خاض العديد من السودانيين، رحلة شقاء مضنية، هرباً من النزاع في بلدهم إلى مصر المجاورة، حيث وجدوا تحديات روتينية وبيروقراطية، لكن أيضاً أشخاصاً يهتمون بهم ويوفرون لهم المأوى والغذاء، إذ يجمع البلدين العربيين الجارين، العديد من الروابط الأخوية والثقافية والتاريخية، ما دفع السودانيين، إلى اعتبارها بلدهم الثاني.
الشارقة 24 – أ ف ب:
دفعت الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع، العديد من السودانيين، إلى خوض رحلة شقاء مضنية، هرباً من النزاع في بلدهم إلى مصر المجاورة، حيث وجدوا تحديات روتينية وبيروقراطية، لكن أيضاً أشخاصاً يهتمون بهم ويوفرون لهم المأوى والغذاء.
على الحدود وتحت أشعة شمس حارقة، تنتظر مئات العائلات الوافدة من الخرطوم، السماح لها بالعبور إلى مصر، التي تعفي النساء والأطفال والمسنّين من تأشيرة الدخول.
كان البعض بلا جواز سفر، بينما فضّل آخرون ممن يسمح لهم بالعبور، انتظار نيل أفراد عائلاتهم تأشيرة دخول لمصر، حتى وإن تطلّب ذلك الانتظار أياماً.
وأوضحت امرأة سودانية، أنها انتظرت نيل ابن عمّها تأشيرة من القنصلية المصرية في مدينة وادي حلفا بشمال السودان، قبل أن تضطر للعبور من دونه.
وأضافت أحياناً كنت أنام على الأرض وأحياناً في الحافلة، قبل أن تعبر مع خالاتها، لأن ابن عمي ما زال ينتظر، على رغم مرور شهر على مغادرته منزله في الخرطوم.
نتيجة الاكتظاظ أمام قنصلية وادي حلفا، حاول سودانيون، الحصول على تأشيرة دخول من القنصلية المصرية في بورتسودان المطلة على البحر الأحمر، والتي تبعد أكثر من 650 كيلومتراً.
إلا أن الانتقال إلى بورتسودان التي شكّلت نقطة عبور أساسية لعشرات الآلاف ممن فرّوا من السودان منذ بدء النزاع، لا يضمن سير الأمور بشكل أسرع.
ولفت يوسف البشير، إلى أنه انتظر خمسة أيام، مع مئات آخرين لمجرد تقديم طلب الحصول على تأشيرة.
ومنذ اندلاع القتال، وصل إلى مصر أكثر من 132 ألف لاجئ من بين 319 ألفاً، تركوا السودان، وفق منظمة الهجرة الدولية، التي أفادت بنزوح أكثر من مليون شخص داخلياً بسبب الحرب التي خلّفت 1800 قتيل وآلاف الجرحى، وأجبرت الملايين على ملازمة منازلهم، في ظل شحّ الماء والمواد الغذائية وانقطاع الكهرباء والاتصالات.
على الجانب الآخر من الحدود، يوفر الهلال الأحمر المصري، الرعاية لأولئك الذين يتمكنون من العبور، ويوزعون عليهم الماء والبسكويت.
وترفض القاهرة، إقامة مخيمات للاجئين، إذ تفضل السلطات، منحهم حق العمل والتنقل مثلهم مثل المصريين.
وأكد الرئيس عبد الفتاح السيسي، أكثر من مرة أن الوافدين بسبب أوضاع بلادهم، هم ضيوف وليسوا لاجئين.
ويتعين على السودانيين، الذين يعبرون إلى الجانب المصري، شراء تذكرة حافلة للانتقال إلى أقرب مدينة رئيسية وهي أسوان، والتي تبعد نحو 300 كيلومتر شمال الحدود.
وبعد وصولهم إليها، يقبل متطوعون مصريون، للاهتمام بهم، وتقديم الماء ووجبات الطعام الساخنة التي افتقدوها منذ بدء رحلة فرارهم من الخرطوم.
ويوضح المتطوع منصور جمعة، نقدم ثلاث أصناف يومياً على الغداء: الدجاج والمعكرونة والفاصوليا، ويضيف نوزع وجبات على عشرات المنازل أيضاً، مشيراً إلى أنه في بعض الأحيان تجد 8 عائلات في منزل واحد.
وقبل الحرب في السودان، كان أكثر من أربعة ملايين سوداني يعيشون في مصر، بحسب بيانات الأمم المتحدة، إذ يجمع بين البلدين العربيين الجارين، العديد من الروابط الأخوية والثقافية والتاريخية.
ويؤكد أحمد، وهو أحد السودانيين الوافدين إلى مصر، أنها كانت وجهة واضحة، أنها بلدنا الثاني.
وزاد إقبال السودانيين بالتوجه نحو مصر، منذ بدء النزاع في بلادهم.
وأعلن رئيس بعثة منظمة الهجرة الدولية في مصر كارلوس كروز، أن عدد الأشخاص الذين ينتظرون العبور إلى مصر في تزايد، ونوه إلى أن المنظمة الأممية تحتاج إلى 19.9 مليون دولار حتى تمد هؤلاء بالماء والغذاء ومستلزمات النظافة والأدوية، خصوصاً لمن يعانون الأمراض المزمنة مثل السكري.
وأضاف كروز، على المدى الطويل ستظهر احتياجات أخرى بما في ذلك التعليم وسبل العيش.
ويعتقد العديد من اللاجئين السودانيين، أن عودتهم إلى وطنهم، قد لا تكون ممكنة قبل وقت طويل، وحتى عقود من الزمن.
ولفتت موظفة سودانية، إلى أنها أتت إلى مصر لتمضية رمضان في القاهرة، ولكن اندلاع الحرب في الشهر نفسه أجبرها على تغيير الخطط، وأضافت أنها أضُطرت للتفاوض مع المالك على تمديد عقد الشقة التي كانت استأجرتها لمدة 30 يوماً لخمسة أشخاص فقط.
وتابعت الموظفة السودانية، عندما وصلت عائلتي من السودان، أدخلتهم بحلول منتصف الليل بمجرد نوم حارس العقار، لأنه كان هناك 12 فردًا من العائلة والمالك لا يعرف.