دشن سعادة الدكتور عبد العزيز المسلم رئيس معهد الشارقة للتراث، أولى فعاليات الدورة الـ19 من مهرجان أيام الشارقة التراثية في المنطقة الوسطى، حيث سيحتضن حصن الذيد قلب الوسطى النابض باقة من الأنشطة والبرامج والمحاضرات التراثية على مدى أسبوع كامل.
الشارقة 24:
وسط أجواء احتفالية ثقافية وتراثية رائعة، افتتح سعادة الدكتور عبد العزيز المسلم رئيس معهد الشارقة للتراث، رئيس اللجنة العُليا المنظمة للأيام، أولى فعاليات الدورة الـ19 من مهرجان أيام الشارقة التراثية في المنطقة الوسطى من الإمارة، حيث سيحتضن حصن الذيد قلب الوسطى النابض باقة من الأنشطة والبرامج والمحاضرات التراثية على مدى أسبوع كامل.
حضر مراسم، الافتتاح سعادة الشيخ محمد معضد بن هويدن، وسعادة راشد عبد الله المحيان، وسعادة خميس بن سالم السويدي رئيس دائرة شؤون الضواحي والقرى، وسعادة الدكتور محمد عبد الله بن هويدن، رئيس المجلس البلدي لمدينة الذيد، وسعادة علي مصبح الطنيجي مدير بلدية مدينة الذيد، وسعادة محمد سلطان بن هويدن، ومطر علي بن هويدن الكتبي، عضو اتحاد الإمارات لسباقات الهجن، ومحمد سالم بن هويدن، مدير معهد الشارقة للتراث فرع الذيد، والدكتور خالد الهنداسي، مدير معهد الشارقة للتراث فرع دبا الحصن، وعدد من كبار المسؤولين في مدن المنطقة الوسطى ورجالاتها وأبنائها.
وفي هذا الإطار، أوضح سعادة الدكتور عبد العزيز المسلم رئيس معهد الشارقة للتراث، أن فعاليات الوسطى تتسم بالفرادة والتميز كونها تعكس البيئة التراثية للبادية بشكل خاص، وينطلق شعاعها الثقافي من حصن الذيد الذي تم إحياؤه بتوجيهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وبتنفيذ من قبل هيئة (مبادرة) - تنفيذ المبادرات وتطوير البنى التحتية سابقاً- وبالتعاون مع المعهد، حيث أعيد تدشينه في حفل بهيج من قبل سمو حاكم الإمارة في فبراير الماضي، ويمثل أيقونة تراثية خالدة في قلوب وذاكرة أهل المنطقة وفي تاريخ الآباء والأجداد، ويحتل أيضاً موقعاً استراتيجياً وتاريخياً مهماً في الذيد.
وأفاد سعادة الدكتور عبد العزيز المسلّم، بأن الأيام الثلاثة الأولى من المهرجان الذي انطلق يوم الخميس الماضي في قلب الشارقة استقبلت ما يقارب 30 ألف زائر، وهو مؤشر يبشر بأن نسخة العام الحالي ستستحوذ على رقم قياسي لمستوى تفاعل وحضور الجمهور للفعاليات في مختلف مناطق الإمارة، منوهاً إلى أنه في هذا الصدد تم توجيه أفرع هذه المناطق بإجراء إحصاء يومي لأعداد الزوار لحصر إجمالي أعداد الحضور والاستفادة منها في الخطط التطويرية المقبلة للمهرجان، كما تم التوجيه نحو ضرورة إدراج عناصر تراثية مميزة في فعاليات كل فرع، وهو ما ينال متابعة مركزية من اللجنة العليا للمهرجان.
وأضاف سعادته، أن الدورة الحالية للمهرجان تشمل مشاركة معارض استثنائية مثل معرض ليتوانيا وفرقها الوطنية التي تحيي ساحة التراث برقصاتها الشعبية الجاذبة من خلال ارتداء ملابس العصور الوسطى، فضلاً عن نقل جانب من الثقافة الكورية من خلال معرض صناعة الملابس من ورق الهانجي وهو عبارة عن أوراق التوت الكوري، فضلاً عن مواصلة استقطاب ومشاركة عدد من الطلاب الأجانب المحبين للغة العربية من إيطاليا وإسبانيا وبعض الطلبة الصينيين المقيمين في الدولة.
وأوضح المسلم، أن أيام الشارقة التراثية نشأت في أروقتها أجيال من شباب وبنات الإمارة وعاشوا مع تفاصيلها منذ أن كانوا صغاراً وشاهدوا كيف تطور المهرجان منذ انطلاقه عام 2003 وحتى الآن، لذا فقد نجح هذا الحدث الثقافي والتراثي السنوي وعلى مدى عقدين في صنع تأثير عميق وشامل ومتنوع في مجتمع الشارقة بشكل خاص وفي الإمارات بشكل عام، وهذا التأثير ينقسم إلى تأثير ثقافي توعوي يرسخ معاني الاعتزاز بالموروث والانتماء للتراث، وتأثير مجتمعي يحفز أفراد المجتمع على صون مفردات التراث ومقتنياته والعادات التراثية في بيوتهم وفيما بينهم، بالإضافة إلى التأثير الاقتصادي، حيث إن الكثير من الشباب والبنات الذين شاركوا في المهرجان اتجهوا لاحقاً نحو تأسيس شركات ومشاريع تجارية خاصة بهم في مجال التراث والموروث الثقافي، كالمأكولات الشعبية والمنتوجات التراثية، بالإضافة إلى المشاريع الصناعية مثل صناعة الأبواب والمنتجات الخشبية والقوارب وغيرها.
تنفيذ المبادرات التطويرية لخدمة أهالي المنطقة الوسطى
من ناحيته، وجه سعادة الدكتور محمد عبد الله بن هويدن، شكره وتقديره لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وسمو الشيخ سلطان بن محمد بن سلطان القاسمي ولي العهد نائب حاكم الشارقة، على جهودهما الكبيرة وتوجيهاتهما السامية نحو تنفيذ المبادرات التطويرية لخدمة أهالي المنطقة الوسطى، وإثراء الحراك العقاري والصناعي في مدنها المختلفة، ومن ذلك تنظيم هذا المهرجان السنوي والذي يمثل متنفساً حضارياً وثقافياً كبيراً لأهل المنطقة وفرصة مثلى لالتقاء الأفراد وتعزيز العلاقات وتبادل الأفكار المرتبطة بالتراث والموروث الثقافي القديم والعادات الاجتماعية وتوثيقها، وتعزيز الانتماء لمفردات المنطقة البدوية التي عاشها الجيل السابق، واستكشاف مكونات الحصن والشريعة، وتعريف أهل المنطقة بها.
وتضمن افتتاح فعاليات المنطقة الوسطى، إجراء جولة للاطلاع على أجنحة الجهات الحكومية المشاركة، والتجول في أروقة حصن الذيد بما فيها من غرف ومخازن وقاعات، وأيضاً فريج البدو، ونموذج العرس قديماً بمشاركة فرقة الذيد الحربية، وجولة في البيئة الزراعية (الشريعة قديماً)، وفي أسواق الحصن والأسر المنتجة.
ومن المقرر، أن تشمل الفعاليات عقد مجموعة من المحاضرات في حصن الذيد ضمن سلسلة البرامج التعليمية والتدريبية المتخصصة، ومنها محاضرة بعنوان (فلج الذيد) للدكتور راشد المزروعي، و"الذاكرة المكانية في المنطقة الوسطى" للدكتور سالم زايد الطنيجي، و"الحياة بين الماضي والحاضر" للدكتور سعيد عبيد بالليف الطنيجي.
حرص أهالي الذيد على المحافظة على هويتهم الأصيلة وتراثهم الجميل
من ناحيته، أكد صقر محمد، منسق افتتاحات المناطق الوسطى للأيام، أن أيام الشارقة التراثية في مدينة الذيد تكتسب أهمية خاصة نظراً لاهتمام سكان المنطقة بالتراث وحرصهم على الاحتفاء بمفرداته وأدواته، ونشره والتعريف به، وغرسه في نفوس الأجيال الجديدة، مضيفاً أن التفاعل مع اليوم الأول من الفعاليات كان كبيراً، يعكس حرص أهالي الذيد على المحافظة على هويتهم الأصيلة وتراثهم الجميل، والمشاركة في الأيام باعتبارها حدثاً سنوياً يجمع الكبار والصغار على حب التراث والتفاعل معه وإبراز ملامحه وتأثيره.
المقهى الثقافي يناقش دور المسرح الإماراتي والعربي في رصد التراث وتوظيفه
وأكدت الجلسة الثالثة، من جلسات المقهى الثقافي لأيام الشارقة التراثية في ساحة التراث، أن المسرح يعد وسيطاً حياً نجح في توظيف التراث واستدعائه على خشبة المسرح للجمهور، وقد شارك في الجلسة كل من الكاتب والمؤلف والمخرج المسرحي عبد الله صالح، والباحث والناقد المسرحي ظافر جلود، والكاتب والناقد المسرحي مجدي محفوظ، وأدارتها الكاتبة والإعلامية عبير جلال، حيث تحدث عبد الله صالح عن المسرح الإماراتي وبواكيره الأولى في منتصف القرن الماضي، مؤكداً التأثر الكبير من المسرحيين والكتاب الإماراتيين ببيئاتهم التي نشأوا فيها، بما فيها من بيئات بحرية وصحراوية وجبلية وزراعية كانت حاضرة وواضحة في مكونات المسرح الإماراتي شاملة العناوين والنصوص والإخراج والديكور وغيرها، مستعرضاً مجموعة من المسرحيات في هذا الإطار.
وأما ظافر جلود، فجاءت ورقته حول كيفية توظيف التراث في النص المسرحي الإماراتي وعلاقته بالمستقبل، ورصد من خلالها اشتغالات عدد من المسرحيين العرب على آليات توظيف التراث، انطلاقًا من حالات الوعي الفكري والجمالي، لافتاً إلى أن العديد من النصوص والكتابات المسرحية لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، استند على إلمام سموه بكل واقعة تاريخية تناولها، ليرسخ منهجاً فريداً في تأصيل المسرح العربي ومسرحة التاريخ.
واختتمت الجلسة، بورقة مجدي محفوظ حول كيفية توظيف المسرح للتراث، انطلاقاً من بداياته على المستوى العربي في تأصيل التراث الشعبي، من خلال توظيف يتسم بالحنكة والقدرة الإبداعية الكبيرة، في استلهام التراث ونقله إلى الحاضر ومن ثم ربطه بالمستقبل.
الموروث الثقافي وإشكاليات مقاربته
وعقد جناح البيت الغربي، ضمن سلسلة البرامج التعليمية والأكاديمية المقررة في المهرجان، محاضرة للدكتور صالح هويدي الأستاذ بمعهد الشارقة للتراث، والمتخصص في النقد الأدبي، تحدث فيها عن الموروث الثقافي وإشكاليات مقاربته.
وأشار هويدي في المحاضرة، التي أدارتها الدكتور بسمة كشمولة نائب المدير الأكاديمي والمدقق الداخلي المعتمد في إدارة التراث الثقافي بالمعهد، إلى أن المفكرين العرب لم ينجحوا إلى الآن في إيجاد رؤية واقعية علمية دقيقة لمفهوم التراث، بل توزعوا إلى مقاربات مختلفة حالت دون تواؤم هؤلاء المفكرين والأمة العربية في هذا الجانب.
وذكر المحاضر، أن هؤلاء المفكرين انقسموا في سياق ذلك إلى اتجاهات ثلاثة أحدها المحافظ الذي يكتفي بالماضي واستعادته واستنساخه بطريقة متطرفة تحنط التراث دون تجديد أو تطوير، والثاني موقف غربي منقطع عن التراث دون اعتراف بجذوره وأثره في تطوير الأمم والمجتمعات، ومن ذلك الدعوة إلى نظرية قتل الأب للتخلص من المثال أو النموذج المعيق للتطور، والثالث معتدل يحاول تناول التراث بطريقة وسطية بين الموقفين، رغم التناقض الشديد الذي يجعل من الجمع بينهما على أرض الواقع مسألة في غاية الصعوبة بسبب الاختلاف في تفسير وتحليل الأحداث والوقائع التاريخية.
ودعا هويدي، إلى ضرورة العمل والاتفاق بين المفكرين العرب على مقاربة تنضج لنا مفهوماً جديداً للتراث، وعدم الركون إلى دعوى ترك مفهوم التراث لسياقه القديم دون نبشه.
التراث العربي يحتفي بتجربة زكريا الحجاوي في الفن الشعبي
من جانب آخر، احتفى جناح التراث العربي بتجربة الروائي والصحافي زكريا الحجاوي، وهو أحد رواد الفن الشعبي والكتابة المسرحية المصرية، من خلال الجلسة التي تحدث فيها المخرج والممثل الأستاذ محمد غباشي، مستعرضاً معالم تجربة وأبرز إنجازات الحجاوي في مجال تقديم التراث والموروث الشعبي الشفهي في مصر العربية في فترة الستينات والسبعينات من القرن الماضي.
وأوضح غباشي، أن الحجاوي أثرى المجتمع المصري والعربي على حد سواء بصنع وإظهار نماذج شعبية ملهمة في هذا المجال، منهم الفنان والمطرب الشعبي محمد طه، وحسني أحمد حسن، وخضرة محمد خضر.
وأضاف غباشي، أن التجربة الناجحة للحجاوي تميزت في بحثه الدؤوب عن المصادر الشعبية في القرى والمناطق النائية في مصر وبالتنسيق مع الحكومة المصرية، والعمل لإشهارهم، فضلاً عن الجانب البحثي والتأليفي والصحافي لتجربته.
توقيع كتاب "محاورة التراث والحوار مع الآخر" للدكتور صالح هويدي
وشهد جناح المقهى الثقافي، مراسم توقيع كتاب (محاورة التراث والحوار مع الآخر) للدكتور والناقد الأدبي صالح هويدي، وهو من إصدارات معهد الشارقة للتراث، وبحضور مجموعة من محبي النقد الأدبي والمهتمين بالجانب الفكري والفلسفي للتراث.
وسعى الكاتب في هذا المؤلف، إلى إيجاد تفسير لعدم نجاح العرب من بين شعوب العالم في تقديم تراثهم على نحو منسجم واضح ومفهوم لأجيالهم الناشئة، وصعوبة الخروج من شراك عقدة الاختلاف التي جعلت المفكرين يتمايزون في نظرتهم لهذا التراث العريق بأسلوب عزز الفرقة فيما بينهم بدلاً من الاجتماع الخلاق.
المدرسة الدولية للحكاية.. نافذة قصصية مدهشة للأطفال
وتعتبر المدرسة الدولية للحكاية التابعة لمعهد الشارقة للتراث، أول مدرسية رسمية في العالم تتبع لجهة حكومية، وقد افتتحت في فبراير 2019، وأصبحت تحقق نجاحات متسارعة في مجال حفظ التراث الشفوي عبر ربط الأجيال بفن الحكي والقص الشعبي بما فيها من موروث وأدب وفنون الأداء التعبيري المعتمد على الكلمة.
وتمثل المدرسة، نافذة يومية جاذبة للأطفال في فعاليات أيام الشارقة التراثية، من خلال الحكائين والقوالين والكتاب الشعبيين المشاركين في الأيام عبر برنامج حافل على مدار أيام المهرجان.
وفي هذا الجانب، أوضحت هدى النابوده مديرة المدرسة الدولية للحكاية بالمعهد، أن المدرسة تقدم في المهرجان مجموعة من الورش وسرد الحكايات بشكل مبسط ومفيد للأطفال واليافعين ومحبي الحكايات وبما يخدم شعار المهرجان هذا العام "التراث والمستقبل"، بحيث تختتم كل حكاية بنقاش بين الأطفال في كيفية الاستفادة من التراث لحل مشكلات اليوم، يليه أداء أعمال فنية توضح العلاقة فيما بينها.
وقد استهلت فعاليات الجناح، بمشاركة الحكواتية البحرينية المبدعة أميرة الزرقاوي وعلى مدى ثلاثة أيام والتي تناولت موضوع الاستدامة والحفاظ على البيئة وباللغتين العربية والإنجليزية، من خلال المحافظة على النخلة كمثال للاستدامة يمنح الموارد ويحفظ الحياة.
كما ضمت فعاليات الجناح، عقد ورشة للأستاذ آمنة مبارك، من خلال تعليم المشاركين صناعة القبعات الخاصة بالحكواتيين، وصناعة روبوت تراثي.
وأضافت النابوده، أن جدول البرنامج يشمل عقد ورشة تدريبية على مدى ثلاثة أيام للأستاذ المبدع قاسم سعودي بعنوان: (باب الحكاية)، وسيقوم من خلالها بتعليم مهارات كتابة القصة القصيرة للطفل وهي موجهة للكبار من فئة طلبة الجامعات ومحبي كتابة القصة من عمر 15 سنة فأعلى.
ويتضمن جدول الفعاليات، خلال المهرجان، مشاركة الحكواتية إلهام الحاج بعمل ورش الدمى وسرد حكايات متنوعة للكبار والصغار، وورشة أخرى بعنوان (احكيلنا حكاية) من إعداد وتنفيذ الحكواتي العماني أحمد الراشدي، لتعليم مهارات التحدث وصياغة الحكاية شفويًا، بالإضافة إلى الحكواتي عبد الناصر التميمي بحكايات منوعة ومفيدة.