أحيا نظم النادي الثقافي العربي في الشارقة، مساء أمس الأول، أمسية شعرية بعنوان "تلوينات وجدانية"، جمعت الشاعرين عبد الفتاح صبري، ومحمد بابا حامد، في قراءة أدبية رائقة، أدارها الشاعر محمد إدريس.
الشارقة 24:
نظم النادي الثقافي العربي في الشارقة، مساء أمس الأول "عن بعد"، أمسية شعرية بعنوان "تلوينات وجدانية"، جمعت الشاعرين عبد الفتاح صبري، ومحمد بابا حامد، في قراءة أدبية رائقة، أدارها الشاعر محمد إدريس.
وقرأ عبد الفتاح صبري نصوصاً من كتابه الجديد "هذيان ربما أخير"، الذي يواصل فيه نهجه الجديد في كتابة نصوص نثرية ذات نفس شاعري حزين يقف من خلالها على حافة حياته الماضية متأملاً ما كان فيها من خيبات وانكسارات مستشعراً طغيان الزمن الذي يحاصره بعنف، فلا يترك له خياراً لفعل أي شيء، لكن الشاعر يبادر بذلك الهذيان الأخير لكي يبوح بما في نفسه ويصرخ في وجه الزمن ولو لمرة أخيرة بأحاسيسه الصريحة وآماله المتدفقة يحب ويعشق ويحزن ويخاف ويتمرد ويقوى ويضعف، إنه هنا، يعلن عن نفسه في وجه الزمن بتلك المشاعر المتقلبة، لثبت إنسانيته وخلود مشاعره، ويثبت أنه مارس حياته بصدق ودون مواربة وهذا هو المهم.
يتكئ صبري في أسلوبه على لغة المشاعر الجياشة التي تتدفق بعذوبة، تغذيها مشاعر البوح بمكامن النفس، فتأخذ بالقارئ إلى دواخل الكاتب، وتؤازرها في صور شفافة ورمزية قريبة، فيقول:
كان لي بيت
وطن وأرجوحة
مات البيت
في زوبعة من غبار
ورجعت وحيدا
لا أهل
لا دار
ولا بلاد تنعاني.
ويستعرض الكاتب تبدل الأحوال بعد موت البيت، وكيف تغير كل شيء وذهب الناس الذين كان يعرفهم وكانوا أحبة وخلانا، وكيف امحى أثره هو من الوجود، حتى قبره لم يضع عليه شاهداً ثم يصرخ في وجه الزمن:
بحق شفاه مرتعشة لا تبشر بحرف أو نور أو أسئلة
لا تترك الريح فوق جمرها
وعد بي إلى بيتي
بيتي الذي مات
كي يأوي ظلي إلى جسدي
ويرتاح جرحي
وترسو سفني المحطمة
وتهدأ خيباتي
المعلقة في شجر المنافي.
أما محمد بابا حامد، فقرأ عدة قصائد من ديوانه الجديد "صبوات في مقام شاشات الوجد" الذي يضم قصائد تلخص مساره الشعري بين القصيدة العمودية وقصيدة التفعيلة والنصوص النثرية، كما قرأ أيضاً عدة نصوص جديدة، وهو شاعر يحتفي بالفرح، ويغني للقيم الإنسانية النبيلة، وفي لغته أصالة جلية، ويتكئ في أسلوبه على الرمزية.
ومن القصائد التي قرأها قصيدة "كوفيد لا تقطع عروة الحب" التي يلتقط فيها بذكاء شاعري جميل المشاكلة اللفظية بين اسم هذه الجائحة "كوفيد-19" وبين اسم "كيوبيد" الطفل الأسطوري الروماني الذي يلقم قوسه دائماً سهم الحب، الذي يصيب البشر فيحولهم إلى عشاق، أما كوفيد فسهامه تصيب الرئة فتتلفها وتحول البشر إلى موتى، لشتان ما بين السهمين، يحاور الشاعر "كوفيد" عبر هذه المفارقة، ليطلب منه ألا يصيبه لأنه شاعر سليل "كيوبيد" الذي ينشر الحب، ويريد للإنسانية أن تعيش بسلام ومحبة، يقول محمد بابا:
كوفيد.. لا تطلق سهمك في رئتي..
أنا شاعر.. آخر أحفاد كيوبيد..
لا أتنفسُ إلاّ الحب
وكنانتي وعاء أوكسجين
لكل ضحاياك..
أرجوك.. لا تقطع عروة هذا الحب..
أنظرْ للشارع..
دعنا نفكر كيف نرمم شكل العالم
فتضج حياة مثل الأول في طرقاته
نسمع أغنيات صاخبة
تخالط همس الناس من ناصية المقهى
ونسير نسير.. لا نخشى الزحمة..
نحيي الغرباء.. نصافحهم
بل نعانقهم إن أحبوا
كوفيد.. لا تقطع عروة هذا الحب..