ابتكر علماء من جامعة كامبريدج طريقة ذكية وجديدة لتفعيل أدوية السرطان بدقة داخل الأورام فقط، ويعتمد الابتكار على نظام دوائي مزدوج لا ينشّط الجهاز المناعي إلا في موقع الورم، ما يجعله أكثر أماناً وكفاءة مقارنة بالعلاجات التقليدية التي قد تؤثر في الأنسجة السليمة.
الشارقة 24 – وام:
طوّر علماء من جامعة كامبريدج، طريقة أكثر ذكاء لتفعيل الجهاز المناعي لمحاربة السرطان، ما قد يجعل العلاجات أكثر أمانا ودقة.
وركز بحث أجراه العلماء على مسار قوي داخل الخلايا يعرف باسم "STING" محفز معقد جينات الإنترفيرون (STimulator of INterferon Genes complex)، الذي يعمل عند تفعيله كنظام إنذار داخلي، إذ يرسل إشارات تستدعي جهاز الجسم المناعي للهجوم.
وأظهرت الأدوية التي تنشط هذا المسار نتائج واعدة في العلاج المناعي للسرطان، لكنها واجهت حتى الآن مشكلة كبيرة، إذ يمكن أن تسبب إذا تم تنشيطها في الأنسجة السليمة، آثاراً جانبية ضارة وخطيرة أحيانا.
ولحل هذه المشكلة، صمم الباحثون في جامعة كامبريدج نظاما دوائيا ذا جزأين (Two-part 'prodrug' system)، يتكون من مكونين غير ضارين لا ينشطان إلا عندما يلتقيان داخل الورم.
وتم "حبس" أو تعطيل أحد مكونات الدواء بحيث يظل غير نشط حتى يصادف إنزيما محددا موجودا في الأورام يسمى "β-glucuronidase"، وهو نادرا ما يوجد في الأنسجة السليمة، بحيث يتم تحرير المكون المعطل عندما يلتقي بهذا الإنزيم داخل الورم، ليتفاعل مع المكون الثاني، ليشكل الجزءان معاً منشطاً قوياً لمسار "STING"، ما يشغل الجهاز المناعي فقط في مكان وجود السرطان، في حين صممت الجزيئات لتتعرف على بعضها بعضا وتلتصق بكفاءة، لذلك يحدث التفاعل بسرعة وبشكل انتقائي داخل الأورام.
ووصف البروفيسور جونكالو برنارديز، من قسم كيمياء يوسف حميد في كامبريدج، الذي قاد البحث، الذي نشرت نتائجه في مجلة "Nature Chemistry"، النظام قائلا: "هذا يشبه إرسال طردين آمنين إلى الجسم لا يفتحان ويجتمعان إلا عندما يصادفان البيئة الكيميائية الفريدة للورم، والنتيجة هي دواء قوي لتنشيط المناعة يظهر فقط حيث الحاجة إليه".
وأظهرت التجارب المعملية أن المكونين الدوائيين لا يظهران أي نشاط منفردين، لكن عندما التقيا في ظروف مشابهة للورم، تكون المركب النشط وأدى إلى تفعيل "STING" بنجاح بتركيزات منخفضة جدا.
وفي نماذج أسماك الزرد والفئران المهندسة لإنتاج إنزيم "β-glucuronidase"، أصبح الدواء نشطاً حصرياً داخل الأورام، مع تجنب إصابة الأعضاء الحيوية مثل الكبد والكلى والقلب.
ويمثل هذا المستوى من الدقة تقدما كبيرا للعلاجات القائمة على "STING"، التي عانت سابقاً من التمييز بين الأنسجة السليمة والسرطانية، وباستخدام تصميم كيميائي بسيط، حقق فريق كامبريدج تنشيطاً مستهدفاً للجهاز المناعي دون الاعتماد على تفاعلات معقدة أو اصطناعية.
ويعتقد الباحثون أن هذه الطريقة يمكن أن تلهم فئة جديدة من أدوية العلاج الدقيق (precision medicines) تتجاوز السرطان.