إن فلسفتنا في الشارقة واضحة، ونحن مستمرون عليها بإذن الله. من يريد بناء اقتصاد قوي ومنتج، أو بناء مجتمع متماسكٍ ومتراحم، وتطوير العلم وتشجيع الاختراعات، أو يكون لأمته دورٌ إيجابي ومتميز في هذا العالم، ويكسب احترام القريب والبعيد، فعليه أن يبدأ بغرس المعرفة في عقول الأفراد منذ الصغر، وفي السنوات الأولى التي يبدأ فيها وعيُ الإنسان بالتشكل، فبهذه الطريقة تضمن بناء جيل قارئ بعين ناقدة، ومنحازة للخير العام، جيلٌ يقدّم الأخلاق على العلم.
صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة لدى تسلمه راية الشارقة عاصمة للكتاب 2019م
تحدث صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، خلال حفل تسلم راية الشارقة عاصمة للكتاب، تلك المناسبة العظيمة التي نالت شرفها الشارقة عن جدارة واستحقاق، تحدث عن أسس بناء المجتمعات، والأهداف التي تسعى لها تلك المجتمعات، وكيفية تحقيق الأهداف، والنتائج التي سيتم حصدها من هذه الفلسفة الواضحة.
خلال كلمته الحكيمة، يشير صاحب السمو حاكم الشارقة، وهو يتحدث عن الفلسفة والمنهج اللذين تسيران عليهما إمارة الشارقة بكل وضوح، وبكل قناعة، لأنها تعلمُ أنهما الطريق الصحيح لمحطة الوصول لخير وصلاح المجتمعات، ويشير سموه إلى أن كلمة السرّ في كامل التنمية والتطور والتقدم الذي تنشده المجتمعات تكمُن في (المعرفة) وتقديم العلم للأطفال صغار السن، وذلك خلال فترة تشكّل الوعي لديهم.
وبكلمات أخرى، تحديد اتجاه البوصلة التي سيكون عليها سيرُ الإنسان عندما يكبر ويتسلم مهامه في المجتمع، حينها، يبدأ الإنتاج الحقيقي له، وبالتالي يحصد المجتمع كل الخير الذي ينشده، والذي سبق وأن زرعه عبر المعرفة، ويبقى في أيدٍ أمينةٍ من أبنائه الذين قام على إعدادهم أفضل إعداد، وغرس فيهم القيم الجميلة، وعمل على تشكيل وعيهم بقيمٍ وأخلاقٍ لا ينتج منها إلا كل جميل.
وفي كلمة سموه، التي تنمّ عن خبرةٍ كبيرة ونظرةٍ ثاقبة، نرى تحديداً واضحاً للأهداف التي يسعى لها كل مجتمع، وهي: الاقتصاد القوي، والمتجمع المتماسك، والعلم والابتكار، وريادة الأمة، والاحترام والتقدير، وهي أهدافٌ تمثل المقياس الأعلى والمنشود لكل مجتمع في سعيه نحو التطور والارتقاء، وضمان حياة سعيدة لأفراده يتمتعون فيها بما أحرزه أبناؤهم من تعليمٍ واجتهاد لتحسين حياتهم ومعاشهم.
وكل تلك الأهداف النبيلة والملهمة تستند الى عبارةٍ واحدةٍ هي: غرسُ المعرفة، والالتفات إلى بناء الإنسان منذ نعومة أظافره، وهو أفضلُ عملٍ يقوم به المجتمع نحو أبنائه.
وفي كلمة سموه، ندرك إجابةٍ واضحةٍ لفائدة التعليم وغرس المعرفة لدى الأطفال، حيث أن المعرفة والتعليم يضمنان بناء جيلٍ يقرأ ويميّز الخبيث من الطيب، ينتقد ويقارن ويستنتج ويقدم الأدلة والبراهين.
وهي المعرفة التي تسهم في تغذية العقول وتطويرها، وليس تلقينها فقط، وبالتالي نضمن أفراداً يمتلكون موهبة الابتكار والاختراع والإتيان بالجديد والمفيد، وليس مجرد الحفظ، وهي فلسفة تربوية شديدة العمق والوضوح، تنفذُ إلى النتائج المرجوة.
وهذه المواصفات الخاصة للإنسان المتعلم والذي يمتلك منظومةً داخلية عقلية متكاملة، تستوعبُ ما تقرأ، وتقرأ ما يفيد ليكون ما تُخرجه لمجتمعها والعالم الذي أصبح الآن يتبادل المعرفة بكل سهولة، هو الخير في مختلف المجالات، وهو ما يفيدُ ولا يضر.
ولا يتأتّى ذلك إلا بالتأكيد على الأخلاق والقيم في كل عملٍ منجز، لتكتمل دورة الحياة الصحيحة لدى أفراد المجتمع بالمعرفة والعلم والأخلاق، وبذلك يكون المجتمع قد حقق أهدافه في التنمية والتراحم والعلم والإيجابية والتميز، مما يكسبه احترام الجميع، داخلياً وخارجياً.