ناقش ملتقى أديبات الإمارات بدورته السابعة، في ندوة عقدت بمجلس كلباء الأدبي تحت عنوان "الأدب الإماراتي والعالم"، الحضور العالمي للأدب المحلي، وعوامل تحقيق ذلك.
الشارقة 24:
تواصلت جلسات ملتقى أديبات الإمارات في دورته السابعة، والذي نظمه المكتب الثقافي والإعلامي بالمجلس الأعلى لشؤون الأسرة في الشارقة، لمدة أربعة أيام، تحت شعار "الأدب.. والذكاء الاصطناعي"، بمشاركة نحو 25 أديبة وشاعرة إماراتية.
وفي هذا الإطار، عقدت بمجلس كلباء الأدبي ندوة بعنوان "الأدب الإماراتي والعالم"، شاركت في تقديم أعمالها الكاتبة والناقدة الدكتورة مريم سالم بيشك، تخصص اللغويات، وعضو سابق بالمجلس الاستشاري لإمارة الشارقة، وكذلك الكاتبة والناقدة الدكتورة بديعة خليل الهاشمي، عضو الهيئة التدريسية بجامعة الشارقة، تخصص الأدب والنقد الحديث، وأدارت الجلسة الإعلامية عائشة عثمان، مشيرة في مستهل حديثها إلى أهمية مثل هذه الملتقيات لإيجاد ساحة أدبية لتبادل الخبرات بين مبدعات إماراتيات.
وأضافت عثمان، أن ملتقى أديبات الإمارات طوال دوراته السابقة ووصولاً إلى اليوم، واكب العديد من القضايا الأدبية والثقافية المتعلقة أساساً بما تنتجه المرأة من إبداعات، وكذلك بما يثار من أسئلة حول علاقة الأدب بالحياة، ناقشت هذه الندوة عدة محاور أهمها، تحقيق الذات المحلية في الأعمال الأدبية، هل هي باب للعالمية؟ وهل الالتزام بمعطيات الفكر الحديث "كالذكاء الاصطناعي"، ضروري لوصول الأدب للعالمية؟ وغيرها من المحاور.
العالمية.. والبعد القيمي
وأشارت الدكتورة مريم سالم بيشك في مستهل حديثها، إلى مفهوم العالمية كونها صفة ننعت بها الأعمال الأدبية التي تمثل التجربة الإنسانية ذات البعد القيمي والإنساني، والذي من خلال معالجته الأدبية والفنية تهيأ لأن يصبح عالمياً في تقاطعه، وتشاركه في القيم الإنسانية التي هي إرث إنساني للعالم بأسره، وقالت: ولو طلب مني تعريف العالمية سأقول هي "المشترك الإنساني"، وهذا المشترك يتمظهر في ثلاثة أشياء رئيسة القيم الانسانية والوعاء الناقل لهذه القيم، وهي اللغة والمعالجة الأدبية، وخير مثال لعالمية الأدب.
الذات المحلية إلى العالمية
وأكدت بيشك، أهمية تحقيق الذات المحلية في الأعمال الأدبية للوصول إلى العالمية، باعتبارها محطة الشفافية الأولى للتعرف على الذات، مشيرة إلى ثلاث زوايا لتحقيق الذات (الوعي والهوية والإبداع)، الوعي بالذات يحدد خصوصيتنا ضمن العالمية، وهذه نقطة يجب ألا نغفلها لأن بها ترسم هوية أدبنا وبرسم هويتي أستطيع أن أعرف عن نفسي عالمياً، فالوعي بالذات هو قدرة عقلية وعاطفية على فهم النفس وإدراك قيمها الضمنية.
وحول محور هل الالتزام بمعطيات الفكر الحديث (كالذكاء الاصطناعي)، ضروري للوصول بالأدب للعالمية؟ أجابت بيشك، أنه لا هناك الكثير من الأعمال الأدبية التي وصلت للعالمية بالطرق التقليدية العادية، ولكن أهمية الذكاء الاصطناعي هو وسيلة يمكن أن نوظفها لتكون ضمن المقومات التي تساعد على الانتشار العالمي السريع، والذكاء الاصطناعي يأخذ حيزاً في الإبداع، لكنه لن يستطيع إيقاف العقل البشري المبدع بالفطرة، القضية الأساسية تكمن في كيفية توظيفها واعتنائنا بما سندخله كمساند لنا وليس لإزاحتنا.
وعن تجربة الأدب الإماراتي، ودور المؤسسات الرسمية المعنية بالثقافة، ذكرت الدكتور مريم سالم بيشك، بأن المشهد الإبداعي في الإمارات متمثلاً في التجارب الأدبية شكلت منصته انطلاق في المشهد الثقافي العالمي، مشيرة إلى ما شهدته معارض الكتب من نشر وترجمة لروائيين وفنانين وتشكيليين إماراتيين، واستضافتهم في المعارض الدولية مثلت نافذة للاطلاع على موجهات الإبداع العالمي، وفتحت لهم أبواباً لارتياد الإبداع العالمي، وترى بأن المشهد مازال بحاجة إلى توسع دائرة المعرفة الثقافية للآخر، وأن النتاج الأدبي مازال يعاني من نمطية المحتوى.
وأكدت بيشك، ضرورة إيجاد صناعة المساحات والوصول لها والتجمعات الأدبية، وإلى مستوى الأداء الفني للنتاج الأدبي ليكون مستحقاً العالمية، وأضافت: ليست لدينا قائمة مقولبة لكي نصنف النتاج الأدبي على أن مستواه الفني عالمي أولاً، لكن هناك عدة عوامل ومؤثرات أو مقومات يمكنها أن ترسم معالم هذا الأداء "المقومات الذاتية للإنتاج الأدبي، المعالجة الأدبية، الوفرة الأدبية ذات الجودة الفنية العالمية، المتلقي، البقاء والاستمرارية، القدرة على التأثير، القيم والفلسفة الإنسانية، الإلهام والخيال الواسع/ اللغة".
بدورها، عرفت الدكتورة بديعة الهاشمي، مفهوم الأدب العالمي بأنه تلك الآداب الوطنية التي استطاعت أن تبلغ حضوراً عالمياً، بفضل عوامل مختلفة منها: مستواها الفني العالي وتطور وسائل الطباعة والنشر والترجمة وتوفرها كمحتوى رقمي حاضر فاعل على شبكة الإنترنت أو غيرها من المنصات الحديثة.
وصول الأعمال إلى العالمية
وأضافت الهاشمي، أن تحقق الذات المحلية مهمة لوصول الأعمال إلى العالمية، وهو ما تعكسه أبرز الأعمال الأدبية التي بلغت مكانة أدبية كبيرة في العالم، والتي خلدت أسماء أصحابها عبر الزمن.
وأكدت الدكتورة بديعة، على العوامل التي تساعد في وصول الأدب إلى العالمي، وأهمها السمة الإنسانية للأدب واهتمامه بقضايا الإنسان المشتركة، وتمتعه كذلك بالخصائص الفنية العالية، بالإضافة إلى ترجمته إلى اللغات الأخرى، وتوفر الوسيط المناسب الذي ينقله إلى العالم بتلك اللغات المختلفة.
وتناولت الهاشمي أيضاً، دور المؤسسات من حيث العمل والتنظيم، فهي تصب جهودها دائماً في خدمة المبادرات والأنشطة والفعاليات الثقافية والأدبية، وأوضحت نلمس في دولة الإمارات وخاصة في إمارة الشارقة هذا الاهتمام المؤسسي بالشأن الثقافي والأدبي بشكل عام.
وتابعت وفي مجال نقل الأدب الإماراتي إلى العالم، توجد عدد من المبادرات من مؤسسات ثقافية لإيصال الأدب الإماراتي إلى العالم، تتمثل في المشاركة في معارض الكتب العالمية وما يصاحبها من اتفاقيات وندوات حوارية تسهم في التعريف بالأدباء الإماراتيين ونتاجاتهم الإبداعية، بالإضافة إلى ترجمة الإصدارات الأدبية الإماراتية إلى لغات مختلفة.