الشارقة 24:
نظم معرض الشارقة الدولي للكتاب 2022، جلسة حوارية بعنوان "الاستعراب الأفريقي"، التي جمعت عدداً من المتخصصين في اللغة العربية من غرب أفريقيا، لتعريف الجمهور بعمق الروابط الثقافية للكثير من الشعوب الأفريقية على الحضارة العربية الإسلامية على مر العصور.
وشارك في الجلسة، الدكتور ثاني عمر موسى، الأكاديمي وعميد كلية الدراسات العربية السابق بجامعة أوسمانو دانفوديو (عثمان بن فودي) بمدينة سوقطو- نيجيريا، الذي ابتدأ حديثه بشرح مصطلح الاستعراب وجذره اللغوي، والفترة التي بدأ فيها استخدامه في الدراسات والأبحاث العلمية المختلفة، مبرزاً مظاهر انتشار اللغة العربية في العديد من دول أفريقيا جنوب الصحراء، منهم: مالي والسنغال ونيجيريا، وتاريخ توسع الحضارة العربية فيما عرف قديماً ببلاد السودان، سواءً كنتيجة للرحلات التجارية، أو عبر الدعوة الإسلامية.
للدلالة على عمق الاتصال بين الحضارات العربية والأفريقية، ذكر موسى أمثلةً من بينها رحلات الأديب والفقيه الشافعي جلال الدين السيوطي، في الداخل الأفريقي، بجانب انتشار الطرق الصوفية من شمال القارة نحو الجنوب، خاصاً بالذكر رحلة الشيخ محمد بن عبد الكريم التلمساني.
وأضاف موسى: "نحن في أفريقيا نتمتع بحضور الثقافة العربية، التي وصلت إلينا وتبنيناها". مستشهداً بإنجازات الشيخ والفقيه المالكي عثمان بن فودي، الذي أسس دولة الفولاني المعروفة بخلافه سوقطو، في القرن التاسع عشر، ناشراً للغة العربية التي كانت لغة التخاطب، والبلاط، والدواوين، وما نجم عن ذلك من ازدهار الحركة العلمية.
وعلى النسق نفسه، واصل البروفيسور عبد القادر ميغا رئيس فرع جامعة الوفاق الدولية في مالي، في معرض شرحه عن التأثير الكبير للثقافة العربية على مجتمعات غرب أفريقيا المسلمة، مستشهداً بالعديد من المفردات ذات الأصل العربي في لغات القبائل المحلية، كالهوسا والفولاني والسونغاي، التي وصلت لمرحلة كانت تكتب فيها لغاتهم بالأبجدية العربية.
ونسب المتحدثان الانحسار الكبير للغة العربية منذ مطلع القرن العشرين إلى الاستعمار الأوروبي، الذي مارس سياساتٍ إقصائية حدت من استخدام اللغة العربية، في مقابل اللغات الإنجليزية والفرنسية، التي باتت لغات رسمية لأغلب الدول الأفريقية بعد الاستقلال، فيما باتت اللغة العربية مواجهة بالكثير من التحديات للحفاظ عليها، وعلى تراثها في غرب أفريقيا.
واتفق المتحدثان، على أهمية الجهود التي من شأنها نشر اللغة العربية وتعزيزها في أفريقيا، مشيدين بالمشاريع الرائدة في دولهم من قبيل "قرية اللغة العربية" في مدينة مايدوغوري بشمال شرق نيجيريا، بجانب العديد من المنظمات والجمعيات كجمعية معلمي اللغة العربية للدراسات الإسلامية. مؤكدين على ضرورة دعمها، الذي تبشر مشاركاتهم في الفعاليات العربية، كمعرض الشارقة الدولي للكتاب، في استمرارها.