الشارقة 24 – أ ف ب:
أعادت بنغلادش إحياء قماش النخبة "موسلين دكا"، الذي كان يُنسج من خيوط قطنية رفيعة جداً إلى درجة أن الملابس المصنوعة منه كانت تبدو شفافة في ظروف إضاءة معينة.
وكان في الماضي يُستخدم في ملابس النخب كملكة فرنسا ماري أنطوانيت والروائية الإنجليزية جين أوستن، وكان يدر مالاً وفيراً.
وأفاد المسؤول في الفريق الذي يدير مشروع إحياء الموسلين أيوب علي، "أن أحداً لم يكن يعرف كيف يصنع هذا القماش، إذ أن المعمل الشهير للقطن الذي كان يوفّر الخيوط لم يعد موجوداً".
وكان لتجارة الموسلين دور مهم في جعل دلتا نهر الغانج والأراضي التي تقع فيها بنغلادش اليوم واحدة من أكثر المناطق ازدهاراً في العالم، وفقاً للمؤرخين.
وارتدت أجيال من سلالة المغول التي حكمت الهند في ذلك الوقت قمصاناً من هذا القماش الخفيف، قبل زمن بعيد من إقبال الأرستقراطيين الأوروبيين والنخب الأخرى عليه منذ نهاية القرن الثامن عشر.
ففي متحف الكاتبة الإنجليزية جين أوستن في هامبشاير "إنجلترا" الذي كان سابقاً منزلها، شال من قماش دكا كانت تملكه مؤلفة Pride and Prejudice ويُعتقد أنها طرزته بنفسها يدوياً، أما ملكة فرنسا ماري أنطوانيت فكانت ترتدي ثوباً من الموسلين عندما رسمتها إليزابيت لويز فيجيه لو بران في لوحة تعود إلى عام 1783.
وكانت صناعة الموسلين مزدهرة إلى أن بسطت شركة الهند الشرقية البريطانية نفوذها على دلتا البنغال ليبدأ الاستعمار الإنجليزي للهند.
ولدى حلول الثورة الصناعية، شرعت إنجلترا في إنتاج منسوجات أرخص بكثير، ثم ما لبثت الرسوم الجمركية التي فرضها الأوروبيون أن وضعت حداً لتجارة هذا القماش الرقيق.
وكان لابد للتمكن من إحياء تجارة الموسلين من العثور على أزهار القطن الخاص بصناعة هذا القماش والتي تنمو حصراً بالقرب من دكا.
وذكر عالم النبات منذر حسين الذي تولى إدارة الأبحاث في هذا الشأن مدى 5 سنوات، "أن من غير الممكن نسج الموسلين من دون قطن من نوع فوتي كاربوس، وبالتالي، كان إحياء موسلين دكا يتطلب إيجاد هذا النبات القطني النادر وربما المنقرض".
ودقق فريقه في أبحاث أجراها عالِم الطبيعة السويدي كارل لينيوس في القرن الثامن عشر تتناول علم النبات الأساسي، إضافة إلى وثائق تاريخية أخرى حديثة عن موسلين دكا، سعياً إلى تحديد الزهرة النادرة المنشودة من بين 39 نوعاً برياً أحصيت في كل أنحاء بنغلادش.
وبيّنت دراسات جينية أن النبتة المطلوبة موجودة ضمن ما وجده علماء النبات في مدينة كاباسيا الواقعة شمال العاصمة.
وأوضح حسين أن هذه النبتة مطابقة تماماً، مشيراً إلى أن بعض كتب التاريخ تفيد بأن كاباسيا هي بالفعل أحد المواقع التي نمت فيها فوتي كاربوس.
وزرعت النبتة النادرة في مزارع تجريبية سعياً إلى زيادة محصولها.
وتعد بنغلادش اليوم ثاني أكبر مصدر للمنسوجات في العالم بعد الصين.