بحيوية لا تعرف التوقف على مدى العام، تقدم بيوت الشعر في الوطن العربي، العديد من الفعاليات التي تنظمها البيوت بين الأمسيات والندوات والجلسات الحوارية الأدبية، فضلاً عن تنظيم معارض فنية وخطية وأمسيات موسيقية.
الشارقة 24:
تعمل بيوت الشعر في الوطن العربي بحيوية لا تعرف التوقف على مدى العام، وفي هذا التدبير انعكاس للرؤية التي تؤسس لها الشارقة مشروعاً ثقافياً وحضارياً وإنسانياً منذ سبعينات القرن الماضي، وتأكيد على دور إمارة النور في صناعة الفعل الثقافي، ليكون رسالة تحمل سطوراً أدبية وفنية إلى العالم، وليس أقدر من الثقافة والفنون على مخاطبة جميع اللغات.
بيوت الشعر أكبر من صرح معماري في مكان واحد، وأوسع من فكرة محددة، إن حدودها اللامكان إذا جازت العبارة، فهي الرمزية الثقافية، والعتبة الأولى للمبدعين الحالمين، إنها مبادرة تاريخية تؤسس جيلاً بعد جيل من المثقفين العرب.
ويتمثّل هذا التأسيس في العديد من الفعاليات التي تنظمها البيوت بين الأمسيات والندوات والجلسات الحوارية الأدبية، فضلاً عن تنظيم معارض فنية وخطية وأمسيات موسيقية.
في هذا السياق، نتابع العديد من الأنشطة، ومنها جاء نشاط بيت الشعر في المفرق الأردنية حيث نظم أمسية شعرية في منتدى البيت العربي الثقافي بعمّان، للشاعرين: نضال برقان وعاطف حجاج، بحضور مدير البيت فيصل السرحان ورئيس المنتدى صالح الجعافرة، وأدار الأمسية الإعلامي محمود الداود.
واستهل القراءة الأولى الشاعر والإعلامي نضال برقان صاحب ديوان "مجاز خفيف" فقرأ مجموعة من القصائد من مثل: "صور عائلية، عيني بعينك، بارد كالليل في القلب" قصائد تستحضر ألبوم العائلة والحميمية التي تسود تلك الأجواء من الحب التي تغلف البيت، وتجليات الشاعر وطقوس روحه المموسقة بتراتيل الروح التي تفيض بالوجد.
ومن قصيدته "باردٌ.. كالليل في القلب" التي يمعن في الذات الشاعرة ويحاور الروح والفقد في عتبة الحياة .. نقطف منها: "إلى أين في عتمةِ الصمتِ تمضي؟/ونجمُكَ لم يسترح بعدُ في شرفةِ/القلبِ/لمْ يسترحْ/والكواكبِ إلّاه.. تهوي/إلى أين تمضي؟ /وهذي الذئابُ التي كنتَ أطلقتَها في دمي/تتهجى غيابَكَ/ما بين جرحٍ وجرحٍ/وتنأى إلى ربوةٍ من مجازٍ/وتعوي".
الشاعر عاطف حجاج الذي قرأ بدوره قصيدة مشحونة بصروف الدهر تستقرئ الداخل الإنساني من الجراح التي لم تلتئم في الجسد، عاطف حجاج مسكون كغيره من الشعراء بالتفاصيل التي تقف على مواجع الإنسان، فكانت حروفه وأناشيده سلاحه التي ملاذه في الحياة المثخنة بالجراح والعذابات والتعب اليومي.
من احدى قصائده، يقول: "الخافقـان: فـذا حلـمٌ وذاكَ فـمُ/ففي فؤاديَ نورٌ شبَّ مشتعلاً / و سَالَ منه رؤى/حُلمٍ، وجفَّ دمُ/وفي يراعي مدادُ الحقِّ، ما نَفدت/منه المروءةُ والأخلاقُ/والقِيَمُ/قد راودتني صروفُ الدهرِ عن ثقتي/فكنتُ أصبَرَ (من تسعى به قدمُ)/يا إظفرَ الدهرِ لا تعبث بخاصرتي/درَّبتُ جرحيَ قبلَ الجَرْحِ يلتئمُ/وكُفَّ نابَكَ عن أعصابِ أمنيتي/فَتَحتَ نابِكَ نابُ العزمِ يبتسمُ".
من جهة ثانية، عادت الفعاليات الثقافية في المغرب إلى سابق عهدها، بحضور الجمهور في القاعات والفضاءات الثقافية، بنسبة 50% من الطاقة الاستيعابية لهذه الفضاءات الحاضنة لمختلف التظاهرات الثقافية في المملكة.
وأقامت دار الشعر في تطوان ليلة جديدة من "ليالي الزجل"، شارك فيها الشاعر والزجال حفيظ المتوني والشاعرة والممثلة والمسرحية الزجالة فاطمة صبور، والشاعر الزجال عزيز زوكار.
قرأ المتوني نصوصاً من دواوينه الشعرية مثلما تغنّى بنصوص أخرى في صيغة فنية استعراضية شدت إليها الجمهور الذي عاد من جديد ليتابع فعاليات دار الشعر بتطوان.
كما تألقت الزجالة والممثلة المسرحية والتلفزيونية فاطمة بصور، في أداء شعري خاص، وهي تذرع أرجاء مدرسة الصنائع بتطوان، وتتقاسم تجربتها الشعرية مع الحاضرات والحاضرين، بينما اختتم الشاعر عزيز زوكار ليلة الزجل بقصائد مدوية تردد صداها في فضاء اللقاء، وتفاعل معها الحاضرون على إيقاعات عازف العود الفنان سعد بنعزوز والفنان عثمان العلمي في إيقاعات مغربية تراثية.
وتميزت ليلة الزجل بشكلها المختلف، من حيث الطريقة التي أدى بها المشاركون قصائدهم، حيث تألق المتوني وهو يجمع بين الإلقاء والغناء، وتألقت فاطمة بصور، وهي تقدم عرضا شعريا مسرحيا وأدائيا، مستفيدة من تجربتها المسرحية والتلفزيونية، والأمر نفسه مع عزيز زوكار، وهو يقدم قصائده الزجلية بطريقته الخاصة، بمرافقة موسيقية شيقة.