جار التحميل...
الشارقة 24:
شهد اليوم الأول من الدورة الخامسة والعشرين لملتقى الشارقة الدولي للراوي، الذي ينظمه معهد الشارقة للتراث، محتفياً بيوبيله الفضي تحت شعار "حكايات الرحالة"، سلسلة من الجلسات الحوارية والفكرية التي ألقت الضوء على حضور السرد والذاكرة واللغة في تجارب الرحالة عبر العصور، كما تخلله حكايات قدمها حكاواتية من مختلف الأقطار العربية.
واستضافت الجلسةُ الأولى للملتقى، معالي محمد المر، رئيس مجلس إدارة مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، حملت عنوان "رحلة في الذاكرة والسرد"، تحدث خلالها عن تجربته الطويلة مع أدب الرحلات، مؤكداً أن ما يقدمه لا يقوم على مجرد الوصف أو السرد السياحي، بل هو انعكاس لانطباعاته الخاصة وتفاعلاته الإنسانية مع الأمكنة.
وأوضح المر، أن أسلوبه في التدوين أقرب إلى اليوميات التي تسجل خواطره وحالاته النفسية، معتبراً أن أدب الرحلات الراقي يجمع بين السيرة الذاتية والقصصية، مشيراً إلى أن التصوير الفوتوغرافي فن موازٍ للكتابة، لكنه لا يغني عنها، وتابع أنه يتعامل معه بشغف يقوم على احترام الإنسان، وعدم تصوير الأشخاص من دون استئذان.
ولفت معاليه، إلى أن المكان الواحد قد يلهم قراءات متباينة تبعاً لخلفية الكاتب، مبيناً أنه لا يذهب برحلاته محملاً بأفكار مسبقة، بل يترك لنفسه حرية الدهشة والتعاطف مع الشعوب.
وفي مقارنته بين أدب الرحلات وصناعة المحتوى المرئي عبر المنصات الرقمية، أوضح المر، أن معظم المدونين يكتفون بالتصوير السطحي للأماكن، بينما القلة فقط تضيف قيمة ثقافية تعكس حضارة الشعوب وفنونها، ونوه إلى أن أدب الرحلات ممارسة ثقافية تعكس رؤية إنسانية وجمالية، داعياً الأجيال الجديدة إلى توسيع آفاقهم عبر السفر بما يتجاوز حدود المطاعم والمقاهي، نحو اكتشاف الحضارات والمعالم الإنسانية.
وفي ختام الجلسة، وقّع معالي المر على كتبه الثلاثة في أدب الرحلات، وهي: "حول العالم في 22 يوماً"، و"زنجبار الجميلة"، و"مدغشقر سواحل وقوارب".
من جهته، سلط آدم ناصر، وزير الثقافة في جمهورية المالديف، الضوء على التأثير العميق للغة العربية في تشكيل لغة بلاده الأم "الديفيهي"، خلال الجلسة الثانية من جلسات الملتقى، موضحاً أن التراث العربي أسهم بشكل محوري في بناء مفردات "الديفيهي" وهياكلها النحوية، التي ما زالت مستخدمة حتى اليوم، ما يعكس صلة ثقافية ممتدة لقرون بين المالديف والعالم العربي.
وخلال مخاطبته، زوار الملتقى من الكتاب والعلماء والمهتمين بالثقافة، استعرض الوزير المالديفي، التفاعلات التاريخية بين بلاده والدول العربية، مشيراً إلى أن التجارة والدين والسفر ساهمت في إدخال العديد من الكلمات والعبارات العربية إلى "الديفيهي"، وأضاف أن العربية ليست مجرد لغة دين، بل جسر يربط ثقافتنا وتقاليدنا بالتراث العربي الأوسع، داعياً الجيل الجديد إلى الحفاظ على هذا الإرث اللغوي.
وأكد ناصر، التزام المالديف بتعزيز التبادل الثقافي والحوار، مشدداً على دور اللغة والسرد القصصي في تعزيز التفاهم بين المجتمعات المختلفة، بينما يعزز الملتقى مكانة الشارقة كمركز عالمي للأدب والسرد وحفظ التراث الثقافي، مواصلاً تقاليده في بناء الروابط الفكرية بين الثقافات المختلفة.
وتضمن الملتقى، مجموعة من الفعاليات المصاحبة، شملت جلسات وورش عمل، وسرد حكايات رحالة كبار مثل ابن بطوطة الذين تركوا بصماتهم في التاريخ، بما يعكس روح الاستكشاف والمعرفة التي احتفى بها الملتقى، وسرد ابن بطوطة في صحفه المعروفة باسم "تحفة النظار لغرائب الأمصار وعجائب الأسفار"، ونشأته في طنجة عروس الشمال في بيت راغد بالوفرة والرخاء، بعيداً عن الحاجة، مسلطاً الضوء على رحلته المليئة بالدهشة والمعرفة.