلى إن الجثث التي وصلت كانت محترقة إلى حدّ لا يمكن التعرف إليها، وبعضها بلا وجوه وبعضها بلا أيادٍ.
وأعلن الجيش اللبناني في بيان، أنه قرابة الساعة الثانية فجراً، انفجر خزان وقود داخل قطعة أرض تستخدم لتخزين البحص في بلدة التليل بعكار، كان قد صادره الجيش لتوزيع ما بداخله على المواطنين.
وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام، بأن غالبية الضحايا من الذين تجمعوا حول الخزان لتعبئة البنزين.
وانتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، فيديو لوالد مفجوع يبكي بعدما فقد ولديه في الانفجار، ويردد ماذا أقول لأولادي؟ هل أقول لهم أن شقيقاهما ماتا من أجل البنزين؟
وأظهرت مقاطع فيديو، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، حريقاً كبيراً في موقع الانفجار.
ولا يزال سبب اندلاع الانفجار مجهولاً، حيث تداولت وسائل إعلام وسكان روايتين إحداهما تتحدث عن شخص أشعل ولاعة، وأخرى عن إطلاق نار.
ودعا الرئيس اللبناني ميشال عون، إلى التحقيق في الحادث، وإثر اجتماع للمجلس الأعلى للدفاع لبحث تداعيات الانفجار، أصدر المجتمعون برئاسة عون، توصيات عدة بينها ضرورة اصدار مرسوم بموافقة الحكومة يقضي بتكليف القوة الأمنية والعسكرية والشرطة، فرض رقابة على مصادر الطاقة وتوزيعها على الأراضي اللبنانية ولشهر واحد.
كما اتفق المجتمعون، على تأمين المشتقات النفطية اللازمة لعمل المستشفيات.
وجراء أزمة المحروقات المتفاقمة، يصدر كل يوم في لبنان تحذير من قطاع ما، وينتظر اللبنانيون منذ أسابيع لساعات في طوابير طويلة أمام محطات الوقود التي اعتمدت سياسة تقنين حاد في توزيع البنزين والمازوت.
وعلى وقع شحّ احتياطي الدولار لدى المصرف المركزي، شرعت السلطات منذ أشهر في ترشيد أو رفع الدعم تدريجياً عن استيراد سلع رئيسية بينها الوقود والأدوية.
وتفاقمت الأزمة أكثر، مع إعلان مصرف لبنان الأربعاء، بدء فتح اعتمادات شراء المحروقات وفق سعر الصرف في السوق السوداء، ما يعني عملياً رفع الدعم عن هذه المواد الحيوية.
أحدث الإعلان هلعاً بين الناس، إذ أن كل شيء مرتبط بالمحروقات، ورفع الدعم يعني احتمال ارتفاع الأسعار بشكل خيالي، ما دفع البعض إلى تخزين المادة إذا كانوا يملكونها، أو شرائها من تجار السوق السوداء الذين يبيعونها بأسعار باهظة.
وأمام الفوضى المخيمة، خلال اليومين الماضيين، تدخل الجيش اللبناني لفتح محطات الوقود المغلقة، ومصادرة المحروقات المخزنة، وبينها الخزان الذي انفجر، اليوم الأحد.
ويربط مسؤولون، أزمة المحروقات بعاملين رئيسيين هما: مبادرة تجار وأصحاب المحطات إلى تخزين الوقود بانتظار رفع الأسعار، وتزايد عمليات التهريب إلى سوريا المجاورة.
وغرد وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال ريمون غجر، لا كلام يصف فظاعة هذه الجريمة المروعة، وجدد الدعوة إلى الجهات الأمنية والقضائية والرقابية القيام بدورها في منع كل أشكال التهريب والتخزين منعاً لوقوع كارثة أخرى.
وأثار الانفجار غضباً كبيراً في عكار، وعمد شبان إلى إحراق منزل يُعتقد أن يعود إلى صاحب الأرض التي كان يتواجد فيها خزان الوقود، وقيل إنه يعمل في التهريب.
وبسبب أزمة المحروقات وغياب الصيانة والبنى التحتية، تراجعت تدريجاً خلال الأشهر الماضية قدرة مؤسسة كهرباء لبنان على توفير التغذية، ما أدى إلى رفع ساعات التقنين لتتجاوز 22 ساعة يومياً.
ولم تعد المولدات الخاصة، قادرة على تأمين المازوت اللازم لتغطية ساعات انقطاع الكهرباء، ما اضطرها أيضاً إلى التقنين ورفع تعرفتها بشكل كبيرة جراء شراء المازوت من السوق السوداء.
وعلى وقع الأزمة، حذرت مستشفيات عدة من احتمال إغلاق أبوابها في حال لم يتوفر المازوت اللازم لتشغيل المولدات الخاصة، وتعاني المستشفيات أيضاً من هجرة الأطباء والممرضين ونقص حاد في الأدوية.
وأعلن وزير الصحة حمد حسن، في مؤتمر صحافي، أنه سيتم إجلاء ثمانية جرحى على الاقل إلى دول بينها تركيا والكويت.
وأعربت دول عدة، عن تضامنها مع لبنان، وقدم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تعازيه في رسالة إلى نظيره اللبناني، كما دعت وزارة الخارجية الروسية إلى تحقيق سريع وعميق في الحادثة.
وأعرب الأردن عن استعداده معالجة جرحى لديه، ودعا الملك الأردني عبد الله الثاني في بيان، إلى استحداث خطة شاملة للعبور بلبنان إلى بر الأمان.
وأوضح البيان، أن الملك عبد الله أكد خلال استقباله في قصر الحسينية في عمان وزيرة الدفاع والخارجية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية زينة عكر، ضرورة دعم مؤسسات الدولة والجيش في لبنان، للحفاظ على أمنه واستقراره ووحدته.
وشدد الملك عبد الله، على أهمية تضافر الجهود الدولية لاستحداث خطة شاملة وواضحة المعالم والأدوار للعبور بلبنان إلى بر الأمان، مؤكداً وقوف الأردن التام إلى جانب الأشقاء اللبنانيين.
وأعرب الملك، عن تعازيه للأشقاء في لبنان بضحايا الانفجار الذي وقع في بلدة التليل بمنطقة عكار، مؤكداً استعداد الأردن لتقديم أي مساعدة مطلوبة لعلاج المصابين.
وجراء الأزمة الاقتصادية الحادة التي صنّفها البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ العام 1850، بات 78 % من اللبنانيين يعيشون تحت خط الفقر، بحسب الأمم المتحدة.
ويحمل لبنانيون، الطبقة الحاكمة مسؤولية الانهيار الاقتصادي، وما مرّ عليهم خلال العامين الماضيين من أزمات، على رأسها انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس 2020، والذي تبين أنه ناتج عن احتراق كميات ضخمة من نيترات الأمونيوم مخزنة لسبع سنوات في المرفأ بعلم مسؤولين سياسيين وأمنيين وعسكريين عديدين، إلا أنهم لم يحركوا ساكناً.
ومنذ استقالة حكومة حسان دياب بعد انفجار مرفأ بيروت، تحول الخلافات بين القوى السياسية دون الإسراع في تشكيل حكومة، يشترط المجتمع الدولي أن تقبل على إصلاحات جذرية مقابل تقديم الدعم المالي لإخراج لبنان من أزمته الاقتصادية.