شارك الشاعر الدكتور محمد عبد الله البريكي، مدير بيت الشعر في الشارقة، في أمسية شعرية، قدمتها الإعلامية اللبنانية لوركا سبيتي، وحضرها جمهور اكتظ به ملتقى "3" في المعرض، وقرأ البريكي مجموعة من النصوص التي جسدت محبته لإنسانيته وعروبته.
الشارقة 24:
ضمن أنشطة وفعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب الرئيسية، شارك مدير بيت الشعر في الشارقة، الشاعر الدكتور محمد عبد الله البريكي، في أمسية شعرية، قدمتها الإعلامية اللبنانية لوركا سبيتي، وحضرها جمهور اكتظ به ملتقى "3" في المعرض، حيث ذكرت سبيتي في أثناء تقديمها للأمسية: "محمد البريكي شاعر منذ طفولته.. منذ أن كان يسند رأسه إلى حائط وينظر إلى البيوت المتراصة في حارته، رأى ما لم يره الآخرون... الفرح يتمشى في شوارعها الممتدة، وفي صباحاتها ولياليها المقمرة وطيبة أهلها، هذا ما شسع خياله...الذي نبت فيه الشجر والعشب.. وأقام فيه الربيع، وطلعت الشمس حرة مشعة... أصبحت حياته على شكل الحلم، سكنت في روحه روح الشعر ونبت له جناحان.. وحلق إلى الأعلى حيث الوحل أقل واللعبة بلا قساوة... بعين ترى المشاهد من فوق.. الإنسان وقضاياه، الحب ومعانيه، القرى وحيواتها.. وما تنطوي عليه من أشياء يستحيل أن تراها في أي مكان سواها.
وافتتح الشاعر البريكي قراءاته بمجموعة من النصوص التي جسدت محبته لإنسانيته وعروبته منها:
مَوْتٌ يَمرُّ على البُيوتِ عَنيفا
لِيَزيدَ أرْضَ الخائفينَ نَزيفا
مَوْتٌ يُرافِقُهُ الجَحيمُ كَظلِّهِ
يَأتي بطوفانِ الفَناءِ مُخيفا
حتّى الشَّواهقُ وهيَ تَرْفَعُ رَأْسَها
كانَ القَرارُ أمامَها تَجْريفا
ذابَتْ حِجارتُها على أَرْواحِهِمْ
فالعُمْرُ فَرَّ من النزيفِ رفيفا
ذابَتْ وذابوا.. هَلْ نَقولُ: بقاؤهم
تَحْتَ الحِجارةِ لَمْ يَكُنْ تَشْريفا؟
ثم قرأ من قصيدة "لا علم لي" التي تميزت بدهشة لغتها وعمق معناها:
يا أنتِ تختصرينَ قِصَّةَ عاشِقٍ
أدّى صلاةَ العشقِ قبلَ أذانِها
وأذابَ في البُنِّ المُعَتَّقِ ذاتَهُ
فَتَوَزَّعَتْ رُشَفاً على فِنْجانِها
رُشَفاً كأنَّ الأغنياتِ قَدِ استَقَتْ
أوجاعَ هذا البُنِّ من ألْحانِها
وقد طالب الجمهور البريكي الاستمرار بلا نهاية، مما جعله يقرأ نصوصاً أخرى حلقت في فضاء العاطفة الإنسانية، وغلبت عليها نبرته الدرامية في أثناء الإلقاء، فحركت كلماته بجمالياتها الشجون لدى المتلقين ومنها هذا النص:
وقلتُ للأرضِ هذا الكونُ محتفلٌ
بما لديَّ من الألحانِ، فاقتربي
وقرّبي لي الحزانى، كي أهُزَّ لهم
جذعَ الشعورِ فيدنو نحوهُم رُطَبي
وكي أقدّمَ فنجاناً بدهشتِهِ
من الأحاسيسِ مغليّاً على حطبي
ثم قرأ بعض النصوص التي اختزلت الحكمة، فصور من خلالها مشاهد تفاعل معها الذوق الإبداعي نظراً لتمثيلها لحركة الحياة، ضمن أساليب مركبة ارتفع فيها صوت الموسيقى بإيقاعاتها الحميمية.
وقبل ختام الأمسية طالب الجمهور الشاعر محمد البريكي قراءة نصوص شعرية من اللهجة النبطية الخليجية التي تتميز بطابعها التواصلي، إذ احتشدت أبياته التي تلاها على مسامع الحضور - بناء على رغبتهم الجارفة - بموسيقى من نوع آخر، واتسعت دائرة الصورة بما يجسد تراكماته المسكونة بصفاء الشعر النبطي ورمزيته العالية التي استجاب إليها الجمهور سريعاً نظراً لحساسيتها الجمالية، ومن ضمن ما قرأ:
جتني وكان الجو عندي امعكّرْ
ومن شفتَها جيش الأماني عسْكَرْ
حطّتْ لي الشاي وْجِفَتْني بضحكه
سألت: هذا الشاي.. وين السّكّرْ؟
قالت وهي تدري بأني أمزحْ:
كاهو عيوني.. خَلْ عنْكْ المنكرْ
الجدير بالذكر أن البريكي شارك مؤخراً في منتدى الشعر العربي الذي نظمته أكاديمية الشعر العربي بالمملكة العربية السعودية ببحث حول "الشعر العربي.. الدور والمكانة والصورة"، سلط فيه الضوء على دور الشعر العربي قديمه وحديثه، واختلاف أدواره بشواهد شعرية عبر عصور الشعر العربي المختلفة.