الشارقة 24- أ.ف.ب:
يبقى عبور نابليون بونابرت في غزة فصلاً غير معروف في حملته المثيرة للجدل إلى مصر والمشرق... رغم ذلك، ترك آثاراً في الضمائر وعلى بعض جدران غزة.
في فبراير 1799، اجتاز نابوليون الذي لم يكن قد أصبح إمبراطوراً بعد، على رأس آلاف الجنود الفرنسيين صحراء سيناء ليحتل غزة حيث "أشجار الليمون والزيتون والأرض غير المستوية تشبه تماماً المشهد في لانغدوك" في جنوب فرنسا، وفق ما كتب في وقت لاحق.
وكتب عالم الرياضيات إتيان لوي مالو الذي رافق الحملة في ذكرياته "التلال التي تحيط بغزة مكسوة بأشجار الزيتون"، مشيراً إلى أن الفرنسيين استولوا على غزة من دون أي مقاومة، قبل أن يتابعوا طريقهم إلى يافا التي شهدت معارك دامية واجتاحها الطاعون، ثم يصلوا إلى عكا، ويعودوا أدراجهم.
تغيرت غزة كثيراً منذ ذلك الوقت
مكان أشجار الزيتون، تمتد اليوم غابة أبنية من الإسمنت الرمادي، وقطاع غزة الذي كان في تلك الأيام باب فلسطين، بات قطاعاً محاصراً منذ 2007 من إسرائيل تسيطر عليه حركة حماس ويعيش فيه حوالى مليوني شخص.
لكن هناك أثر باق من نابوليون... في قصر الباشا، وهو قصر حجري صغير محاط بأشجار النخيل، وفيه غرفة يقال إن بونابرت نام فيها "ثلاث ليال".
يؤدي سلم خارجي عريض الى الطابق الأول والوحيد من القصر، وفي أعلاه إلى اليسار غرفة من دون سرير.
ويؤكد مدير قسم التاريخ في الجامعة الإسلامية في غزة غسان وشاح أنه المكان الذي نام فيه نابليون.
جدل حول التاريخ
وتغير اسم القصر الذي بني في القرن الثالث عشر، قبل سنوات، كان يحمل اسم نابليون لكن حكومة حماس غيرته في العام 2010 ليصبح "متحف قصر الباشا".
قبل وباء كوفيد-19، كانت مجموعات من التلامذة الفلسطينيين تزور القصر وغرفة نابليون وتستمع الى شرح عن مرور من أصبح لاحقاً أمبراطور فرنسا، في فلسطين.
ويقول وشاح "في البداية، كنا ندرّس أن الحملة العسكرية الفرنسية إلى مصر فيها جانب علمي، وكان هذا الجانب إيجابيا، إذ كان يؤشر إلى حملة عسكرية مختلفة عن غيرها".
إلا أن هذا الخطاب تغيّر مع مرور السنين، ويقول وشاح إن نابوليون "استخدم العلم لتبرير الاحتلال. لقد كذب".
ويضيف أن الرجل "تسبّب بفوضى كبيرة في المنطقة"، وأن سكان غزة "يحتفظون بصورة قاتمة وسلبية عن كل الحملات العسكرية بما فيها حملة نابوليون".
ويقول أستاذ التاريخ المتقاعد رشاد المدني "ليس واضحاً مئة في المئة إن كان نابوليون أمضى ليلتين أو ثلاث ليال" في غزة، مشيراً إلى أن "الأكيد أنه احتل غزة التي كانت في حينه مركزاً لإنتاج العسل والزيت والزراع، كانت نقطة استراتيجية بين آسيا وأوروبا".