جذبت العروض الشعبية الإماراتية عشاق التراث في قلب الشارقة، ضمن فعاليات أيام الشارقة التراثية بدورتها الـ 16.
الشارقة 24:
كانت ليلة أمس الإثنين، حافلة بالشعر الشعبي حيث توزعت الأمسيات التي احتضنت الشعر الشعبي بين المقهى الثقافي، ومسرح الأيام، كما تواصلت الفعاليات الأخرى في مختلف الساحات في قلب الشارقة، حيث الفرق الشعبية الإماراتية التي كانت محطة جذب للجمهور الذي تفاعل معها بشكل لافت، وفي مدينة المدام بالمنطقة الوسطى كان سكان وأهل المنطقة على موعد مع افتتاح فعاليات هذه التظاهرة التراثية الثقافية التي ينتظرونها على أحر من الجمر.
عروض إماراتية شعبية جاذبة
لا يكتمل مشهد أيام الشارقة التراثية من دون العروض والفنون الشعبية الإماراتية التي تؤديها الفرق الشعبية الإماراتية، ولا يمكن لزائر الأيام أن يفوت فرصة رؤية هذه العروض الشيقة، والتقاط الصور لها، والسؤال عن أسماء هذه العروض التي كانت وما زالت حاضرة من الزمن الجميل القديم إلى عصرنا الحالي، سواء الأغاني والأهازيج والرقصات الإماراتية التي كان يؤدونها في الأعراس ووسط البحار، وخلال الأيام الماضية جذبت الفنون والرقصات الشعبية الإماراتية العديد من الزوار وعشاق التراث والأصالة، وأُطرب الجمهور الذي أمضى ساعات عدة متنقلاً بين مختلف المواقع في منطقة التراث بقلب الشارقة، ليتابع هذه الرقصة الشعبية أو تلك، كالعيالة والمالد والسومة والطارج والرزيف والعرضة، وفن الأنديما، وغيرها من ألوان الفنون الشعبية الإماراتية التي تعتبر محطة جذب كبيرة وعنواناً رئيسياً في أيام الشارقة التراثية.
وتكاثرت الفنون والرقصات الشعبية الحاضرة في أيام الشارقة التراثية على أيامها، وكان هناك إقبال كبير وملفت من قبل زوار الأيام على تلك الفنون، حيث تشكل واحدة من أهم محطات الجذب للزوار الذين يتنقلون من موقع إلى آخر يلتقطون الصور والفيديوهات التي تسجل لهم اللحظة، وتسجل لهم تلك الرقصات والحركات والأصوات والموسيقى العذبة التي تطرب كل من يسمعها.
وما أن تنتهي وصلة من الوصلات الموسيقية والرقصات الشعبية والأغاني، إلا وتلقى الفرق العسكرية الإماراتية يجوبون مختلف ساحات الأيام لإطراب الزوار بموسيقاهم المميزة وذات الصوت العالي، التي لا يمل الزائر من سماع ألوانها المتنوعة.
افتتاح الأيام في المدام
بحضور الشيخ محمد معضد بن هويدن، وسعادة الدكتور عبد العزيز المسلم، رئيس معهد الشارقة للتراث، وسعادة سلطان بن محمد بن معضد، رئيس المجلس البلدي للمدام، وسعادة سالم الميالة مدير البلدية، وسعادة المستشار سلطان بن بطي المهيري، أمين عام المجلس التنفيذي، وصقر محمد رئيس لجنة الافتتاحات الخارجية، والمهندس بدر الشحي، المنسق العام للأيام، تم افتتاح فعاليات أيام الشارقة التراثية في مدينة المدام بالمنطقة الوسطى.
وتضمن الحفل الذي لاقى تفاعلاً حيوياً لافتاً من الزوار، عروضاً مميزة لفرقة الريايسة الحربية، وعروض الطروش، وافتتاح الأجنحة التراثية المشاركة، ثم تبعها فعاليات المسرح، والتي تضمنت السلام الوطني وآيات من الذكر الحكيم وقصيدة ترحيبية قدمها الشاعر علي الشوين، ثم فقرة الرقصة الشعبية لنادي سيدات الثميد، وبعدها عروض الحرف التراثية والعرس من تقديم جمعية شمل الثقافة والتراث، ثم تبعها أمسية شعرية للشعراء سعيد بن دري الفلاحي والشاعر علي الخوار، قدمها الشاعر والإعلامي علي الشوين، كما قدمت اللجنة عرض تسجيلي لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، تضمن كلمة شكر قدمها مهير بن عبيد الكتبي.
وحضر الحفل أيضاً، سعادة سلطان بن بطي المهيري أمين عام المجلس التنفيذي لإمارة الشارقة، وسعادة سالم محمد النقبي رئيس دائرة شؤون البلديات والزراعة والثروة الحيوانية، وسعادة خميس بن سالم السويدي رئيس دائرة شؤون الضواحي والقرى، ورؤساء المجالس البلدية في الذيد ومليحة والبطائح، وراشد المحيان رئيس مجلس أولياء أمور المنطقة الوسطى.
وتنوعت فعاليات وأنشطة وبرامج الافتتاح والانطلاقة لأيام الشارقة التراثية في منطقة المدام، إلى فقرات عديدة جاذبة، لقيت ترحيباً وتقديراً وإعجاباً من أهالي وسكان المنطقة، وتحرص اللجنة المنظمة للأيام على أن تكون الفعاليات حاضرة في كافة مناطق ومدن إمارة الشارقة، التزاماً بتوجيهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، فمهمة معهد الشارقة للتراث واللجنة المنظمة في هذه التظاهرة الثقافية التراثية الكبرى، تركز على ضرورة العمل على تعريف الجيل الحالي والأجيال القادمة بأصالة الماضي، وتمكينهم من استكشاف ذلك الزمن، بكل ما فيه من عادات وتقاليد أصيلة تعبر عن الموروث الشعبي للأجداد، والمساهمة بشكل أكبر في التعريف بتراثنا، والتأكيد على أهميته وأصالته وضرورة صونه وتقديمه للأجيال الجديدة، والتعرف على الموروث المادي والمعنوي، وخلق جيل يعتز بأصالته، ويبني عليها ويطورها بما يضمن تميزها وديمومتها وتفاعلها مع واقعه وحاضره ومستقبله.
الشعر الشعبي فاكهة الأيام
يلقى الشعر الشعبي وأمسياته الحيوية على مدار الأيام إقبالاً لافتاً من الزوار والجمهور وتفاعلاً حيوياً منهم، وما أن يتم الإعلان عن أمسية للشعر الشعبي حتى تجد الساحات والقاعات تغص بعشاق هذا اللون الإبداعي الذي يطرب لها الكبار والصغار، وبالأمس كانت عشاق الشعر الشعبي وزوار الأيام على موعد مع أمسية شعرية أدارها الشاعر ناصر الشفيري، وتألق فيها الشعراء محمد البادي، ومحمد عبد الله الخاطري، حيث تغنوا بالوطن والقيادة الرشيدة، كما رافق تلك الأمسية عزف على العود من قبل الفنان العماني سيف الرئيسي، وتفاعل جمهور مسرح الأيام في الهواء الطلق مع تلك القصائد الوطنية.
وتبعها أمسية أخرى أدارها الشاعر والناقد علي العبدان، وحلق بها إلى فضاءات زايد الخير، الشاعران الشعبيان محمد بن طريش، وحمدان السماحي، حيث كان عنوان الأمسية قصائد في حب زايد، وتسابق الشاعران الشعبيان في التحليق سوية في حب زايد، فكما عود المقهى الثقافي طوال الأيام السابقة بتنظيم وتقديم أمسيات ومحاضرات عن الشيخ زايد بن سلطان رحمه الله، مؤسس وباني الدولة، وفي مناسبة عام زايد، استمر هذا النهج في المقهى الثقافي، ليكون الجمهور وعشاق زايد والتراث والشعر الشعبي على موعد مع الشاعرين ليقدما شعراً عذباً جميلاً معبراً عن حبهما وحب المجتمع لزايد الخير.
مشاركة مميزة للكويت في الأيام
يمثل التراث الكويتي جزءاً أصيلاً من الموروث المحلي لمنطقة الخليج العربي، ومن هنا فإن وجود عدد من أبناء الكويت ضمن المشاركين في جناح دولة الكويت بأيام الشارقة التراثية، يعد حدثاً مهماً، لما يعكسه من عراقة هذا التراث ذي الجذور العربية والإسلامية بكل ما فيها من حرف تقليدية ومشغولات يدوية بديعة أنجزتها سواعد وأيادي الحرفيين المهرة من أبناء الكويت، الذين مثلت إبداعاتهم بؤرة ثقافية وتراثية مميزة ضمن فعاليات الأيام وركنها الخاص المتواجد في قلب ساحات الأيام.
ويقول إبراهيم عبد القادر، إنه يشارك في الأيام، وهو من دولة الكويت، ومن خلال وجود جناحهم الكويتي سيعملون على إبراز جانب من الموروث المحلي الكويتي، وهو المتعلق بالملابس النسائية التي عرفتها نساء الكويت من قديم الزمن والملابس الرجالية مثل البشت والعباءة وغيرها من الألبسة التي كانوا يرتدونها الأسلاف في السابق، حيث يحول من خلال مشاركته إضفاء لمسة عصرية على هذه الألبسة.
ولفت إلى أنهم يشاركون في هذه النسخة من خلال صناعة المسابح والسفن القديمة التي يقدمونها للزوار على هيئة مناظر خلابة قد توضع في البيوت كتذكار من دولة الكويت، مؤكداً أن الشارقة تعتبر من أهم المدن التي تحتضن التراث وترمي من خلال استقطاب الدول الخليجية إلى تبادل الثقافات التراثية، وعرض ما يتمتع بها الخليج العربي من تراث عريق ونقله للأجيال الحالية والمستقبلية.
وبين عبد القادر أن إعطاء فرصة للدول الخليجية يعطي قيمة مضاعفة للأعمال المشاركة، ويدفع المشاركين إلى بذل أقصى ما لديهم للتعبير عن موروثهم المحلي في هذا الكرنفال التراثي بامتياز.
ورشة أطلس التراث الثقافي في الإمارات
نظم معهد الشارقة للتراث ورشة عمل بعنوان "أطلس التراث الثقافي في الإمارات"، التي انطلقت أمس الأحد في مقر المعهد، وتستمر 3 أيام، على هامش أيام الشارقة التراثية السادسة عشرة، وتستهدف الورشة طلبة معهد الشارقة للتراث، والجامعين الميدانيين في فروع المعهد ومركز التراث العربي، والعاملين في أرشيف التراث الإماراتي، ويحاضر في الورشة الدكتور مجدي السرسي، والباحثة في التراث، فاطمة المغني. وتهدف الورشة إلى تدريب كوادر بشرية قادرة على تولي مسؤولية المشاركة في إعداد أطلس للتراث الثقافي غير المادي بإمارة الشارقة، كنواة لأطلس التراث الثقافي بدولة الإمارات العربية المتحدة، تمهيداً لأطلس الخليج العربي، وقد يكون ذلك دافعاً لإنشاء أطالس التراث الثقافي العربي.
وقال سعادة الدكتور عبد العزيز المسلم، رئيس معهد الشارقة للتراث: "تعكس ورشة أطلس التراث الثقافي في الإمارات، تطلع معهد الشارقة للتراث للتواصل مع الإنجازات المتراكمة المهمة التي تحققت في مجال العمل الأطلسي للتراث الثقافي غير المادي، على الصعيدين الدولي والعربي، والاهتمام بنقلها إلى الباحثين والجامعين الميدانيين في معهد الشارقة للتراث ومركز التراث العربي".
وتابع المسلم، "ارتبطت حركة التراث الثقافي في العالم بالأطالس الوطنية، ويسجل تاريخ الحركة أن الريادة الأولى في هذا المجال كانت على يد فيلهلم منهاردت، في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، الذي اهتم بتتبع الانتشار الجغرافي لعناصر التراث الشعبي".
ولفت رئيس معهد الشارقة للتراث، إلى أن فكرة أطلس التراث الثقافي، أو "أطلس الفولكلور" كما كان يُسمَّى، تقوم على محاولة رؤية عناصر التراث عبر المكان، أو في انتشارها عبر هذا المكان، فالأطلس هو الوسيلة التي تضع يد الباحث على التوزيع المكاني لعناصر التراث الثقافي، وهو الأداة المنهجية الأولى التي يتسلح بها باحث التراث المعاصر – ذو الاتجاه الجغرافي – للكشف عن نوع الانتظام في التوزيع المكاني لعناصر التراث في مكان معين، وتشير المصادر إلى الكثير من التجارب العالمية في إعداد أطالس التراث الثقافي، كالأطلس الألماني والسويسري واليوغوسلافي، وعربياً عرفت المحاولات التمهيدية لإنشاء أطلس الفولكلور المصري الذي ارتبط باسم عالم الفولكلور الألماني هانز ألكسندر فينكلر، ومن المهم في هذا السياق الإشارة إلى المشروع الذي قدمه الدكتور محمد الجوهري بالألمانية تحت عنوان "مشروع أطلس مصري للفولكلور" في ورقة لمؤتمر أطلس أوروبا والدول المجاورة الذي عقد في بون عام 1967.