اختتم ملتقى الشارقة للسرد، أعمال الدورة السابعة عشرة، التي أقيمت في العاصمة السودانية الخرطوم، تحت عنوان "القصة القصيرة السودانية.. قضايا ورؤى"، وشملت خمسة محاور أساسية، ناقشها، على مدى يومين، أدباء شاركوا في الملتقى.
الشارقة 24:
أسدل ملتقى الشارقة للسرد، الستار على أعمال الدورة السابعة عشرة، التي أقيمت في العاصمة السودانية الخرطوم، تحت عنوان "القصة القصيرة السودانية.. قضايا ورؤى"، وشملت خمسة محاور أساسية، ناقشها، على مدى يومين، أدباء شاركوا في الملتقى.
حضر حفل الختام، سعادة عبد الله بن محمد العويس رئيس دائرة الثقافة في الشارقة، ومحمد إبراهيم القصير مدير إدارة الشؤون الثقافية في الدائرة، وعدد من الكتّاب والمثقفين السودانيين.
وجاء ثاني أيام الملتقى، بالمحور الثالث "ملامح التجريب في القصة القصيرة المعاصرة"، وتحدث فيه: عامر محمد أحمد، وعز الدين ميرغني، ونادر السماني، فيما تولى جمال محمد إبراهيم إدارة الجلسة.
في ورقته المعنونة بـ "مغامرة الكتابة.. مغالبة الواقع"، حاول عامر محمد قراءة تجربة القصة القصيرة السودانية التاريخية ومراحل تطورها، بعيداً عن تأطير قراءة محددة في التعرف على آفاقها ورؤاها وتجربتها وتجريبها.
وقرأت الورقة الخطاب القصصي في تتبع آثار الرواد، ومن كان في مقدمة تأسيس قصة قصيرة من خلال التجريب للخروج من السائد والمألوف.
واختار ميرغني "مراحل تطور القصة القصيرة السودانية من التقليد إلى التجديد" عنواناً لمادته، وتحدث فيها عن بدايات ظهور القصة القصيرة السودانية، والسمات الفنية لقصص البدايات الأولى للقصة القصيرة السودانية، ولغة الخطاب القصصي في قصص البدايات الأولى، إضافة إلى ذلك، تطرق الباحث إلى فترة السبعينات وبدايات التجريب في القصة القصيرة السودانية، ومظاهر التحول والتبدل في المجتمعات السودانية الحديثة، وثورة الشكل والمضمون في نصوص التسعينات وما بعدها.
وأشار إلى أن منتصف السبعينات من القرن الماضي، كانت الفترة التي شهدت بداية التجريب والتجديد في القصة القصيرة السودانية، بسبب عدة عوامل ساعدت في ذلك، وذكر منها: الانفتاح الثقافي على عدة ثقافات ومدارس قصصية مختلفة.
وجاءت ورقة السماني، بعنوان "التجريب في القصة القصيرة السودانية.. رؤية مغايرة"، وتحدثت عن التجريب باعتباره انزياحاً عن المألوف من زاويتين الأولى المقامة العربية، والثانية الاستناد إلى مفهوم الخبر والاخبار في السرد العربي.
وركزت ورقة السماني، على مفهوم التجريب من حيث إنه الاختلاف على الوعي الجمالي السائد في القصة، وناقشت تطوير جماليات السرد من خلال التصوير بوصفه بناءً مشهدياً للحدث القصصي مع الانزياحات اللغوية التي تخدم جماليات النص القصصي.
قراءة ثقافية
وشهد المحور الرابع "القراءة الثقافية للنص القصصي الجديد"، مشاركة أكاديمية من قبل: د. نعمات كرم الله، ود. محمود محمد حسن، ود. محمد مهدي بشرى، فيما تولى محمد الأمين مصطفى إدارة الجلسة.
جاءت ورقة نعمات كرم الله، تحت عنوان "العلامة عبد الله الطيب: رؤية مختلفة للقراءة الثقافية للنصوص"، وتناولت موضوع القراءة الثقافية للنص القصصي الجديد من خلال تتبع الكتابة القصصية في السودان وإبراز طرائقها وتطورها، انطلاقاً من التدوين الأول للقصة وللسرد القصصي المرتبط بالثقافة المحلية.
وركزت الورقة، على دور القارئ في التعامل مع المحتوى السردي، وكيفية تطور تقنيات السرد من جانب الكاتب، وانتقلت الباحثة لمفهوم القراءة الثقافية وشواغله.
وحملت ورقة د. محمود حسن، عنوان "التمرد في القصة السودانية الحديثة.. نماذج، وآراء نقدية"، وتحدثت عن القصة القصيرة السودانية من حيث انعكاسات التطور فيها.
واعتمد البحث، على التحليل والأسلوب الوصفي، متخلياً عن التتبع التاريخي للظاهرة "لأنها تبدت لنا كتغير مفاجئ مباغت أكثر من كونها تراكماً ثقافياً انسيابياَ" كما يقول الأكاديمي حسن.
أما محمد بشرى، فاختار "القصة القصيرة السودانية الحديثة في منظور النقد الثقافي: البحث عن الأبنية الخفية" عنواناً لورقته، وسرعان ما ذهب إلى تعريف النقد الثقافي بقوله: "إن النقد الثقافي هو النقد الذي يسعى لدراسة النص الأدبي باعتبار أن هذا النص لا يولد في الفراغ ولا يعيش في الفراغ كذلك، ويحاول الكشف عن الأبنية المضمرة في سياق النص، ومع كل هذا يسعى النقد الثقافي في جهده إلى التركيز على القيمة الجمالية للنص الذي هو خطاب لغوي لابد أن يتميز بالأدبية، فإذا افتقر إلى هذه الأدبية تحول إلى محض تقرير اجتماعي أو غير ذلك".
المنصات الرقمية
أما المحور الخامس، الذي يتناول موضوع "القصة القصيرة ومنصات التواصل الاجتماعي"، فشارك فيه كل من: عماد محمد بابكر، ومحمد الخير حامد، ومنصور صويم، وأدار الجلسة سيف الدين حسن.
وأوضح عماد بابكر، لقد ألقت المواقع التواصل الاجتماعي بظلالٍ أخرى على الكتابة، منها لغة الكتابة، إذ أن القاموس المستخدم فيها له ما يميزه، كما أن هنالك مصطلحات أدخلتها هذه المواقع على الخطاب اليومي والحياتي الذي تأخذ منه القصة دون شك، وربما كانت المواقع وما يدوّن فيها ويكتب.. جزءاً من نص سردي".
وذكر أثر مواقع التواصل الاجتماعي، على كتابة القصة بتمثلها في التفاعلية التي هي من أبرز سمات المواقع التواصلية، موضحاً أن هذه التفاعلية تخلق نوعاً من الحفز والتشجيع للكتابة، فالكاتب المحترف على التزام دائم مع متابعيه، لكن ربما يغشاه بعض مما يغشى الكتاب من الكسل أو التوقف، فيستنهضه قراؤه ومتابعوه مطالبين بالجديد واستمرار العطاء، وحتى الكاتب النشط يحس بضغط القراء والمتابعين وبتركيزهم على ما يكتب، مما يدفعه لمزيد من العطاء المحترف والاهتمام بما بين يديه من نصوص.
وطافت ورقة صويم "القصة القصيرة ما بعد مواقع التواصل"، على ما سماه أثر مواقع التواصل الاجتماعي على تطور وانتشار القصة القصيرة في السودان، وركزت على تجارب رأى أنها تميزت قصصياً، مستفيدة من طفرة الإنترنت في السنوات الأخيرة.
واعتمد الروائي السوداني في ورقته على تجربة مؤسِّسة، كما يقول "جيل جديد" كأنموذج لعدد كبير من التجارب الشبابية، في الكتابة والنشر على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي والمدونات الجماعية في حقبة ما بعد فيسبوك وتويتر، وانتشارهما الكبير داخل السودان، واعتمادهما كموصلين تواصليين أساسيين بالنسبة للكتاب الشباب من الجيل الجديد أو جيل الألفية.
وتناول صويم، تجربة محسن خالد كنموذج وأضاف يمكنني القول إنه أحد أوائل من أسسوا للانتشار القصصي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وربما يكون أكثر الكتاب القصاصين الذين حققوا شهرة ومقروئية عن طريق النشر في وسائط التواصل فقط دون اللجوء إلى النشر الورقي، في بعض أعماله القصصية المهمة.
وناقشت ورقة محمد الخير حامد، موضوع القصة القصيرة والواقع الافتراضي، وبحثت في العلاقة بين القصة والمنصات الرقمية في السودان، بما في ذلك مواقع التواصل الاجتماعي وبعض التطبيقات، كما سعت الورقة إلى التعرّف على التحوّلات والتأثيرات، وأشكال التوظيف الافتراضي في الابداع والثقافة، وتحليل الكيفية التي تجري بها الاستفادة من المنصات الرقمية.
وذهبت الورقة، إلى التعرّف والتعريف ببعض المفاهيم المتعلقة بموضوع البحث مثل مفاهيم: الإعلام الجديد، أو الإعلام الرقمي، والإعلام البديل، والشبكات الاجتماعية، والعولمة الثقافية، مع تحليل وبحث التأثيرات المتبادلة وإشكاليات الادوار والتوظيف.
وسلّطت دراسة حامد، الضوء على تقييم تأثير المنصات الرقمية في تشكيل وبناء نصوص كتّاب القصة السودانيين، وعلى واقع المقروئية والانتشار، والقدرة على توظيفها من قبل المؤسسات المهمومة بالقصة في السودان، واجتهدت الورقة في معالجة البحث، وهي تقييم تأثيرات منصات التواصل الاجتماعي، ومدى النجاح والقدرة في الاستفادة منها وتوظيفها لصالح القصة بالسودان.