في كلمته خلال افتتاح المؤتمر الدّوليّ "اللّغة العربيّة والقيم الإنسانيّة"، أكّد الدّكتور امحمّد صافي المستغانمي، الأمين العام لمجمع اللّغة العربيّة بالشّارقة، أنّ تراث اللّغة العربيّة في مراحل مختلفة يزخر بمحتوى من القصص، والقصائد، والرسائل الّتي تتبنّى القيم الإنسانيّة.
الشارقة 24:
أكّد الدّكتور امحمّد صافي المستغانمي، الأمين العام لمجمع اللّغة العربيّة بالشّارقة، أنّ تراث اللّغة العربيّة في مراحل مختلفة يزخر بمحتوى من القصص، والقصائد، والرسائل الّتي تتبنّى القيم الإنسانيّة، والأخلاق الرّفيعة وترسّخها في المجتمعات، وأنّ الأجيال الشّابة بحاجة إلى الاطلاع على هذه النماذج، والكنوز الّتي تحفل بها المكتبة العربيّة.
جاء ذلك خلال كلمته في الجلسة الافتتاحيّة للمؤتمر الدّولي الأوّل لجامعة محمّد بن زايد للعلوم الإنسانيّة في اللّغة العربيّة، الّذي نظّمته الجامعة عبر تقنية الاتصال المرئي على مدار يومي 22 و23 من الشّهر الجاري، تحت عنوان "اللّغة العربيّة والقيم الإنسانيّة".
وشارك في الجلسة، الّتي أدارها معالي الدّكتور محمّد نوح القضاة، وعدد من الأكاديميّين والباحثين والمفكّرين، وتناولوا مظاهر الخطاب الإنسانيّ في تراث اللّغة العربيّة ومفرداتها، وثقافة شعرائها وعلمائها الّذين أثروا بنتاجهم الأبعاد والقيم الإنسانيّة في لغة الضّاد.
وشكر الأمين العام لمجمع اللّغة العربيّة بالشّارقة في كلمته جامعة صاحب السّموّ الشّيخ محمّد بن زايد للعلوم الإنسانيّة على اللّفتة الطّيّبة، مشيراً إلى أنّ أهميّة المؤتمر تتجسّد في كونه ينظر إلى اللّغة العربيّة من موقع دورها في إشاعة القيم الإنسانيّة.
واستعرض الأمين العام لمجمع اللّغة العربيّة بالشّارقة، في سياق كلمته نماذج من كنوز المكتبة العربيّة الّتي خدمت القيم الإنسانيّة، واتّخذ من محتوى "مجلّة الرسالة"، لصاحبها أحمد حسن الزّيّات، مثالاً على ثراء اللّغة بموضوعات تعبّر عن القيم الإنسانيّة والمبادئ والأخلاق السامية، من خلال أقلام كبار الكتّاب والأدباء العرب، أمثال عباس محمود العقّاد، ومصطفى صادق الرافعي، ومصطفى لطفي المنفلوطي.
وأشار إلى أنّ كتابات تلك القامات الأدبيّة كانت تغرس القيم لدى الجيل الّذي عاصرها، وأنّ أثرها يمتدّ إلى وقتنا الحاضر، لافتاً إلى أنّ مختلف شرائح المجتمع كانت تتفاعل مع القصائد والقصص والرسائل الّتي تبدعها أقلام كبار المؤلّفين، فاستحقّت "مجلّة الرسالة" بما تحويه من الآداب والعلوم أن تحتلّ مساحةً مهمّةً في المكتبة العربيّة، وأن يعود إلى مجلّداتها الخمسين من يرغب في الاطّلاع على جانب من التاريخ الإبداعيّ العربيّ الحديث.
وتناول في كلمته أيضًا افتتاحيّات المجلّة وغيرها من المواد القيّمة الّتي تناولت موضوعات واكبت الكتب الّتي كانت تنشر في تلك الآونة، ونشرت الكثير من التّراجم للأعلام الكبار.
وقال: "ما أحوج الأجيال الجديدة إلى قراءة تلك التّراجم للاطّلاع على سير العلماء الكبار وجهودهم، فالشّعراء والمبدعون هم من يحملون القيم الإنسانيّة، كأمثال الشّيخ البشير الإبراهيمي الّذي أصدر في الجزائر (مجلّة البصائر)، وكان بديعًا في أدبه مدافعًا عن الحرّية في مقالات تحثّ الأجيال على طلب العلم".
وأضاف: "للشّيخ الإبراهيمي رسالة شهيرة إلى أبناء العروبة الدّارسين في (جامع الزيتونة)، تقطر عذوبةً وجمالاً، ومنها قوله: إنّكم يا أبناءنا مناط آمالنا، ومستودع أمانينا، نُعِدُكم لحمل الأمانة وهي ثقيلة، ولاستحقاق الإرث، وهو ذو تبعات وذو تكاليف، وننتظر منكم ما ينتظره المدلج في الظّلام من تباشير الصّبح".
ونقل الدّكتور امحمّد صافي المستغانمي على لسان الشّيخ البشير الإبراهيمي أيضًا نصيحته لطلبة العلم: "إنّكم لا تضطلعون بهذه الواجبات إلّا إذا انقطعتم لطلب العلم وتبتّلتم إليه تبتيلا، وأنفقتم الدّقائق والسّاعات في تحصيله، وعكفتم على أخذه من أفواه الرّجال وبطون الكتب، واستثرتم كنوزه بالبحث والمطالعة، وكثرة المناظرة والمراجعة، ووصلتم بطلبه سواد اللّيل ببياض النّهار".
وقال: "إنّ (مجلّة البصائر) كمثال من تراث اللّغة العربيّة ومخزون أدبها الحديث، فيها موضوعات غنيّة ومتنوّعة من حيث القيم، مثل تحبيب الشّباب في الزّواج، وتحذير المجتمع من الطّلاق بلغة جميلة تحثّ على بناء مجتمع ينشأ على الأخلاق والقيم الرفيعة".
ودعا الأمين العام لمجمع اللّغة العربيّة بالشّارقة القائمين على المؤتمر للخروج بتوصيات تحفزّ جميع حملة الأقلام على أن يكتبوا حول القيم النبيلة وترسيخها في المجتمعات، حتّى يقرأ الشباب عن الحرّية والتسامح وحسن الجوار من خلال القصص والقصائد في المجلّات الهادفة الّتي تبني هذه القيم بموضوعاتها أسوة بمجلّاتنا التراثيّة.