جار التحميل...
الشارقة 24:
في زمن تتقاطع فيه مفاهيم الضيافة وتتكرر التجارب السياحية حول العالم، تبرز "مجموعة الشارقة للضيافة" كعلامة فريدة أعادت تعريف الفخامة من منظور محلي، حيث تكون الرفاهية متجذّرة في الثقافة، متصالحة مع الطبيعة، ومؤطرة برؤية تنموية مستدامة تقودها هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق).
تتجاوز قيمة المجموعة الاستثمارية 300 مليون درهم، وتشكل إحدى أبرز المبادرات النوعية ضمن محفظة مشاريع "شروق" في قطاع الضيافة، ما يعكس التزام الهيئة ببناء منظومة ضيافة متكاملة تعزز من مقومات التنمية المستدامة في الإمارة، وتقدم المجموعة تجربة فاخرة مميزة عبر سبعة نُزل متخصصة، تضم 154 وحدة إقامة موزّعة على مواقع مختارة بعناية في بيئات صحراوية وساحلية وتراثية وطبيعية، حيث يعيش الزائر انسجاماً نادراً بين البيئة والهوية الثقافية للإمارة.
ويأتي هذا التوجه استجابةً للنمو المطّرد في قطاع سياحة جودة الحياة على المستوى العالمي، وهي نوع من السياحة يركّز على تعزيز الصحة النفسية والجسدية من خلال أنشطة التأمل، والمشي، والانسجام مع الطبيعة، والإقامة الهادئة، ووفقاً لتقارير معهد العافية العالمي (Global Wellness Institute)، يُتوقع أن يتجاوز حجم الإنفاق في هذا القطاع تريليون دولار أميركي في عام 2025، في حين ينمو قطاع السفر البطيء بنسبة سنوية تبلغ نحو 10%، ويُشجع على التمهّل والانخراط العميق في ثقافة الوجهة، وقد صنّفت مجلة كونديه ناست ترافيلر "السفر البطيء" كأحد أبرز توجهات السفر لعام 2025.
وفي هذا السياق، أكد سعادة أحمد عبيد القصير، المدير التنفيذي لهيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق)، أن مشاريع الضيافة التي تطورها الهيئة تنطلق من رؤية تتجاوز البعد السياحي التقليدي، لتكون جسوراً حية بين الزائر والمكان، تحفظ التراث، وتعيد تقديم الهوية بأسلوب معاصر، وقال: "نُصمّم الضيافة في الشارقة لتكون امتداداً للطبيعة وروح المكان، إذ حرصنا منذ البداية على أن تعكس كل وجهة من وجهات مجموعة الشارقة للضيافة خصوصية موقعها الجغرافي والبيئي والثقافي، لتمنح الزائر تجربة إقامة متكاملة تنبض بأصالة المكان وتفاصيله".
وأضاف: "لقد وفّر التنوع الطبيعي الفريد في إمارة الشارقة، من رمال الصحراء إلى جبال الشرق وسواحل الخليج، بيئة ملهمة لإنشاء مشاريع ضيافة تتناغم مع خصائص كل موقع، ومن هذا المنطلق، جاءت المجموعة كمشروع استراتيجي يجسّد هذه الرؤية، من خلال تصميم كل نُزل بما يعكس روح المكان، ويُقدّم للزائر تجربة غنية بالتفاصيل الثقافية والطبيعية في آنٍ معاً".
يقدّم "نُزُل الفاية" تجربة إقامة فاخرة في قلب صحراء مليحة، ضمن مبنيين تاريخيين من ستينيات القرن الماضي، كانا يضمان عيادة ومتجراً وأول مضخة وقود في الدولة، يضم النُزُل خمس وحدات سكنية تطل على الكثبان الرملية، ويوفر لضيوفه مطعماً عصرياً ومسارات استكشافية توثق روح الصحراء.
وفي كلباء، يقع "نُزل الرفراف" وسط محمية أشجار القرم، التي تديرها "ِشروق" بالتعاون مع "هيئة البيئة والمحميات الطبيعية"، ويوفّر 40 خيمة فاخرة بإطلالات بحرية، ضمن بيئة مستدامة ومثالية لمحبي الطبيعة، أما "نُزل القمر" في مليحة، فيُعد من أبرز الوجهات للتخييم الفاخر، حيث يجمع بين القباب والخيام الفندقية، ويضم 10 خيام ذات سقوف مقببة و6 خيام فاخرة، ضمن منتزه مليحة الوطني، أحد أهم المعالم البيئية والأثرية في الإمارة، وفي قلب البداير، تقدّم "واحة البداير" تجربة فريدة تمزج بين الضيافة الأصيلة وروح المغامرة، من خلال 46 وحدة إقامة تجمع بين الراحة والفخامة.
وتضم المجموعة أيضاً نُزل متميزة حظيت باهتمام دولي نظراً لتفرّد مواقعها وتنوّع أنماط الإقامة فيها، من بينها "نجد المقصار" في خورفكان، الذي يقع في منطقة "وادي وشي" التاريخية التي تتميز بنقوش صخرية يعود تاريخها لأكثر من 2000 سنة قبل الميلاد، تضم المرحلة الأولى سبع وحدات سكنية فاخرة ذات طابع تراثي تطل على الجبال، يعود تاريخ إنشائها لأكثر من 100 عام، وتم ترميمها ضمن مشروع أوسع لتأهيل المنطقة، بالتعاون مع هيئة تنفيذ المبادرات وتطوير البنى التحتية في إمارة الشارقة "مبادرة"، وتتضمن مسارات تتيح للضيوف الوصول إلى الحصن العلوي الذي تم بناؤه قبل 300 عام بالإضافة إلى مسار جبلي خاص يتيح للنزلاء الوصول إلى سد الرفيصة.
أما "نُزل الرياحين" في مدينة خورفكان، فيُعد من المشاريع السياحية الفاخرة التي تعكس الطراز المعماري التراثي للمنازل الإماراتية، حيث تم ترميم وتجديد 19 منزلاً بالتعاون مع معهد الشارقة للتراث، من بينها أكبر منزل ضمن الموقع، والذي كانت تعود ملكيته سابقاً إلى عائلة المشتغل، وتم تخصيصه ليكون المرفق الرئيسي للضيافة، ويضم مطعماً متكاملاً وساحات خارجية مزروعة بأشجار النخيل ونباتات الريحان، ليقدم تجربة إقامة تنسجم مع هوية المكان وتاريخ المنطقة.
وتستعد "شروق" لإطلاق مشروع "رحّال" في الربع الأخير من عام 2025، وهو نُزل صديق للبيئة يقع بين جبال كلباء ووديانها بالقرب من محمية كلباء الطبيعية، ويضم 20 مقصورة فاخرة تعمل بالطاقة الشمسية، مصنعة محلياً، مما يدعم الشركات المحلية، ويقدم حلولاً عالية الجودة تمنح الزوار تجربة تامة من الانسجام مع عناصر الطبيعة والابتعاد عن صخب الحياة اليومية، واتخذت "شروق" تدابير شاملة لحماية الوادي، وضمان عدم تأثير المشروع على النظام البيئي المحيط، إلى جانب تطبيق إجراءات وقائية من الظواهر البيئية كالأمطار، والحد من أي آثار بيئية محتملة.
تجاوزت استثمارات هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير "شروق" في قطاع الضيافة 850 مليون درهم، وفق تقريرها السنوي الصادر في مايو 2025، ما يعكس التزامها بتحويل الضيافة إلى رافد تنموي يعزّز مكانة الإمارة على خارطة السياحة المستدامة، وبحسب الأرقام الصادرة عن هيئة الإنماء التجاري والسياحي بالشارقة، استقبلت منشآت الضيافة في الإمارة أكثر من 1.6 مليون نزيل خلال عام 2024، بنسبة نمو 11% مقارنة بالعام السابق، فيما بلغت نسبة الإشغال 74%.
كما سجلت الهيئة ارتفاعاً بنسبة 14% في عدد الزوار الدوليين خلال الربع الأول من عام 2025 مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024، وتتوافق هذه المؤشرات مع توقعات نمو سوق السياحة البيئية عالمياً إلى 333 مليار دولار بحلول 2027، مما يعزّز من مكانة الشارقة كمحور رئيسي في هذا القطاع الواعد.
وكانت الشارقة، بفضل رؤية "شروق"، من أوائل الجهات التي تبنّت هذا النموذج، ونجحت في خلق هوية سياحية فريدة تستند إلى الثقافة والطبيعة، وتكمّل في الوقت ذاته استراتيجية الدولة نحو تنويع القطاعات غير النفطية، وتمتد آثار هذه المشاريع إلى ما هو أبعد من العائد المالي؛ فهي توفّر فرص عمل، وتعزّز ارتباط المجتمع المحلي بمحيطه، وتسهم في حماية البيئة من خلال المعمار المستدام والعمليات التشغيلية منخفضة الأثر الكربوني.