"أنا مؤمن بأن هذا المعجم، المعجم التاريخي للغة العربية لا يشرح الألفاظ ولا يُعرّف بدلالات الكلمات، ويعطي تواريخ استعمالها فقط، وإنما يحفظُ تاريخ الأمة من الاندثار، ويصونُ حضارتها من الزوال، ويُخلّد مآثر العرب وأيامهم، ويُحافظُ على الذاكرة العربية من أقصى الجزيرة العربية شرقاً إلى المحيط الأطلسي غرباً".
صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة خلال حفل إطلاق المعجم التاريخي للغة العربية بخورفكان في نوفمبر 2020م
جاء حديث صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة في حفل إطلاق الأجزاء الثمانية الأولى (حرفي الهمزة والباء) من المعجم التاريخي للغة العربية، حديثاً عميقاً احتفاء بإكمال جزء أول من ركنٍ أصيل من أركان حفظ تاريخ الأمة العربية، ولغتها الأصيلة، ذلك التاريخ الناصعُ الذي يتضمن تواريخ الحضارة العربية في مختلف البلدان، بحثاً وتنقيباً في مفردات لغتها الموغلة في القدم، والمحفوظة في صدور الناس، تحدثاً وتعبيراً، ونحواً وصرفاً وقواعد، لتكون فرحة البداية الكبرى تعبيراً صادقاً عن أهمية المشروع، ونجاعته في رصد وتأريخ أحد أقدم وأهم اللغات في العالم، لغة القرآن الكريم ومؤرخة حضارات العرب أجمعين.
قدّم صاحب السمو حاكم الشارقة في بداية حديثه توصيفاً لأهداف المعجم التاريخي للغة العربية الرئيسة والمتمثلة في شرح الألفاظ بعد رصدها، والتعريف بدلالات الكلمات وفقاً لسياقاتها التاريخية، وبيان تواريخ استخدامها ومعناها، وهي أهدافٌ تحملُ في مضامينها الكثير من التاريخ والقصص والسرد لما كان عليه أقوامٌ وأقوام في سابق الفترات والحضارات والبلدان.
ويقدّم للأجيال الجديدة تاريخ أجدادهم ومناطقهم والأحداث التاريخية التي تقدم تفسيراتٍ مقنعة، مما يكون تمهيداً لدراساتٍ تاريخيةٍ ولُغويةٍ أكبر وأعمق، ويربط الأجيال الجديدة بتاريخ أمتها، لأن اللغة هي وعاءٌ جامعٌ، فهي معبر القيم والعادات والتقاليد، وحافظة تراث الأمة وأحداثها، لتكون كلها محفوظةً ومنقولةً ومتداولةً تُعبّر عن الأمة وماضيها التليد، وحافزاً للدارسين والمؤرخين نحو مزيد من سبر أغوار المفردات ومعانيها، والتبحّر في ميادين وساحات اللغة العربية العظيمة.
وأوضح صاحب السمو حاكم الشارقة، في حديثه، بقية أهداف المعجم التاريخي للغة العربية، إضافةً إلى ما ذكره سموه من عامة الأهداف، بأن هذا المعجم يحفظُ تاريخ الأمة من الاندثار، ويصونُ حضارتها من الزوال، ويخلّد مآثر العرب وأيامهم، ويُحافظُ على الذاكرة العربية. هذه الأهداف تمثّلُ رباعيةً عظيمة يقوم عليها كيان الأمة، ويستند إليها حاضر ومستقبل الشعوب العربية من أقصى الجزيرة العربية شرقاً إلى المحيط الأطلسي غرباً.
كما قال سموه، رباعيةٌ متكاملة تحملُ كل القيم والتاريخ ومقومات الحضارة وإنعاش الذاكرة، لتكون منطلقاً حقيقياً لإعادة أمجاد الأمة العربية العريقة والرائدة في كافة المجالات، حيث ينهضُ المعجم التاريخي للغة العربية بأعباء اللغة العربية وهي وعاءُ الحضارة، وماعونُ التاريخ ومنطلقُ المستقبل ومفخرةُ الحاضر.
هذه الخطوة الأولى من المعجم التاريخي للغة العربية، تعلنُ عن برنامجٍ مرسومٍ دقيق، وحلمٌ عربيٌ كبير، حان وقت تحقيقه، وبدأت الخطوة الأولى في شارقة العلم والنور، على يد صاحب السمو حاكم الشارقة، الأديب الخبير المؤرخ والحكيم واللغوي والمثقف، والذي يعي كل الوعي أن مجد الأمم يبدأ من تاريخها ولغتها التي تحمل كل السير العظيمة التي مرت على محطات الأمة باختلاف تخصصاتها، وأن مجدُ الأمة العربية لن يعود إلاّ بالمعرفة الوثيقة لذلك التاريخ العريق وهذه اللغة الأصيلة، التي هي من أجمل اللغات وأقدمها وأعرقها، لا ينقصها إلا الاهتمام الكبير بها، وهو ما استبشرت به الأمة بعد نجاح فكرة المعجم التاريخ للغة العربية الذي طال انتظاره في السابق، وهلّت بشائره من الشارقة.