تنوعت الأحضان في زلزال سوريا وتركيا، حضنٌ باكٍ وحضنٌ سعيد، حضنٌ مندهش وحضنٌ صامت، ألمٌ ما بعده ألم، ألم يعتصر القلوب، وألسنة تهتف بـ "الحمد لله وما شاء الله"، آباء مكلومون وأمهات يعلو صراخهن حيرة وخوفاً وفزعاً، وأطفالٌ صامتون من هول الأمر، وأطفال يصرخون خوفاً وألماً، ومن بعيد يسمعون "الحمد لله وما شاء الله".
بين يا أمي وأَنّي "anne"، تعالت الصرخات بحثاً عن الأم والأب والأخ والأخت والابن والابنة والرفيق، وتأتي البشرى بالعثور على أحدهم، ويحزن القلب على من لم يجدوا له أثراً، وعلى رضيع أُخرج من تحت الأنقاض وحيداً بدون أمه، تكاتفت الأيدي والقلوب والمذاهب والدول لإنقاذ هذه الأمة، وفي كل لحظه ما زالت "الحمد لله وما شاء الله"، هي أساس الراحة لكل من تألم وخاف وأرهقه البحث.
درسٌ عظيم نراه بأعيننا، مواد مرئية ومسموعة تصلنا من كل حدب وصوب تؤلمنا، نبكي معها وندعو لأصحابها أن يفك حيرتهم ويهون عليهم، درس مخيف ومؤلم ومحزن في نفس الوقت، الموت قاب قوسين أو أدنى، فلنُعود أنفسنا على شكر النعم والتنازل عن مالا يليق بنا، والتمسك بعباداتنا، وربط ألسنتنا عن الغيبة والكذب، فلنرحم الفقير والصغير، ولنسعد من نحب ونتوكل على الله، والحمد لله.
الطبيعة خلق من خلق الله، ولكنها دروس.