ظلام يسود المكان، وأصوات صراخ ونيران، ومن بين تلك الظلمة تظهر وجوه شُوِهت أنفُسها قبل أوجهها، ويعم جو كئيب ودخان خانق وعيون زائغة والأياد ترتفع بإيماءات مرعبة، قبل ما يقارب الـ 1500 عام انشق نور من الأرض ليصل إلى السماء معلناً عن حدث جلل يحمل كل الخير للأنام، فتمتلئ الدنيا فرحاً وتدوي الزغاريد طرباً لمولد الغلام، أهازيج شيطانية وألوان دماء تتناثر وعقول بصخب النشوة تغيب وتذه ، وأنين وخوار وفحيح حناجر في لُجٍ مرعب.
انطلق الغلام ابن السادسه يجري جيئة و ذهاباً محاولاً استيعاب ما آل إليه من وجع الفراق ملطخة ثيابه بالتراب من أثر دفن أمه بين المدينتين، حيث وافتها المنية وهما معاً لدارهما عائدين، لكنها الأقدار تأبى الانتظار، ولتملأ قلب الغلام حزناً وكمداً وتتركه يتيم الأبوين ويتنقل ما بين جد وعم له كفيلين.
وطبول تقرع وصراخ يصدح ونفوس تزداد ظلمة كسواد ليال عاتم مقلدين ضلال الضالين بحجة التمدن والتقدم والتطوير، يختبئون وراء عتمة أقنعة مزيفة وعقول مغيبة بالخديعة، والتزييف.
ويبلغ الغلام أشده ويرفع خُلقه من شأنه ويعرف بين قومه بصدقه وصفوه ويشق طريقه مجتهداً ومثابراً فيعمل في الرعي والتجارة ويسعده الحظ بالزواج من بنت الأشراف ليسعد وتأتيه البشارة ويكون هو البشارة والخلاص.
ومعتقد وثني يسود ويفتي بأن البوابات ما بين عوالم الإنس والجن تفتح في يوم معلوم، وتوجب التنكر بأشكال مرعبة لإبعادهم عن محيط إلحاق الأذى بمعتقدي هذه الخرافة، ومن ثم يتطور الأمر للاحتفال. ونشر الغوغائية بحجة الحرية.
وبدأت الدعوة السماوية للتحرر والحرية والمساواة والشرعيةوالحب والإيخاء فكان أكثر روادها من المستضعفين والنساء لما تجلت فيه من رحمة الضعفاء، ويخرج المعارضون والكائدون وتبدأ ضده تحاك المؤامرات، وبرغم كل المعضلات انبثق نور الهداية ليبدد ظلام الشرك والضلال، وبدأ عهد العدالة السماوية بانتداب نبينا محمد صلى الله عليه وسلم رسولاً للأنام.
وتعتم النفوس بضلال البدع ويتبع من هم ضحال العقول فقراء نور القلوب ضعيفو الشيم، أناس لا يمتون لهم بصلة ولا بقيم ،ويقلدونهم تقليداً أعمى ضال وضرير لايغني ولايسمن من فكر.
وتشرق شمس الهداية بنور الهدى ليطمس كل معالم الكفر وينير العقول والقلوب بنور اليقين ويختم رسائل الله للعالمين، ويترك لنا "عليه الصلاة والسلام" إرثاً وأثراً نمتاز بهما إلى يوم الدين.
وتقام الاحتفالات وتتبادل التهنئات وتزدحم أرفف المحلات بالبضائع ومختلف التذكارات الخاصه ببدعة وثنية اجتاحت مجتمعاتنا لتقام احتفالات الهالويين بين شتى الفئات وذلك باعتباره أحد مقتضيات الحرية
والتحضر.
ونور الهدى بشر وحذر وبشر من أتبعه خالصاً محبته لله وله بالخير الكثير وحذر من أتباع الضلال والمضلين فإن ليس لهم منهم عضد ولا مرشد، وكان على حق وما جاء إلا بالحق من الله تعالى، والحق أنه سيد الخلق نبينا الأمين محمد "صلى الله عليه وسلم".
أحبتي جمعت بين طيات أسطري رسالتين ، عتمة أقنعة البدع التي طرأت في حياتنا، والتي لا تمت لنا بأدنى صلة، وبالرغم من ذلك نجدها بيننا منعوتة بالترفيه والتسالي ورغم معرفة ماهيتها إلاّ أن البعض مازال مستمراً في سلك درب الضلال الذي محقه الله تعالى وحذرنا "صلى الله عليه وسلم بقوله كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
وهو ما كتبته تباعاً ما بين تباين الظلام والنور لتصادف المولد النبوي الشريف والذي يصادف 29 من أكتوبر الحالي ويليه للأسف ما يدعى بالهلويين في 31 من الشهر نفسه، مما ألهمت به فكرة جمع الحدثين في تواليات واضحة الفروق بين الظلام والنور.
إن العتمة يا أحبة يجلوها النور، فحري بنا التفكر والتدبر بعتمة هذه الضلالات، وبأنها وإن كانت متعة لحظية فلا فوائد ترجى منها وكأن العالم لا يكابد رعباً واقعياً بما اجتاحنا منذ ما يقارب العام من أثر جائحة فيروس كورونا الذي حصد مئات الآلافمن الأرواح.
فاتركوا أقنع’ العتمة عنكم وابصروا نور اليقين، نور أشد ما نحتاجه لنكون خير أمة أخرجت إلى الناس ونكون بحق فخراً لنبينا "صلى الله عليه وسلم" يوم القيامة بين الأمم، و لنترك تلك التوافه، ولتكن سرائرنا كظواهرنا بلا أقنعة ولا ظلمات.
وصلوا على الهادي الأمين سيد الخلق محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب ابن فهر عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
For an optimal experience, please
