"أقول لأبنائي من الأجيال المقبلة، التراثُ هويتكم ورمز وحدتكم، فكونوا على قدر مسؤوليته لتمنحكم حضارة الأولين خيرها، وتُفشي السلام بينكم، وتُهيئ لأمنكم ونهوضكم، وإني أدعو أيضاً المؤسسات القائمة على رعاية التراث أن تعي دورها وأهميته في مواجهة الظلام والخراب بجعل التراث حياً متفاعلاً في الحاضر والمستقبل".
صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، فيافتتاح حملة "متحدون مع التراث، 2017.
وجّه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، خلال حفل افتتاح حملة متحدون مع التراث، مجموعةً من الرسائل المباشرة، تتضمن نصائح أبوية ودعوات رسمية ترسم طريق الأجيال المقبلة، وخارطة تجمعُ مفردات الزمان والمكان معاً، الهوية والماضي والمستقبل المشرق لأبناء اليوم ورجال الغد، مستقبل المجتمع والوطن.
في هذا الحديث الحكيم، من عالمٍ دارسٍ ومحللٍ للتاريخ، يُقدم خلاصة تجارب الأمم وعلاقات البشر ودوران الأحداث، لا يأخذ حديثُ الهوية، الكثير من الجدل والمناقشات، حيث الأمرُ بائنٌ وواضحٌ كالشمس (التراثُ هويتكم)، ورمز الوحدة بين الأجيال الجديدة، كونه يجمعها على الهوية، وهي رؤيةٌ ثاقبةٌ تعكسُ متابعاتٍ وجهودٍ كبيرة وطويلة في دراسة الحضارات والمراجعات ومقاربات ومقارناتٍ في حياة الشعوب والأمم، وكيف جرت الأحداث وكيف يمكن الخروج بحكمةٍ نقدمها لأجيالنا المقبلة، لتعيش في وحدةٍ وسلام، تعرف هويتها وتحافظ عليها كونها هي الأصل والحاضر والمستقبل.
في كلمة سموه، نجد أن التراث يمثلُ القيمة الأعلى لدى الأمم والتمسك به هو مسؤولية كبرى، يجب على الأجيال المقبلة معرفتها وتقديرها، والالتزام بحملها باعتبارها تكليفاً يتشرفون به، يشدّهم إلى هويتهم الأصيلة والأصلية، لتنعم الأجيال بما يقدمه التراث من الانتماء للجذور والفخر والاعتزاز به، عبر حفظه القيم التي نشأ عليها الآباء والأجداد، وشكّلت نواة المجتمع الذي فتحوا أعينهم عليه، وعاشوا ونعموا بخيراته، وما تمنحه حضارة الآباء والأجداد من خيرٍ وأمنٍ وسلام، وأسسٍ ثابتة ومقدماتٍ للنمو والارتقاء والتطور لمجتمع الأجيال من الأبناء والبنات.
هذا التمسك والإحساس بالمسؤولية نحو التراث، يحفظُ للأجيال الجديدة حقها في الحياة عبر الانتماء والهوية والتمسك بالقيم الأصيلة، وتحقق الحياة التي تصبو لها الأجيال الجديدة، وتحقّق ما عمل عليه الآباء والأجداد من أمنيات وادخار لمستقبل الأبناء من بعدهم.
تضمنت كلمة سموه، وهو الدارسُ والمؤرخُ والكاتبُ والعالِمُ والمتعمقُ في شؤون التاريخ والحضارة والتراث، في كلمته التي ترسمُ خارطةً واضحة لخير المجتمع وتواصل الحضارات، الدعوة الهامة للمؤسسات القائمة على التراث وحفظه وجمعه والعناية به وتعريف الأجيال عليه، بأن تكون كافة المؤسسات والعاملين عليها على دراية كاملة بمكانتها ودورها في خير المجتمع، وهي مسؤولية كبرى أيضاً كون الوعي بأهمية الدور سيعمل على تقديم كافة ما هو مطلوب وضروري من برامج توعية وفعاليات ثقافية وأنشطة مختلفة، للأجيال الجديدة ليكون التراث حياً في نفوس الصغار من أبناء اليوم، ومتفاعلاً كجسرٍ يُوصلُ بين الماضي والحاضر والمستقبل.
هذا الدور الهام لمؤسسات رعاية التراث يقدم خدمةً جليلةً في دحر الظلام، وهو الجهل وظلام العقول والقلوب، والخراب عبر اغتراب الأجيال عن هويتها وانتماءها وعزتها وحضارة أهلها، وبُعدها عن تاريخها المجيد، وهو نقطة عبور المجتمع إلى المستقبل الزاهر، وتواصل حضارة من سبقوا بكل كرامةٍ وانتماء حقيقي وهويةٍ أصيلة بكامل المواصفات من عاداتٍ وتقاليدٍ ولغةٍ ومختلف مفردات الحياة.